كشف الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان العراق، بزعامة مسعود البارزاني، اليوم الجمعة، عن عودة قريبة له إلى محافظة كركوك المتنازع على إدارتها مع بغداد وفتح جميع مقراته، وذلك بعد نحو 6 سنوات على إخراجها، مؤكداً وجود تفاهمات له مع حكومة بغداد بهذا الاتجاه.
وعلى إثر تداعيات استفتاء الانفصال الذي نظمه إقليم كردستان العراق، في 25 سبتمبر/ أيلول 2017، ردت عليه حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي بحملة عسكرية ضخمة، أبعدت البشمركة والأحزاب الكردية من كركوك ومدن وبلدات أخرى حدودية مع إقليم كردستان، وفرضت كامل سلطتها عليها.
إلا أنه في عام 2021 وباتفاق مع رئيس الحكومة السابقة مصطفى الكاظمي، تمت إعادة بعض من تلك المقرات، ضمن شروط أمليت على الإقليم، في خطوة سبقت إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
واليوم الجمعة، ووفقاً لبيان الحزب الديمقراطي الكردستاني، فإنه سيعود لفتح كافة مقراته بالمحافظة. وقال البيان: "نطمئن كافة مكونات كركوك بأن الحزب سيعود لفتح كافة مقراته، عن طريق اتفاقات واضحة ومباشرة مع الحكومة العراقية"، مشدداً على أن "كركوك لن تنفصل عن هويتها، ولم ولن تنفصل عن الحزب الديمقراطي الكردستاني".
وانتقد البيان ما سماها بـ"البيانات المتشنجة المليئة بعبارات التهديد والوعيد التي تصدر من بعض الأطراف، ضد أمن واستقرار كركوك تهدف من خلالها بعض الجماعات التي تدّعي تمثيلاً سياسياً غير موجود على أرض الواقع إجهاض أي خطوات سلمية من شأنها إحلال الأمن والسلام الدائم في المحافظة".
وشدد على أن "تلك المواقف لن تثنينا وسنقف ويقف معنا كل مكونات كركوك ضد أي جماعات تحاول تهديد السلم الأهلي".
لا موقف رسمياً لحكومة بغداد
ولم تعلق حكومة بغداد على بيان الحزب الديموقراطي، ولم تكشف عن أي موقف رسمي إزاء ذلك، وما إذا كانت هناك تفاهمات حقيقية أم لا بهذا الاتجاه، إلا أن مصدراً حكومياً أكد لـ"العربي الجديد" "وجود تقارب بكثير من الملفات بين حكومتي بغداد وأربيل"، رافضاً الخوض بالتفاصيل.
وأشار المصدر الحكومي الذي طلب عدم ذكر اسمه أن "الحكومة الحالية تعمل وفقاً لما تراه مناسباً لمصلحة البلد، وإذا رأت أن التفاهمات بشأن ملف كركوك مع الجانب الكردي مهمة فإنها ستمضي بهذا الاتجاه"، معرباً عن أمله في حل الخلافات مع الأكراد والمضي بإقرار الموازنة المالية للبلاد والملفات الأخرى العالقة.
وأبدى الجانب الكردي تفاؤلاً في حل الملفات العالقة بين حكومتي بغداد وأربيل والتوصل إلى تفاهمات تسهم بذلك، مؤكداً السعي لحسم بعض تلك الملفات خلال الأيام المقبلة، عن طريق الحوار.
ويأمل الكرد حل المشكلات العالقة مع بغداد، لا سيما بعدما وضعوا شروطاً عدة، على تحالف "الإطار التنسيقي"، مقابل القبول بالتصويت على حكومة محمد شياع السوداني، وقد وعد "الإطار" بحل تلك المشكلات.
يشار إلى أنه بعد أيام من تنظيم أربيل استفتاء للانفصال عن العراق، شمل مدينة كركوك و6 بلدات أخرى متنازعاً عليها في 2017، أطلقت السلطات في بغداد حملة عسكرية ضخمة بمشاركة قوات وتشكيلات مختلفة، بما فيها "الحشد الشعبي"، أدت لاستعادة السيطرة على كركوك ومدن أخرى، وأجبرت البشمركة، بعد معارك غير متكافئة من ناحية العدد والقوة، على التراجع إلى خلف الخط الأخضر، وهي الحدود الإدارية الرسمية للإقليم، والتي كانت توجد فيها قبل الغزو الأميركي للعراق في 2003.
وبلغ مجموع مساحة المناطق التي استعادتها بغداد أكثر من 20 ألف كيلومتر مربع، شملت كركوك وطوزخورماتو ومخمور وزمار وربيعة وسنجار ومناطق في سهل نينوى، وخانقين، وألتون كوبري، وبلدات أخرى. وتضم تلك المناطق ستة من أكبر حقول النفط في الجزء الشمالي من العراق، إلى جانب حقلي غاز ومصافٍ ومنشآت نفطية كبيرة كانت تسيطر عليها البشمركة.