تواصل القوات العراقية عملياتها العسكرية لإنهاء خطر تنظيم "داعش" في مناطق متفرقة، فيما يؤكد مسؤولون عراقيون احتمالية عودة الهجمات الانتقامية على بعض المدن المحررة واستهداف القوات الأمنية من ضمنها "الحشد الشعبي"، إضافة إلى قتل مزارعين وفلاحين وحرق محاصيلهم واستهداف رعاة أغنام بالقرى والمناطق النائية.
وتتقدم القوات العراقية في ملف تحييد واعتقال قياديين في التنظيم، كان آخرهم أربعة مطلوبين في العاصمة بغداد، حيث نفذ "جهاز مكافحة الإرهاب، عملية نوعية أسفرت عن إلقاء القبض على القيادي في "داعش".
وألقت قوى الأمن الداخلي في محافظة "السليمانية"، أواخر الشهر الماضي، القبض على عنصر ينتمي للتنظيم، وعمليات أخرى أسفرت عن اعتقال خمسة آخرين في محافظات الأنبار وكركوك، وصلاح الدين، كما أعلنت أخيراً وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في العراق، تصفية "والي الأنبار" في التنظيم وثلاثة من مرافقيه، في صحراء الأنبار غربي البلاد.
وحذرت السفيرة الأميركية في العراق ألينا رومانوسكي، من خطر تنظيم "داعش" الإرهابي، مؤكدة أنه ما زال يشكل جيوباً داخل العراق.
وقالت رومانوسكي، خلال حديث لها مع قناة "العراقية" الرسمية، إن "علاقتنا الأمنية مع العراق تركز على دعم بناء قدرات قواته وتقديم المشورة لضمان الهزيمة الدائمة لداعش، وسنستمر على هذا الجانب"، مشددة على أن "تحدي داعش ما زال موجوداً، إذ إنه ما زال يشكل جيوباً داخل العراق، ويحاول تجنيد الجيل الثاني عبر تدريب المزيد من العناصر في سورية، حيث له وجود هناك".
وفي 12 يوليو/تموز، أعلن الجيش الأميركي، مقتل زعيم تنظيم "داعش" في سورية، بغارة عبر طائرة مسيَّرة في ناحية جنديرس بريف عفرين الغربي. وصرّحت القيادة المركزية للجيش الأميركي، في بيان، بأن ماهر العقال قُتل في الغارة وأُصيب أحد المقرّبين منه بجروح خطرة. والعقّال كان واحداً من خمسة قادة كبار يديرون عمليات التنظيم العابرة للحدود، وهو ما يدفع مراقبين إلى تحذير السلطات من احتمالية أن يتجه التنظيم إلى الانتقام، بعمليات "ثأرية"
في السياق، قال المتحدث باسم قيادة العمليات العراقية، اللواء تحسين الخفاجي إن "القوات العراقية تتقدم في مسألة معالجة المخابئ التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية، وهي تواصل جهودها، لكن هناك تحركات تحدث في بعض الأحيان لكنها لا تمثل أي مخاطر على الأمن في البلاد، وسرعان ما يتم معالجتها"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "العمليات الأميركية والضربات الجوية لقادة التنظيم، وتحديداً الأخيرة في سورية، أدت إلى شلل كبير للتنظيم، وقطع خطوط الوصل بين العناصر في سورية وبعض الفلول في العراق".
وأكمل الخفاجي، أن "تنظيم داعش ما يزال يملك الأسلحة الخفيفة، لكنه لا يستطيع التحرك في المناطق التي يسيطر عليها لأنها تحت مراقبة القوات العراقية براً وجواً"، معتبراً أن "التقدم في حجم التنسيق والتعاون الكبيرين في المجال الأمني بين القوات العراقية والبشمركة حققت نجاحات كبيرة في مجال اعتقال وتحييد العشرات من عناصر "داعش"، إضافة إلى تبادل المعلومات الأمنية ومطاردة قادة التنظيم وسد الثغرات الأمنية".
من جانبه، لفت عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي مهدي تقي إلى أن "هناك المئات من عناصر داعش متخفون في أكثر من منطقة، ومنها المناطق الوعرة على الحدود بين إقليم كردستان والمناطق التابعة للحكومة الاتحادية، إضافة إلى الصحاري، وهؤلاء لا يمثلون أي مخاطر أمنية". وبالنسبة للعمليات الانتقامية، اعتبرها "واردة الحصول، لأن التنظيم يتعرض إلى انهيار كبير بصفوف المقاتلين والقادة، بالتالي فإنه سيسعى إلى تعويض خساراته بهجمات ضد الأبرياء".
واستكمل حديثه مع "العربي الجديد"، بأن "الحكومة العراقية ملزمة بتأمين الحدود مع الجانب السوري، خصوصاً مع وصول معلومات تفيد بانتقال عناصر داعش من مناطق متعددة في سورية خوفاً من الاستهداف، وهناك العشرات من الإرهابيين يسعون للدخول إلى العراق، وقد أبلغنا السلطات الأمنية والحكومة بهذه المعلومات".
بدوره، أشار الخبير الأمني، والعميد المتقاعد في الجيش عماد علو، إلى أن "الضربات القاسية التي تلقاها التنظيم في سورية وقتل قيادات مهمة، أدت إلى إرباك في صفوف عناصر التنظيم داخل العراق، ورغم أن القرارات الأمنية وسير العمليات في الداخل العراقي تعتمد على ما يمكن تنفيذه حتى ولو يكون بأمر قيادة التنظيم إلا أن قتل عدد كبير من القادة أثر بشكل سلبي وزرع مخاوف كبيرة لدى ما تبقى من العناصر الإرهابية".
وأوضح علو لـ"العربي الجديد"، أن "هناك احتمالا لقيام التنظيم بعمليات ثأرية لقادة التنظيم، في بعض المناطق النائية لاستهداف الحشد الشعبي أو المواطنين البسطاء، وبكل الأحوال فإن التنظيم قد يستمر في التواجد بفعل بعض الإرادات السياسية التي تريد بقاءه".
وتواصل القوات العراقية توسيع عملياتها العسكرية لمنع هجمات "داعش". ونفذت وحدات عراقية خاصة، خلال الأسابيع الماضية، عمليات تعقب ومطاردة في مناطق بصحراء الأنبار وجبال حمرين ومخمور، غربي وشمالي البلاد، ضمن حزمة خطط جديدة تهدف لتفكيك خلايا تنظيم "داعش"، والحد من إمكانية تنفيذها الهجمات داخل المدن والبلدات القريبة.
وما زالت بقايا تنظيم "داعش" تشكل تهديداً أمنياً في العراق، لا سيما في المحافظات المحررة (ديالى وكركوك والأنبار وصلاح الدين ونينوى)، إذ تنفذ هجمات متفرقة توقع أحياناً قتلى وجرحى من القوات الأمنية والمدنيين، فيما تنفذ القوات الأمنية خططاً متتابعة، تسعى من خلالها لتحجيم تحركات التنظيم وإحباط هجماته.