العراق: مؤشرات تهدئة بعد وساطة إيرانية

04 اغسطس 2022
يواصل أنصار الصدر اعتصامهم في المنطقة الخضراء (عبد الله علي/الأناضول)
+ الخط -

تتوالى مؤشرات نجاح مساعي سحب فتيل الأزمة العراقية من الشارع والتركيز على محاولة إيجاد حل سياسي لها، خصوصاً بعد أن بلغ التوتر ذروته بتصعيد التيار الصدري والذي قابله حشد مضاد لتحالف قوى الإطار التنسيقي يوم الإثنين الماضي قبل أن يسحب الأخير أنصاره من الشارع، ليتبين وفقاً لمعلومات حصلت عليها "العربي الجديد" من مصادر سياسية عراقية مطلعة في العاصمة بغداد، أن السبب يعود إلى وساطة تهدئة إيرانية جديدة.

وفيما يواصل رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي منذ أيام جهوده للتهدئة والتهيئة لحوار سياسي، أتى سحب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لأنصاره من مبنى البرلمان أول من أمس الثلاثاء وإقامة الاعتصام في ملحقاته من الحديقة والساحة الأمامية وموقف السيارات الخاص بالنواب ليشكل مؤشراً إضافياً على نوايا التهدئة.

وعرض التيار الصدري صوراً للقاعة التشريعية الرئيسة في البرلمان ومكاتب النواب وقد تم إخلاؤها بالكامل وتنظيف مخلفات الاعتصام، فيما واصل أنصار الصدر أمس لليوم الخامس على التوالي، اعتصامهم داخل المنطقة الخضراء، فيما تتسع دائرة الدعم الشعبي والعشائري للاعتصام.

العامري يؤيد عقد حوار للخروج من الأزمة

كذلك برز أمس إعلان زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري، بعد اجتماع مع الكاظمي، تأييده لمبادرة الأخير عقد حوار شامل للخروج من الأزمة السياسية، مجدداً دعوته إلى التهدئة وضبط النفس.

وقال العامري في بيان إنه "لا حل للأزمة الحالية إلا عبر تهدئة التشنجات، وضبط النفس، والجلوس على طاولة الحوار البناء الجاد". وأضاف: "لذلك نؤيد ما جاء ببيان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي (الإثنين الماضي) بخصوص الأحداث الأخيرة التي تشهدها البلاد، والذي دعا فيه إلى حوار وطني شامل".

العامري: لا حل للأزمة الحالية إلا عبر تهدئة التشنجات، وضبط النفس، والجلوس على طاولة الحوار البناء الجاد

وفي وقت سابق أمس، تداولت وسائل إعلام عراقية مقربة من "الإطار التنسيقي"، معلومات بشأن تخويل قادة التحالف للعامري بالتفاوض مع الصدر للخروج من الأزمة السياسية.

وجاء الإعلان بعد وقت قصير من تداول وسائل إعلام عراقية مقربة من تحالف "الإطار"، معلومات بشأن تخويل قادة التحالف للعامري بالتفاوض مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للخروج من الأزمة على أن تتم الموافقة على أي قرار يتخذه الأول.

بالتوازي مع ذلك، تتسع لائحة القوى السياسية العراقية الدافعة للذهاب إلى سيناريو إجراء انتخابات مبكرة، كحل لإنهاء الأزمة الحالية ومنع تطور الخلافات بين التيار الصدري وقوى "الإطار التنسيقي"، أبرزها تحالف "النصر" بزعامة حيدر العبادي، وتحالف "تقدم" بزعامة رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي، والقوى المدنية من بينها حركة "امتداد" والحزب الشيوعي.

وساطة إيرانية لعدم التصعيد

وحول الوساطة الإيرانية الجديدة، قال قيادي بارز في تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، لـ"العربي الجديد"، إن هذه الوساطة كانت سبباً في إلغاء تظاهرات لأنصار "الإطار التنسيقي"، يوم الإثنين الماضي، ورفع الخيم، على الرغم من تهيئة جمهور "الإطار" لاعتصام مفتوح.

وأضاف أن "الوساطة الإيرانية تقودها شخصيات إيرانية مهمة من طهران، وتستهدف قوى الإطار التنسيقي، وهي طلبت عدم التصعيد مع الصدر، تجنباً لتصرفات غير محسوبة لجمهوره"، وفقا لتعبير المصدر ذاته، الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب ما قال إنها "حساسية الوضع الحالي".

وتابع المصدر أن "الوساطة الإيرانية حتى الآن لم تصل للصدر، بل نجحت في الضغط على قوى الإطار لوقف تصعيدها المضاد الذي كان منظماً من قبل نوري المالكي وقيس الخزعلي بشكل أساس". وأضاف: "كان المالكي والخزعلي يرغبان بأن يكون هناك اعتصام مفتوح أمام المنطقة الخضراء، لكن التدخّل الإيراني منع ذلك تجنباً لحصول أي صدام مع جمهور التيار الصدري المعتصم داخل المنطقة الخضراء"، معتبراً أن الإيرانيين "يسعون في الوقت الحالي لمنع توسع الأزمة، ونجحوا بذلك".

الوساطة الإيرانية حتى الآن لم تصل للصدر، بل نجحت في الضغط على قوى الإطار لوقف تصعيدها المضاد

ورجح أن تتحرك شخصيات إيرانية أخرى غير زعيم "فيلق القدس" الجنرال إسماعيل قاآني باتجاه مقتدى الصدر، بسبب تعثّر الأول في مهمة التفاهم مع الصدر في الأشهر الماضية.

من جهته، قال السياسي المقرب من التيار الصدري مناف الموسوي، لـ"العربي الجديد"، إن "إيران عملت خلال الأشهر الماضية على الضغط على زعيم التيار مقتدى الصدر من أجل أن يتوافق مع الإطار التنسيقي ويشكل حكومة توافقية، لكن هذا ما رفضه الصدر مرات عديدة، وأصر على موقفه بتشكيل حكومة الأغلبية، على الرغم من كل الوساطات الإيرانية وغيرها من القوى العراقية".

وبيّن الموسوي أن "أي وساطة جديدة من إيران من أجل ثني زعيم التيار الصدري عن خطواته الأخيرة لن تنجح، لذا تحركها الآن من خلال الضغط على قوى الإطار التنسيقي من أجل تقديم تنازلات للصدر، وهذا الأمر كفيل بمنع أي تصعيد في الشارع العراقي".

وأضاف الموسوي أن "الصدر حتى هذه الساعة رافض لفتح أي حوار مع قادة الإطار التنسيقي، وما زال يصر على الضغط على تلك القوى من خلال الشارع، خصوصاً ان التظاهرات والاعتصام داخل الخضراء، ليس للتيار الصدري، بل ضمّ جمهوراً عراقياً آخر"، لافتاً إلى أنّ "التأييد الشعبي في تزايد لخطوات الصدر، ولهذا لا يمكن الضغط عليه من قبل إيران او غيرهاً"، وفق قوله.

في المقابل، أكد العضو البارز في "ائتلاف دولة القانون"، فاضل الزريجاوي،‏ لـ"العربي الجديد"، وجود وساطة إيرانية فعلاً، بالقول إن "هناك وساطة إيرانية لإنهاء التصعيد في الشارع وفتح حوار مباشر بين الطرفين".

وأوضح الزريجاوي أن "التدخّل الإيراني الجديد جاء بعد وصول الأمور إلى منحى خطير من التصعيد، خصوصاً أن إيران لها تأثير على المشهد العراقي، وتحديداً داخل البيت الشيعي، ولهذا من الممكن أن تنجح في الوساطة وحل الخلاف الحالي ومنع أي تصعيد".

وأضاف أنه "حتى اللحظة لا توجد أي بوادر لحل الأزمة السياسية بعد الوساطة الإيرانية، وهذه الوساطة تحتاج إلى وقت، ومن الممكن أن تكون هناك حلول مرضية لكل الأطراف السياسية خلال الأيام القليلة المقبلة".

لكن المحلل السياسي أحمد الشريفي، رأى في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "التأثير الإيراني تراجع كثيراً في المشهد السياسي العراقي، لكنه لم ينقطع"، مشيراً إلى أن "طهران لعبت خلال الأشهر الماضية دور الوساطة لحل الخلاف الشيعي - الشيعي على شكل الحكومة وشخص رئيس الوزراء، لكنها لم تنجح في ذلك، كما عملت على الوساطة بين القوى الكردية لحل الخلاف حول مرشح رئاسة الجمهورية وأيضا لم تنجح".

وبيّن الشريفي ان "نجاح الوساطة الإيرانية في ظل التصعيد من قبل التيار الصدري أمر صعب جداً، لكنها قد تنجح بطريقة واحدة وهي دفع قوى الإطار للتنازل لما يريده الصدر".

المساهمون