قوى "التنسيقي" تُخفق في "اختبار" تشريع إخراج القوات الأجنبية من العراق: الانقسام سيّد الموقف

11 فبراير 2024
اتُّفق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف وإنهائها في العراق (فرانس برس)
+ الخط -

قالت مصادر برلمانية عراقية إن جلسة البرلمان التداولية التي عُقدت، أمس السبت، بطلب من القوى الحليفة للفصائل المسلحة، والتي تسعى لتشريع قانون لإخراج القوات الأجنبية من البلاد، تغيّب عنها نصف نواب تحالف "الإطار التنسيقي"، الأمر الذي يكشف عن رغبة كبيرة في استمرار الشراكة مع الجانب الأميركي، وهو ما لم يكن ضمن حسابات المطالبين بتشريع القانون.

واستُهلت الجلسة التداولية بـ "مجلس عزاء" للقيادي في كتائب "حزب الله" العراقية، أبو باقر الساعدي، الذي اغتالته طائرة مسيَّرة أميركية، ليل الأربعاء ــ الخميس وسط بغداد، وهاجم الحضور المتغيبين عن الجلسة من الكرد والسُّنة حصراً، دون غيرهم من قوى "الإطار التنسيقي".

 
ولم يتناسب حضور النواب في الجلسة مع الـ"100" نائب الذين وقّعوا على طلب عقد جلسة لتشريع قانون لإخراج القوات الأجنبية، والذين تغيّب نحو ثلثهم، بحسب ما أكده مصدر برلماني.

وقال المصدر لـ"العربي الجديد"، وقد فضل عدم ذكر اسمه، إن "عدد الحضور لم يتجاوز 76 نائباً فقط، غالبيتهم من الإطار التنسيقي مع نواب مدنيين".

"جلسة شكلية"

وأضاف المصدر نفسه أن "الجلسة كانت محبطة جداً لزعامات ونواب الإطار الذين سعوا لعقدها، خصوصاً مع تغيُّب نحو 60 نائباً من الإطار التنسيقي، وهو ما يكشف عن انقسام خطير داخل التحالف بشأن الملف"، مشيراً إلى أن "النواب الحاضرين حاولوا دعم الحضور وأجروا اتصالات هاتفية من داخل قبة البرلمان مع زملائهم الغائبين، الذين أغلق أكثرهم هواتفهم النقالة".

وبيّن أن "الجلسة كانت شكلية فقط، ومخيبة للآمال".

ولم تكشف الدائرة الإعلامية للبرلمان عدد النواب الذين حضروا الجلسة، واكتفت بإعلان افتتاحها من قبل النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي.

إلى ذلك، لم تخرج الجلسة إلا بطلب من المندلاوي موجه إلى الحكومة لاتخاذ الإجراءات "الدبلوماسية" لحماية سيادة العراق، ودعوتها إلى تنفيذ قرار مجلس النواب لسنة 2020، المتعلق بإخراج القوات الأجنبية وإنهاء مهامها في العراق، بناءً على تطور القدرات الأمنية العراقية، وعدم وجود أي اتفاقية جديدة مع القوات الأجنبية توجب البقاء، وهو ما تعمل عليه الحكومة حالياً في جولات الحوار مع الجانب الأميركي.

إلقاء الكرة في ساحة الكرد والسُّنة 

وعلى إثر ذلك، شنّ نواب وزعامات "التنسيقي" الحليفة للفصائل المسلحة حملة على الكرد والسُّنة، معتبرين أنهم السبب وراء "فشل الجلسة".

وهاجمت النائبة عن "الإطار التنسيقي" حنان الفتلاوي، القوى الكردية والسُّنية، وقالت في تدوينة لها على "إكس": "جلسة نيابية مخصصة لمناقشة الاعتداءات على السيادة العراقية تُقاطعها الكتل السُّنية والكتل الكردية! هل قضية سيادة العراق قضية تخصّ الشيعة فقط؟".

أما النائب عن كتلة "الصادقون"، الممثلة لجماعة "عصائب أهل الحق"، فالح الخزعلي، فقد دعا القوى الشيعية إلى تحمّل مسؤوليتها إزاء الملف، وقال في تدوينة له: "النواب الكرد والسُّنة يرفضون تشريع قانون إخراج القوات الأميركية من العراق، وهذا مخالف للمادتين الـ 1 والـ 50 من الدستور، والوقت ما زال أمامهم للوقوف مع العراق".

وأضاف: "على القوى السياسية الشيعية تحمّل مسؤولياتها.. الحمل يشيله (يحمله) أهله والتطرف بحب الوطن نعمه".

"شراكة عراقية أميركية دائمة"

مقابل ذلك، أكدت رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي، فيان صبري، ضرورة دراسة أي خطوة من قبيل محاولات إخراج القوات الأجنبية قبل أي تحرك لتشريعها، وقالت في تصريح متلفز، مساء أمس السبت، إن "خروج القوات الأجنبية من العراق منوط بالحكومة الاتحادية، مشددةً على ضرورة أن يكون القرار مدروساً بعمق من جانب القيادات السياسية كافة في تحالف إدارة الدولة (الإطار التنسيقي والقوى الكردية والسُّنية)".

وأردفت: "ينبغي للحكومة الاتحادية أن تقوم بدراسة جميع التبعات والتداعيات، وبحسب المهام الدستورية، خاصة أن العراق يحتاج للقدرات العسكرية والاستخباراتية لقوات التحالف"، معتبرة أن "انسحاب التحالف من العراق قد يؤدّي إلى تعقيد الوضع في البلاد مرةً أخرى".

الباحث في الشأن السياسي العراقي غيث التميمي، أكد أن مؤشرات الجلسة نبهت إلى أن أغلب القوى السياسية ضد فصائل المقاومة.

وقال التميمي في تدوينة له: "عدم اشتراك الغالبية العظمى من النواب الشيعة والسٌّنة والكرد والتركمان، وبقية المكونات والكتل، في جلسة التصويت لصالح قرار إنهاء وجود قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، يؤكد أن أغلب القوى ضد المقاومة، ومع الشراكة العراقية الأميركية الشاملة والمستدامة".

ويفترض أن تستأنف اللجنة العراقية الأميركية، اليوم الأحد، أعمالها لمناقشة وجدولة إنهاء مهمة التحالف الدولي في البلاد، بحسب ما أعلنه قبل يومين المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء العراقي.

وأفضت الجولة الأولى للحوار الثنائي بين بغداد وواشنطن، التي عقدت ببغداد في 27 يناير/ كانون الثاني المنصرم، إلى اتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف وإنهائها والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية.