العراق: حملة اعتقالات واسعة لناشطين ومتظاهرين في الناصرية

01 ديسمبر 2020
توقعات بتصاعد حدة الغليان الشعبي (أسعد نيازي/فرانس برس)
+ الخط -

شنّت قوات الأمن العراقية، اليوم الثلاثاء، حملة اعتقالات طاولت متظاهرين وناشطين في مدينة الناصرية، العاصمة المحلية لمحافظة ذي قار، جنوبي العراق، في تنصل واضح من تعهدات حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بحماية المتظاهرين وعدم ملاحقتهم.

يأتي ذلك بعد يوم واحد من وصول قوة بحجم لواءين من الجيش والشرطة إلى المحافظة والانتشار في مدينة الناصرية، وفرض أطواق أمنية على ساحة الحبوبي مركز الاحتجاجات في المدينة.

وارتفعت حصيلة ضحايا هجوم أنصار رجل الدين وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على المتظاهرين، إلى 8 قتلى ونحو 100 جريح، في أحدث أعمال عنف تشهدها الاحتجاجات العراقية خلال الفترة الأخيرة.

ووفقاً لناشطين ومسؤولين محليين في المدينة، فقد نفذت قوات أمنية منذ الساعة الثانية فجراً ولغاية السادسة من صباح اليوم الثلاثاء، حملة اعتقالات ودهم طاولت عدداً من الناشطين، ونجحت في اعتقال عدد آخر، بينما لم تعثر على الآخرين، واكتفت بمداهمة منازلهم، في خطوة فُهِم منها أنها محاولة لإضعاف الحراك بعد الفشل في إقناع المحتجين والمعتصمين بترك ساحة "الحبوبي"، مركز الاحتجاجات الرئيس في المحافظة.

وقال عضو تنسيقية تظاهرات المحافظة رائد علي، لـ"العربي الجديد"، إن "القوات الأمنية اعتقلت عدة ناشطين من منازلهم، ليل أمس، كما استمرت بتنفيذ حملات دهم على منازل الناشطين في مناطق المدينة".

وأكد أن "أغلب الناشطين غيّروا أماكنهم خوفاً من الاعتقال ومحاولات إلصاق التهم بهم"، مبيناً أن "حالة من الغليان الشعبي تتصاعد في المدينة، بسبب الضغوطات الأمنية من جهة ومحاولات الاستفزاز من قبل أتباع الصدر من جهة أخرى". وأضاف: "نعمل على تجديد التظاهرات، والمطالبة بالقصاص من المليشيات، التي قتلت أبناءنا. لا يمكن لتلك الضغوط أن تثنينا عن حقوقنا"، متهماً حكومة الكاظمي بـ"التواطؤ مع المليشيات، وغض النظر عنها، فيما تستهدف الناشطين والمتظاهرين السلميين".

وقال أحد الناشطين الذي يدعى حسن باسكت، والذي تعرّض منزله لعملية دهم من قبل القوات الأمنية التي حاولت اعتقاله، في تغريدة له: أنا "لست إرهابياً، ولا صاحب مليشيا، ولا قاتلاً، ولا مخرّباً، ولا مبتزاً لأي أحد، وإن قوة أمنية داهمت منزلي وروعت عائلتي، في وقت متأخر من الليل"، مضيفاً: "سنعمل على قلع القيادات الحزبية الفاسدة من محافظتنا، مهما طال الزمن".

وانتقد ناشطون وإعلاميون على صفحات التواصل الاجتماعي، حملة الاعتقال، معتبرين أن القوات التي أرسلتها الحكومة إلى الناصرية، جاءت لاعتقال الناشطين وليس لحمايتهم.

وقال ناشط رمز لاسمه بـ"ملا عبود الكرخي" في تغريدة له: "حملة مداهمات لبيوت الناشطين ومطاردات واعتقالات بالتعاون مع علاسة (المخبر السري) التيار الصدري"، مبيناً أن "الحملة جاءت بعد مكالمة التطمين الغادرة من الكاظمي ووفده".

من جهته، قال الناشط أحمد العبيدي في تغريدته: "هكذا هي الناصرية لن يستطيع أحد أن يواجه أبناءها نهاراً، فتأتي الخفافيش في الليل.. كل هذه الاعتقالات لن تثنينا فالناشطون في ذي قار ما هم إلا عدد، وما هم إلا رقم من الأرقام المتواجدة في سوح التظاهر"، مخاطباً عناصر الأمن: "عليكم اختطاف واعتقال الآلاف حتى تتمكنوا من إنهاء الثورة، ولن تنتهي لأنها فكر، والفكر لا يموت".

الناشطة، سرى ضمير قاسم، قالت في تغريدتها: "القوات الأمنية التي جاءت لتحمي الناصرية، يبدو أنها جاءت لتنفذ اعتقالات ضد ناشطي التظاهرات".

وقالت الناشطة سناء في تغريدتها: "لم نتوقع من الكاظمي غير الغدر، ينبطح للمليشيات ويحمي جرائمها بغطاء الدولة... بينما ينكل ويغدر بالشباب الحر الذي يتطلع الى إعادة الوطن والكرامة".

أما الباحث في الشأن العراقي شاهو القرداغي، فقال في تغريدة له: "في الدول المحترمة ينام المواطن مرتاح البال لأنه في أمان وحماية الدولة، بينما في دولة المليشيات لا يستطيع المواطن النوم من القلق بسبب الخوف من المداهمة وملاحقات القوات الأمنية له، وجريمته الوحيدة أنه يطالب بحقوقه ولم يخضع لأوامر قادة المليشيات وتجار الدين!".

ووسط توقعات بتصاعد حدة الغليان الشعبي، نشرت القوات الأمنية أعداداً إضافية من عناصرها في محيط ساحة الحبوبي، ومفترقات الطرق القريبة منها، وقال ضابط في شرطة المحافظة لـ"العربي الجديد"، إن "التوجيهات الأمنية صدرت بتعزيز الانتشار والسيطرة على الساحة. هناك توقعات بتجدد التظاهرات الشعبية والصدامات مع أتباع الصدر".

وأوضح أن "القوات الأمنية تسعى لفرض سلطة القانون في المدينة. لا سيما أن هناك مخاوف من استغلال الوضع من قبل بعض الأطراف لأجل التصعيد"، مشدداً على أن "القوات الأمنية ستتعامل بحزم مع أي محاولات لتجديد العنف".

المساهمون