العراق: حراك لتفكيك هيئة "اجتثات البعث" المُشكّلة بعد الغزو الأميركي

27 ديسمبر 2022
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (هيلين فيزنهان/Getty)
+ الخط -

تتسرب على نحو متصاعد تأكيدات من داخل أوساط سياسية عراقية نافذة حيال تفكيك هيئة "المساءلة والعدالة"، أو ما تعرف محلياً بـ"هيئة اجتثاث حزب البعث"، التي شُكِّلَت عقب الغزو الأميركي للعراق، وتستهدف إقصاء أعضاء حزب البعث وضباط الجيش والأمن وكبار موظفي نظام صدام حسين، لكنها تواجه تهم تحولها إلى أداة تصفية خصوم والعمل بانتقائية، وطاولت شرائح مختلفة.

واليوم الثلاثاء، قال مصدر مسؤول في مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لـ"العربي الجديد"، إن "حل هيئة المساءلة والعدالة بحاجة إلى غطاء برلماني، لكونها تشكلت ضمن قانون أقره أول برلمان للعراق بعد الغزو الأميركي للبلاد"، مضيفاً أن "هناك تنسيقاً بين مكتب رئيس الوزراء ورئاسة البرلمان حيال الملف، الذي يعتبر ضمن الاتفاق السياسي الذي سبق تشكيل الحكومة".

وكشف المصدر عن أن "الحكومة تريد تحويل ملفات ومهام هيئة المساءلة والعدالة إلى مجلس القضاء الأعلى، وستكون هناك لجنة قضائية مختصة بهذا الملف، بعد حل الهيئة رسمياً بتصويت من مجلس الوزراء ومجلس النواب، والحراك ماضٍ لتحقيق هذا الاتفاق السياسي، دون أي معرقلات سياسية"، دون أن يخفي وجود كتل سياسية معينة رافضة للمضي بتنفيذ الخطوة ضمن تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في البلاد، لكنه لم يسمّها.

مصدر مسؤول: حل هيئة المساءلة والعدالة بحاجة إلى غطاء برلماني، كونها تشكلت ضمن قانون أقره أول برلمان للعراق بعد الغزو الأميركي للبلاد

في السياق ذاته، قال عضو تحالف "الإطار التنسيقي"، فادي الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن "حكومة السوداني ماضية باتجاه تنفيذ برنامجها والاتفاق السياسي المثبت في ما يعرف بـ(الورقة السياسية)، والذي يضم مجموعة مضامين مهمة وحيوية تساهم في إعادة رسم ملامح نجاح الدولة العراقية والتغلب على المصدات التي كانت تواجهها".

وأضاف: "منها موضوع حل هيئة المساءلة والعدالة، الذي هو مبدأ دستوري في محدودية وقت الهيئات الانتقالية، وضرورة حلّها بمجرد انتهاء أعمالها، ومضى فيه الفاعل السياسي الشيعي منذ 2014، وحُلت بعض الهيئات، ومنها دعاوى الملكية"، على حد تعبيره.

وبيّن الشمري أن "حل المساءلة والعدالة لا يعني نسف عملها، بل تحويلها لملف قضائي بحت، وجهاز تنفيذي صغير في الأمانة العامة، وإنهاء حالة الترهل الوظيفي وحالات الابتزاز السياسي، ونقل الملف ليكون بعهدة القضاء، وهو من يكون حاكماً".

يُشار إلى أن هيئة المساءلة والعدالة شُكلت في عام 2005، ونصّ عليها الدستور العراقي، وعملت منذ بداية تأسيسها على متابعة ملفات المرشحين للانتخابات، فضلاً عن ملفات الموظفين والضباط والسياسيين، والأساتذة الجامعيين، واستطاعت أن تقصي الآلاف، بحجة الانتماء الى حزب البعث المحظور في العراق.

وتُتهم الهيئة بممارسة دور "سياسي" على مدى الدورات الانتخابية السابقة، واجتثاث آلاف الشخصيات السياسية، استجابة لضغوط من قبل قوى مؤثرة بالساحة السياسية.

من جهته، قال القيادي في تحالف "السيادة"، حسن الجبوري، خلال حديث مع "العربي الجديد"، إن "إجراء حل هيئة المساءلة والعدالة قرار مدعوم من غالبية القوى السياسية، لكون الهيئة أصبحت لتصفية الحسابات في بعض الأحيان".

وبيّن الجبوري أن "إجراءات حلّ الهيئة تأخذ بعض الوقت بسبب بعض الإجراءات القانونية والفنية، وكذلك بعض القضايا المالية المتعلقة بموظفي الهيئة، ونحن نتابع هذه الإجراءات بشكل دقيق".

وأضاف أن "هذا الملف من أبرز الشروط التي شكلت على أساسها الحكومة الحالية، وعدم تنفيذ الشروط والاتفاقات سيدفع القوى الداعمة للحكومة إلى الوقوف ضدها ومعارضتها، ولهذا السوداني يعمل على تحقيق تلك الشروط والاتفاقات، لمنع أي معارضة سياسية".

وكان رئيس البرلمان محمد الحلبوسي قد أكد، قبل أيام، أن قانون الهيئة كان يمثل مرحلة انتقالية بموجب القانون، وقد أنجزت ما عليها، ولا مبرر لاستمرار عملها، مؤكداً أن القانون نص على حلّ الهيئة إذا ما أنجزت ما عليها من ملفات، مشدداً على إصراره على حلّها.

المساهمون