العراق: عودة متوقعة للصدريين إلى السباق الانتخابي

24 يوليو 2021
يملك الصدر قدرة على التحشيد الانتخابي (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

مع مرور أسبوع على إعلان زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر انسحاب تياره من الانتخابات المبكرة في العراق، المقرر إجراؤها في 10 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، كشفت مصادر سياسية عراقية عن جهود ووساطات محلية، وأخرى أجرتها شخصيات خارجية، لثني الصدر عن قراره، وسط ترجيحات بعودته إلى السباق الانتخابي، لكن بشكل مشروط، محققاً في الوقت نفسه تفوقاً في الحشد الانتخابي على منافسيه في مناطق الجنوب والوسط. ويأتي ذلك في ظلّ تأكيد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مواصلة استعداداتها لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر بعد أقل من ثلاثة أشهر من الآن بما فيها طباعة قوائم المرشحين وأوراق الاقتراع الخاصة بهم، مشددة على أن باب الانسحاب أغلق، في إشارة إلى قرار الصدر عدم المشاركة في الانتخابات.

دخلت شخصيات مؤثرة غير عراقية، على خط الضغط على الصدر، بحسب مصادر

وكان زعيم "التيار الصدري" قد أعلن، في الخامس من شهر يوليو/ تموز الحالي، في كلمة متلفزة، انسحابه من الانتخابات المبكرة المقبلة، محذراً مما وصفه بـ"مصير مشابه لسورية وأفغانستان في العراق". وقال الصدر: "حفاظاً على ما تبقى من الوطن وإنقاذاً له بعدما أحرقه الفاسدون وما زالوا، نعلمكم بأنني لن أشترك بهذه الانتخابات، وأعلن عن سحب يدي من كل المنتمين للحكومة الحالية واللاحقة وإن كانوا يدعون الانتماء لنا آل الصدر، فالجميع إما قاصر، أو مقصّر، أو يتبجح بالفساد، والكل تحت طائلة الحساب". وختم بقوله: "لست ممن يتنصل من المسؤولية، إلا أن ما يحدث في العراق يقع ضمن مخطط شيطاني دولي لإذلال الشعب وتركيعه وإحراقه".

ولكن قرار الصدر بالعزوف عن الاستحقاق الانتخابي قد لا يدوم طويلاً. وفي هذا الصدد، كشف مصدران سياسيان عراقيان في النجف وبغداد، لـ"العربي الجديد"، أمس الجمعة، عن اتصالات مستمرة تجري بين الصدر وأطراف سياسية مختلفة، ولم تنقطع على الرغم من توجهه إلى لبنان بزيارة خاصة، يوم الإثنين الماضي، ومن قراره الأخير بحل الهيئة السياسية لـ"التيار الصدري".
وأوضح أحد المصادر أن الصدر لم يرد بعد على الدعوات التي حثّته للتراجع عن قراره بعدم المشاركة في الانتخابات، بما فيها اتصالات هاتفية مباشرة معه. وحول هوية المتواصلين مع زعيم "التيار الصدري"، كشف مصدر عن وجود شخصيات وصفها بـ"المؤثرة، غير العراقية، التي دخلت على خط الضغط الحالي على الصدر خلال وجوده في لبنان لدفعه للتراجع عن قرار الانسحاب". ورجّح أن يكون هناك قرار بعودة الصدريين إلى الانتخابات خلال الفترة المقبلة، لكنها عودة "ستكون مشروطة بمسائل عدة، من بينها ما يتعلق بتنظيم عملية الانتخابات وإبعاد الفصائل المسلحة عن دائرة التأثير في مجمل العملية الانتخابية، وإنهاء المحاصصة في تشكيل الحكومة المقبلة". واعتبر المصدر أن القوى السياسية الأخرى في العراق، وحتى تلك المنافسة للصدر في مناطق الجنوب والوسط، ترغب بعودته، كون بقائه في موقع المعارضة خلال السنوات الأربع المقبلة، يعني أزمات وصدامات مستمرة، مع ما يمتلكه الرجل من ثقل شعبي في تلك المناطق.
وقال مسؤول آخر إن موقف المرجع الديني (في النجف) علي السيستاني، "هو مع إجراء انتخابات تتوفر فيها النزاهة، وتكون مقنعة للعراقيين، وبمشاركة كبيرة بما فيها من القوى المدنية المطالبة بالإصلاحات"، مضيفاً أن الاستحقاق الانتخابي المرتقب "قد يشهد خلال الفترة القريبة المقبلة، تبدلاً في موقف الصدر من المقاطعة".

من شروط الصدر للعودة إبعاد الفصائل المسلحة عن دائرة التأثير وإنهاء المحاصصة

وأكد النائب عن تحالف "سائرون"، التابع لـ"التيار الصدري"، رعد المكصوصي، أن "جميع المرشحين للانتخابات المبكرة عن الكتلة الصدرية انسحبوا من الانتخابات"، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هناك مؤاخذات كثيرة على العملية السياسية والخراب الذي حلّ بالعراق بسببها". وإذ قال المكصوصي إن "البيئة تبدو حالياً غير آمنة وغير مجدية لإجراء أي انتخابات"، إلا أنه أضاف أن التحالف "ينتظر رأي الصدر وما يصدر عنه من توصيات جديدة، وقد نشهد تحديثات على هذا القرار خلال الأسابيع المقبلة".
من جهته، اعتبر النائب العراقي باسم الخشان أن إعلان الصدر انسحابه من الانتخابات هو تعليق مؤقت، وأن مسألة عودته "محسومة". وأضاف الخشان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الانسحاب "يمكن اعتباره جزءاً من الحملة الدعائية للصدر ولكتلته، فهو يريد من خلال إعلان هذه المقاطعة إعادة تفعيل وضعه السياسي والانتخابي الذي تراجع كثيراً بعد التظاهرات". وأكد "وجود وساطات من أطراف داخلية وخارجية دخلت على الخط لحثّ الصدر على التراجع عن قراره. إذ ترغب تلك الأطراف بانتخابات ستعيد إنتاج معادلة المحاصصة الحزبية والسياسية نفسها في تقسيم المناصب في الدولة العراقية وتشكيل الحكومة، من خلال هذا لك وهذا لي، للأسف".
كما توقع الخبير في الشأن العراقي أحمد الشريفي نجاح الوساطات الحالية في إعادة الصدريين للانتخابات". واعتبر الشريفي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قرار مقتدى الصدر بالانسحاب، كان مناورة سياسية انتخابية، ولمعرفة رغبة جمهوره بالمشاركة في الاستحقاق من عدمها. كما رأى أن تأخر قرار عودته قد يكون له تأثير قوي على مسألة إجراء الانتخابات في موعدها، خصوصاً أن هناك أطرافاً سياسية بدأت تستغل هذا الأمر للدفع نحو التأجيل. كما لم يستبعد الخبير في الشأن العراقي إعلان جهات وشخصيات سياسية مؤثرة مقاطعة الانتخابات خلال الأيام المقبلة، خصوصاً مع عدم توفر بيئة آمنة للعملية الانتخابية.

المساهمون