العراق: عاصفة انسحابات جديدة داخل "البيت الوطني"

21 ابريل 2022
تأسس الحزب عقب انتفاضة العراق (أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -

يواجه حزب البيت الوطني في العراق، إحدى القوى المدنية البارزة التي تأسست على يد ناشطين ومتظاهرين جنوبي البلاد، عقب موجة الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في الربع الأخير من العام 2019، واستمرّت لأكثر من 14 شهراً، مشاكل جديدة تتمثل بسلسلة استقالات من الحزب في مدن عدة على إثر خلافات حادة.

وشهد اليومان الماضيان، استقالة 67 عضواً من الحزب، دفعة واحدة، معلنين عدم علاقتهم بكلّ ما يصدر عنه في المستقبل. وذكروا في بيان مشترك، جملة من الأسباب التي دفعتهم إلى الاستقالة الجماعية، من بينها عدم مطابقة تحركات الحزب بالوقت الحالي، للمشروع الذي تأسس على ضوئه، والتضارب في الجانب التنظيمي والإداري.

وقال أحد الأعضاء الذين أعلنوا استقالتهم من "البيت الوطني"، وهو حسنين الحمداني، لـ"العربي الجديد"، إن "الاستقالة جاءت بعد سلسلة اجتماعات جمعت أعضاء ممثلية محافظة بابل، مع رئيس الحزب حسين الغرابي، وقد جرى الحديث عن الاتهامات التي تواجه رئيس الحزب بشأن علاقاته مع مستشارين في حكومة مصطفى الكاظمي من جهة، ودوره في تنصيب محافظ ذي قار الحالي، محمد هادي الغزي" من جهة أخرى. وبيّن أن "محاضر التحقيق مع الغرابي تشير إلى صحة بعض الاتهامات الموجهة إليه"، لافتاً إلى أن "الانسحاب وإعلان الاستقالة من الحزب هما رد فعل على ذلك".

وتعرض "البيت الوطني" في مارس/ آذار الماضي، إلى خلافات كبيرة أسفرت في النهاية عن استقالة العضو المؤسس في الحزب مهتدى أبو الجود، إضافة إلى الناشط علاء ستار وعلي زغير جبر، ثم توالت الاستقالات لنحو 19 عضواً، ما بين مؤسسي الحزب وأعضاء الأمانة العامة للحزب الذي يُعد ثاني حزب من حيث الجماهيرية والتأثير على المحتجين، بعد حركة "امتداد" بزعامة الناشط علاء الركابي.

ولم يُعلّق الغرابي على الاستقالات الجماعية التي ترد في حزبه، لكنه نفى في وقت سابق في تصريحات صحافية، ما يُوجه إليه من اتهامات، مبيناً أن العلاقة مع حكومة الكاظمي، هي "علاقات شخصية، وأن نهج البيت الوطني يختلف عن نهج المستشارين، وهو ما دفع البيت الوطني إلى معارضة الانتخابات التي أجريت في أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي".

من جهته، بيّن عضو "البيت الوطني" منير أحمد، أن "هناك هجمة ضد معظم الأحزاب المدنية، وتحديداً التي تشكلت بقوامٍ من المتظاهرين، تقودها أحزاب ومليشيات متنفذة، لا تريد أي أصوات علمانية ورافضة لمناهج ومبادئ المحاصصة، وللأسف فإن بعض الأعضاء في الحزب تأثروا بالاتهامات غير الحقيقية والواقعية". وأكد لـ"العربي الجديد"، أن "البيت الوطني" و"امتداد" و"نازل آخذ حقي" وحتى حركة وعي، كلها تعرضت لذات الاتهامات، ومنها التمويل من حكومة الكاظمي، والعلاقة مع السفارات الأجنبية، وهي أقرب إلى أن تكون حملات تسقيط وليس أكثر من ذلك".

من جانبه، أوضح عضو الحزب الشيوعي العراقي أيهم رشاد، أن "الخلافات الداخلية أمر طبيعي يحصل في الأحزاب، لكن غير الطبيعي هو الوثائق والتسجيلات الصوتية التي تناقلها بعض الناشطين في مجاميع على "واتساب"، تثبت تورط بعض قادة حزب البيت الوطني بأنهم جزء من مشاريع سياسية لتنصيب محافظ ذي قار، والحصول على دعم من حكومة الكاظمي"، مستكملاً حديثه مع "العربي الجديد"، بالقول إن "الأعضاء الذين استقالوا من الحزب يرون أن ما فعله بعض قادة الحزب، يتنافى بالكامل مع مبادئ انتفاضة تشرين، لذلك فقد اختاروا الانسحاب".

أمّا الباحث والمحلل السياسي عبد الله الركابي، فأشار بدوره إلى أن "تظاهرات أكتوبر/تشرين الأول 2019 أسفرت عن ولادة ثائرين أكثر من ولادة سياسيين، وبما أن مبادئ السياسة التي تعتمد على المناورة والحوار والمصالح لا تتفق بالمجمل مع مبادئ الثورة، فقد ولدت هذه الصراعات بين أعضاء الحزب الثوريين وقيادة الحزب السياسية".

واعتبر في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "ما يحدث حالياً مع "البيت الوطني" وسابقاً حركة امتداد، وسيحدث مع بقية الكيانات التي تأسست بعد التظاهرات، يعود جزء منه إلى سبب عدم توصل الكثير من الناشطين الثائرين إلى مرحلة الوعي باللجوء إلى السياسة لحلّ أزمات البلاد، وليس الثورة بجناحها الشعبي فقط".

المساهمون