أعلن تحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يضم عدداً من القوى السياسية العراقية الحليفة لإيران، عن مبادرة جديدة، قال إنها تهدف لحل أزمة تشكيل الحكومة المتعثرة منذ نحو ستة أشهر.
وتأتي المبادرة قبل أسبوع على انتهاء المهلة التي قدمها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نهاية مارس/ آذار الماضي، للتحالف بأن يتولى، خلال 40 يوماً، تشكيل الحكومة، من دون التيار الصدري.
تضمنت مبادرة "الإطار التنسيقي" إشارة إلى إعادة انتخاب رئيس البرلمان مجدداً
ولم تحمل مبادرة "الإطار التنسيقي"، التي أعلن عنها فجر أمس الأربعاء، عقب اجتماع مطول لزعماء وممثلي التحالف ببغداد، أي بنود أو تصورات جديدة، إذ ما زال مصرّاً على تشكيل "حكومة توافقية"، وأن يكون ترشيح رئيس الوزراء من خلال "المكون الأكبر" المتمثل بالقوى السياسية العربية الشيعية حصراً من دون مشاركة الآخرين.
مبادرة "الإطار التنسيقي"
وفي ملخّص لسرد مطول حملته مبادرة "الإطار التنسيقي"، عبر بيان رسمي من عدة صفحات وزّع على وسائل الإعلام، فإن أبرز ما جاء فيها أن منصب رئيس الوزراء من حق الأكثرية، ويجب الحفاظ عليه من خلال الكتل السياسية الممثلة لهذا المكون الأكبر.
وتنص المبادرة على أن تسمية رئيس الوزراء يجب أن تكون من خلال كتلة سياسية شيعية واحدة، تتفق على تسميته فيما بينها، وهو ما يعني بطبيعة الحال سحب أحقية التيار الصدري بتشكيل الحكومة بصفته الفائز الأول بالانتخابات.
كما تضمنت المبادرة أيضاً تعهداً بدعم رئيس الحكومة الذي يتم ترشيحه من خلال كتلة المكون الشيعي (الإطار التنسيقي والتيار الصدري) معاً، وتتحمل معاً مسؤولية فشله ونجاحه ومحاسبته. كما تحدثت عن حق المستقلين في تقديم مرشحهم لمنصب رئيس الوزراء، شرط أن تتم الموافقة عليه من قبل كتلة "المكون الأكبر".
وتضمنت المبادرة إشارة إلى إعادة انتخاب رئيس البرلمان مجدداً، من خلال الحديث عن أهمية أن تحظى الرئاسات الثلاث، الجمهورية والبرلمان والحكومة، بموافقة جميع المكونات.
رد مقتدى الصدر
وبعد ساعاتٍ، رد زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، بمبادرة جديدة عرض فيها على النواب المستقلين تشكيل الحكومة "عبر تحالفه".
ووعد الصدر بدعم المستقلين، في خطوة لكسب أصواتهم، والخروج من أزمة اختيار رئيس للجمهورية، والذي يحتاج إلى تصويت 220 نائباً (من أصل 329)، بحسب ما قررته المحكمة الاتحادية.
وقال الصدر، في تغريدة له على "تويتر"، أمس الأربعاء، إنه "بعد التشاور مع الحلفاء في التحالف الأكبر (إنقاذ وطن) أقول إنّ للعملية السياسية الحالية ثلاثة أطراف، الطرف الأول التحالف الوطني الأكبر، (إنقاذ الوطن) وهو راعي الأغلبية الوطنية، لكنه وبسبب قرار القضاء العراقي بتفعيل الثلث المعطل تأخر بتشكيل حكومة الأغلبية، والطرف الثاني، هو الإطار التنسيقي الداعي لحكومة التوافق، وقد أعطيناه مهلة الأربعين يوماً، وفشل بتشكيل الحكومة التوافقية، والطرف الثالث، هم الأفراد المستقلون في البرلمان".
الصدر: على المستقلين الالتحاق بالتحالف الأكبر ليشكلوا حكومة مستقلة سنبلغهم ببعض تفاصيلها لاحقاً
ومخاطباً النواب المستقلين، قال الصدر "ندعوهم لتشكيل مستقل لا يقل عن الأربعين فرداً منهم، بعيداً عن الإطار التنسيقي مجموعاً، الذي أخذ فرصته"، مضيفاً "على المستقلين الالتحاق بالتحالف الأكبر ليشكلوا حكومة مستقلة سنبلغهم ببعض تفاصيلها لاحقاً".
وتابع قائلاً "سيصوت التحالف الأكبر لحكومتهم، بما فيهم الكتلة الصدرية وبالتوافق مع سنة وأكراد التحالف، ولن يكون للتيار الصدري مشاركة في وزرائها، على أن يكون ذلك في مدة أقصاها 15 يوماً، وذلك للإسراع في إنهاء معاناة الشعب".
وأضاف "كما وأكرر دعوتي إلى بعض من نحسن الظن بهم من الإطار التنسيقي للتحالف مع الكتلة الصدرية، أملاً منهم بتغليب المصالح الوطنية على المصالح الضيقة، وليخرجوا من عنق الإجبار على الانسداد السياسي".
إعلان فشل "الإطار" بتشكيل الحكومة
وفي اتصال هاتفي، قال عضو بارز في التيار الصدري بمدينة النجف جنوب العراق، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "المبادرة التي قدمها تحالف الإطار التنسيقي هي بمثابة إعلان عن فشله بتشكيل الحكومة، أو تفكيك تحالف إنقاذ وطن، كما كان يعمل طوال الأسابيع الماضية لإضعاف جبهة الصدر".
وأضاف أن "المبادرة لم تأت بجديد، بل هي تأكيد على موقفهم السابق بحكومة محاصصة طائفية، قائمة على مبدأ هذه الوزارة لي وتلك الوزارة لك، ليستمر الفساد والتستر على الفساد والمجاملات على حساب الناس".
مبادرة "الإطار التنسيقي" تعمق الأزمة
واعتبر العضو في التيار الصدري أن "بعض الفقرات التي حملتها ما يطلق عليها جزافاً المبادرة تعمق الأزمة ولا تحلها، مثل قضية إعادة انتخاب رئيس البرلمان، ومحاولة إدخال النواب المستقلين بقضية اختيار رئيس الوزراء، بدلاً من التيار الصدري بهدف المناكفة". وكشف عن "مبادرة حل حقيقية ومخلصة"، سيطلقها تحالف "إنقاذ وطن"، بعد انتهاء مهلة الأربعين يوماً المقررة الأربعاء المقبل.
عماد باجلان: إصرار قوى الإطار التنسيقي على إعادة تشكيل حكومة وفق المحاصصة الطائفية يُعمق الأزمة
من جهته، علّق عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني عماد باجلان على المبادرة التي أطلقها تحالف "الإطار التنسيقي" بالقول إنها "لن تحل أو تغير شيئاً".
وأضاف، لـ"العربي الجديد"، أن "إصرار قوى الإطار التنسيقي على إعادة تشكيل حكومة وفق المحاصصة الطائفية يُعمق الأزمة ولا يحلها، خصوصاً أن مبادرة الإطار التنسيقي أكدت على هذه القضية، وهي حكومة توافقية وفقاً لنظرية المحاصصة الطائفية. لذا نسأل نحن ما الجديد الذي حملته هذه المبادرة، غير أنها تأكيد على موقفهم السابق؟".
وكشف باجلان أن "الأيام المقبلة ستشهد حراكاً سياسياً مكثفاً بهدف التحشيد لعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، للمضي نحو تشكيل الحكومة الجديدة. وهناك مبادرات وحلول سوف يعلن عنها خلال الأيام القريبة من قبل الصدر وحلفائه لإنهاء الانسداد السياسي".
بدوره، وصف عضو التيار الصدري عصام حسين، في حديث مع "العربي الجديد"، المبادرة الجديدة بأنها "لا تستحق التعليق". وقال: "مبادرة ولدت ميتة مثل سابقاتها. جميع مبادرات الإطار التنسيقي تؤكد على تشكيل حكومة توافقية على غرار الحكومات السبع الماضية، وهذا ما يرفضه التيار الصدري ومن معه من القوى السياسية، السنية والكردية وجزء كبير من النواب المستقلين".
وأكد هو الآخر استعداد التيار الصدري وحلفاءه معاودة حراكهم السياسي مجدداً، والذي يتركز على "حشد جمع 220 نائباً في البرلمان لعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، حتى لو قاطعت قوى الإطار التنسيقي هذه الجلسة كما فعلت سابقاً. فالكل أدرك خطورة بقاء الوضع على ما هو عليه، دون تشكيل الحكومة الجديدة".
إعادة تجميع مواقف سابقة
في المقابل، وصف رئيس مركز "التفكير السياسي"، إحسان الشمري، مبادرة تحالف "الإطار التنسيقي" بأنها "محاولة لإظهار ثقلهم، وأنهم يمتلكون أيضاً زمام المبادرة. لكن على مستوى المضمون فإن المبادرة لا تختلف عن القديمة، فهي مجرد إعادة لتجميع مواقف طرحت سابقاً من قبل قادة الإطار".
وبيّن الشمري، لـ"العربي الجديد"، أن "مبادرة الإطار التنسيقي، تمثل بشكل أوضح رسالة تطويق لأي ردة فعل مقبلة ومحتملة من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، على انقضاء المهلة التي منحها الصدر لهم. كما أنها رسالة ضغط على رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، خصوصاً أن المبادرة تحدثت عن إعادة تشكيل للرئاسات الثلاث في العراق".
وأوضح أن "مشروع تغيير رئيس البرلمان محمد الحلبوسي قد بدأ، ومبادرة الإطار التنسيقي إعلان رسمي لهذا المشروع. ولهذا مبادرة الإطار جاءت أيضاً لخلط الأوراق ليس إلا".