العراق: غارات التحالف بلا جدوى

28 فبراير 2015
مليشيات عراقية تهدد باستهداف الأميركيين (فرانس برس)
+ الخط -

أدت الهجمات الإرهابية التي نفذها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) خلال الساعات الماضية، إلى فرض سيطرته على مناطق جديدة وواسعة في العراق، وسط تراجع ملحوظ للقوات العراقية والمليشيات المساندة لها، وهو ما دفع بمسؤولين وقادة عسكريين عراقيين إلى الاعتراف بعدم جدية الغارات الجوية لقوات التحالف الدولي، على الرغم من مرور سبعة أشهر على انطلاقها. وطالب هؤلاء القادة بالبحث عن بديل للغارات لوقف زحف التنظيم، الذي بدا أن لديه مخزوناً هائلاً من المقاتلين، على الرغم من تكبّده خسائر كبيرة بالأرواح جراء الغارات الجوية التي نفذتها مقاتلات أميركية وفرنسية في نينوى والأنبار.

وتسبّبت هجمات واسعة نفذها "داعش" خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، بسيطرته على المجمع السكني لقاعدة عين الأسد، كبرى القواعد العسكرية العراقية غرب البلاد، مستخدماً 12 انتحارياً فجّروا أنفسهم بواسطة سيارات مفخخة وأحزمة ناسفة، وفقاً لما أعلنته الحكومة المحلية لمحافظة الأنبار أمس الجمعة.

كما تمكّن التنظيم أيضاً من احتلال ثلاث بلدات صغيرة شمال الفلوجة على الطريق الرابط مع مدينة سامراء، إضافة إلى ست قرى متجاورة جنوب تكريت، وسط مقاومة غير مجدية للقوات العراقية والمليشيات التي تساندها، يعزوها القادة العسكريون إلى ضعف التسليح وكثرة العمليات الانتحارية التي يعجزون عن صدّها خلال الهجمات المباغتة لـ "داعش".

وقال مسؤول عسكري عراقي في وزارة الدفاع، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن "غارات التحالف وعلى الرغم من مرور سبعة أشهر على بدئها، لم تُقدّم حتى الآن نتائج مُرضية للعراقيين أو حتى للحكومة، التي اضطرت إلى الرضوخ لكثير من الشروط من أجل هذا التحالف الذي أخذ حجماً إعلامياً ودولياً أكبر من حجمه الحقيقي وما فعله على الأرض".

ورأى المسؤول الذي يشغل رتبة لواء ركن في قاطع عمليات وزارة الدفاع في محافظة الأنبار، أن "المعالجة الجوية من الطائرات لمقاتلي داعش غير مجدية، وهذا ما توصّلنا إليه بقناعة، ونرى في تلك الغارات مجرد إضاعة للوقت"، معتبراً أنه "يجب الاعتراف بعدم قدرة القوات العراقية على تحقيق تقدم سريع أو نصر، فسنبقى ندور بحلقة مفرغة لسنوات أخرى، في الوقت الذي يستنزف العراق فيه قدراته المالية والعسكرية، فضلاً عن سيل الدماء اليومية التي لن تقف عند حاجز معين".

وأوضح الضابط أن "قادة الجيش بصدد الضغط على المؤسسة السياسية في البلاد لبحث تدخّل قوات غربية في العراق لمواجهة "داعش"، ولكي يتم تغليب موضوع أمن ودماء العراقيين على الملف السياسي والسيادي، وهذا ما بدا واضحاً لرئيس الحكومة حيدر العبادي خلال اجتماعه أمس الأول مع قادة وأركان الجيش العراقي".

إقرأ أيضاً: "داعش" ينقل رهائن أجانب من نينوى إلى سورية

من جهته، اعترف الضابط في الفرقة السابعة في الجيش العراقي العاملة غرب بغداد المقدم جابر فرحان، باستحالة وضع نهاية لسيطرة "داعش" على مدن العراق خلال العام الحالي مع بقاء القوات العراقية بمفردها.

وتساءل فرحان، في حديث لـ "العربي الجديد"، "هل ينتظر العالم أن يدخل داعش إلى بغداد على حين غفلة أو ترتدي بيوت العراقيين كلها الأسود؟ فهم لا يُسلّحون القوات العراقية بشكل جيد ولا يتدخلون من السماء بشكل يمكننا من التحرك على الأرض"، مؤكداً أنه "من دون قوات برية أميركية لن يكون بإمكاننا وضع نهاية لسيطرة التنظيم على المدن العراقية هذا العام أو حتى العام المقبل".

وفي السياق نفسه، جدّدت الحكومات المحلية في محافظتي الأنبار ونينوى مطالباتها بتدخل بري سريع للولايات المتحدة في العراق.

وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة نينوى وعاصمتها الموصل، غزوان حامد في حديث لـ "العربي الجديد"، إن "المجلس أقرّ بغالبية أعضائه توجيه طلب رسمي للولايات المتحدة للتدخل برياً، لاستعادة الموصل، فجميع التحضيرات العراقية التي قيل عنها لاستعادة المدينة غير مجدية وهي للاستهلاك الإعلامي".

وأوضح حامد أن "الطلب سيُقدّم للسفارة الأميركية في بغداد، لكن خلال ذلك نتمنى أن يقوم رئيس الوزراء بتقديم طلب رسمي ومباشر للأميركيين بالدخول إلى العراق، وإلا فلن تنتهي هذه الحكاية الدموية".

من جهته، قال المستشار الأمني لمحافظة الأنبار محمد العيساوي لـ "العربي الجديد"، إن "الجميع متيقّن أن لا جدوى من تكثيف التحالف غاراته أو فتح معسكرات تدريب واستقدام مستشارين أو تقديم حفنة من الأسلحة"، معتبراً "أننا أمام احتلال كبير من عشرات الآلاف من مقاتلين عقائديين قرروا الموت أو البقاء على جثث المدنيين، ومن العيب عدم الاعتراف بعجزنا لذا يجب أن يدخل الأميركيون أو أي قوة أخرى فلا خيار آخر".

ووصف قصف طائرات التحالف الدولي جيوب وقواعد تنظيم "داعش" بأنها "مفيدة لكن غير فعالة ولا تساعد على وقفه، كون التجنيد لديه مستمر من كل الدول حتى بات العراق كالإسفنجة التي تجذب الراغبين بالجهاد كما يقولون من كل العالم".

وفي مقابل ازدياد الأصوات المطالبة بالتدخل البري، ترفض أحزاب عراقية موالية لإيران الحديث عن أي تواجد بري أميركي في البلاد لقتال "داعش"، فيما تهدد مليشيات أخرى مموّلة إيرانياً كـ "فيلق بدر" و"أبو الفضل العباس" و"المهدي" و"العصائب"، باستهداف الأميركيين، وهو ما يُشكّل عامل إعاقة لأي خطوة قد يتخذها العبادي لطلب تدخل أميركي بري في البلاد.

المساهمون