العراق: خلافات حادة بين مستشار الأمن القومي ووزارة الهجرة حول مخيم "الهول" السوري

17 نوفمبر 2022
يأتي هذا بعد أقل من أسبوعين على قرار إيقاف عمليات إعادة العائلات العراقية (Getty)
+ الخط -

كشفت مصادر حكومية في بغداد عن خلافات حادة بين مستشارية الأمن القومي العراقي ووزارة الهجرة حيال ملف إعادة العائلات العراقية الموجودة في مخيم "الهول"، بعد أن كان العراق قد نجح في تحقيق تقدم ملحوظ به، من خلال نقل مئات العائلات من النساء والأطفال وكبار السن والمرضى خلال العام الحالي وإعادة تأهيلهم.

ويأتي هذا بعد أقل من أسبوعين على قرار لوزارة الهجرة والمهجرين العراقية بإيقاف عمليات إعادة العائلات العراقية الموجودة في مخيم "الهول" السوري إلى العراق، حيث كانت تجرى آلية نقلهم إلى مخيم "الجدعة" جنوبي الموصل، وإخضاعهم لبرامج تأهيل نفسي واجتماعي قبل السماح بعودتهم إلى مناطقهم الأصلية. 

ويتعامل العراق مع قضية ملف الهول، الذي يضم عشرات آلاف من مواطنيه، من ناحية أمنية، ويسعى بالوقت ذاته لتفكيك المخيم الذي تديره فعلياً مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد).

وأعلنت وزارة الهجرة العراقية، التي تواجه اتهامات مستمرة منذ سنوات بسوء إدارة ملف النازحين على مستوى المساعدات المقدمة لهم أو الرعاية الطبية والتمييز بين المخيمات والقاطنين فيها، في الرابع من الشهر الحالي، إيقاف إعادة نازحي مخيم الهول، مستخدمة عبارة "ذوي مسلحي داعش"، رغم أن العراق أكد في وقت سابق أن جزءا كبيرا منهم ليسوا ممن لديهم أعضاء بتنظيم "داعش".

وكشفت مصادر حكومية عراقية، اليوم الخميس، عن خلافات حادة بشأن الملف بين مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، الذي نجح في إدارة العديد من الملفات الأمنية في الآونة الأخيرة، وبين وزيرة الهجرة إيفان فائق جابرو، المحسوبة على جماعة "بابليون" المسلحة بزعامة ريان الكلداني المدرج على لائحة العقوبات الأميركية بتهم تتعلق بانتهاكات حقوقية وإنسانية بالبلاد. 

وأكد مسؤول حكومي لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم الكشف عن اسمه، أن مستشارية الأمن القومي قررت الانسحاب من ملف مخيم الهول وإعادة العراقيين إلى البلاد، بسبب تدخل وزارة الهجرة التي تسعى للتعامل مع القضية دعائياً بعيداً عن الجانب الأمني وارتباطاته.

وأكد أن وزارة الهجرة تخطط لإغلاق مخيم الجدعة الواقع جنوبي الموصل، والذي يعتبر محطة انتقالية لعراقيي مخيم الهول العائدين إلى البلاد، حيث تجرى هناك عمليات تأهيل واسعة لهم تمتد لعدة أشهر، وبإشراف الأمم المتحدة ومنظمات أوروبية مختلفة مساعدة في البرنامج.

وتابع أن "هذا التحرك لاقى اعتراضا شديدا من قبل مستشارية الأمن القومي، باعتبارها الجهة الأمنية التي تشرف عملياً على نقل النازحين من الهول إلى الجدعة.

ويضم مخيم "الجدعة" الأسر العراقية التي كانت تقطن في مخيم الهول السوري، والتي عادت إلى العراق خلال الأشهر الماضية بعد تدقيق سجلاتها أمنياً من قبل السلطات، والغالبية من النساء والأطفال والمرضى وكبار السن.

فيما أكد مصدر آخر في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن "وزارة الهجرة والمهجرين تريد دوراً أكبراً لها في عمليات إعادة النازحين العراقيين من الهول السوري، وتسعى لإغلاق مخيم الجدعة جنوبي الموصل، بالوقت الذي تفرض مستشارية الأمن الوطني رؤية أمنية على أهمية وجود منطقة انتقالية لفترة زمنية قبل إعادة النازحين القادمين من سورية إلى مناطقهم"، كاشفاً عن انسحاب وفد أمني كان في مخيم الهول بسبب تلك الخلافات، من دون أن يحسم رئيس الوزراء الجديد محمد شياع السوداني هذا الخلاف.

وفي تصريحات لوزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو، يوم الاثنين الماضي، تحدثت عن إغلاق مخيم الجدعة نهائياً بحلول نهاية العام الحالي، مع بقاء مركز التأهيل للعائلات الموجودة فيه، وفقاً لما نقلته وسائل إعلام عراقية محلية. 

وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي مهدي تقي آمرلي، لـ"العربي الجديد"، إنهم يؤيدون موقف مستشارية الأمن القومي في ما يتعلق بملف مخيم الهول، وكذلك نقلهم إلى مخيم الجدعة جنوبي الموصل، مضيفاً أن إغلاق مخيم الجدعة ليس بالأمر السهل، ويحتاج إلى وقت طويل لتدقيق العائلات أمنياً، وكذلك إعادة تأهيلهم، خصوصاً الأطفال والشباب والنساء، كما أن هناك ثارات عشائرية على بعض تلك العائلات في مناطقها الاصلية، ربما تمنع الكثير منها من العودة إلى منازلها والبقاء في المخيمات، وهذا الأمر موجود بباقي المخيمات وليس في الجدعة فقط".

وأضاف أن "لجنة الأمن والدفاع البرلمانية ستكون لها اجتماعات متواصلة مع الجهات الأمنية، وكذلك الجهات التنفيذية المختصة بهذا الملف". 

في المقابل، قال الخبير في الشأن العراقي أحمد الشريفي إن "إغلاق مخيم الجدعة أمر صعب جداً، خصوصاً أن بعض العائلات القاطنة فيه تواجه مشاكل عشائرية، ولذا فمن الصعب إغلاقه وإعادة سكانه إلى مناطقهم الأصلية، وهذا ما يؤخر إغلاق بعض مخيمات النزوح في مدن مختلفة".

وأضاف الشريفي، في تصريحات صحافية، أن "قضية إغلاق مخيم الهول السوري لا تعتمد فقط على قرار العراق، بل هذا الأمر يحتاج إلى موافقات دولية كثيرة، فهناك الكثير من الأجانب في هذا المخيم لا يمكن نقلهم إلى العراق، ودولهم ما زالت ترفض استلامهم، ولذا لا يمكن اتخاذ قرار إغلاق المخيم من قبل العراق، والحديث عن إغلاقه نهاية السنة الحالية بعيد عن الواقع، فهذا الأمر يحتاج إلى إجراءات عديدة تستغرق وقتاً طويلاً، إضافة إلى وجود الموافقات الدولية، خصوصاً من الدول الأوروبية".