العراق: أجواء التوتر تخيم على المنطقة الخضراء مع عودة الحديث عن إغلاق السفارة الأميركية
تكهنات جديدة بإغلاق السفارة الأميركية بالعراق
لليوم الثالث على التوالي تواصل طائرات مراقبة عراقية تحليقها على مستويات منخفضة بمحيط المنطقة الخضراء وسط بغداد حيث تقع السفارة الأميركية، إضافة إلى مناطق قريبة منها، في الوقت الذي تنتشر وحدات راجلة من الجيش والشرطة، وعناصر ترتدي الزي المدني يتبعون جهازي المخابرات والأمن الوطني، في التقاطعات والمناطق القريبة من نهر دجلة، وسط العاصمة، في إجراء يوحي بعدم ثقة الحكومة العراقية بمسألة عدم تجدد القصف مرة أخرى على غرار هجوم الأحد الماضي، رغم الحراك السياسي الذي تزامن مع وصول زعيم "فيلق القدس"، الإيراني إسماعيل قاآني، إلى بغداد منذ أمس الأول الثلاثاء، وتأكيده على عدم مسؤولية طهران عن الهجمات أو تحريضها الفصائل المسلحة عليه.
وتعرضت المنطقة الخضراء التي تضمّ مبنى السفارة الأميركية وبعثات غربية مختلفة، فضلاً عن مقرَّي الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية، مساء الأحد الماضي، لعدة رشقات بصواريخ "كاتيوشا"، ردت عليها منظومة الصواريخ الأميركية الموجودة في مبنى السفارة وأسقطت عدداً منها، لكن أخرى سقطت على مقربة من السفارة، ونأت عدة مليشيات بنفسها عن الهجوم، وأكدت عدم مسؤوليتها عنه، أبرزها مليشيات "كتائب حزب الله" ومليشيات "العصائب"، المواليتان لإيران.
وقال جنرال عراقي بارز في قيادة عمليات بغداد، ضمن اللواء 52 في الجيش العراقي، لـ"العربي الجديد"، إنه تم فعلياً إعلان حالة طوارئ بمحيط المنطقة الخضراء، والمناطق التي يتوقع أن تنفذ الجماعات المسلحة منها هجمات صاروخية"، مضيفاً أن رئيس الوزراء لوح بعقوبات قاسية تجاه آمري الوحدات والقطعات التي تنطلق منها صواريخ تجاه المنطقة الخضراء، وإحالتهم للمحكمة العسكرية"، لكنه في الوقت نفسه يؤكد أن الجماعات التي تنفذ الهجمات تتنقل بـ"هويات وسيارات مرخصة من الحكومة نفسها، كون أفراد خلايا الكاتيوشا ينتمون لفصائل مسلحة منضوية ضمن الحشد الشعبي".
وأشار إلى أن "مناطق حي الجهاد والمشتل وبغداد الجديدة والنهضة والزعفرانية والدورة وطريق محمد القاسم والرضوانية وحي العامل ومناطق أخرى أقيمت فيها نقاط وحواجز تفتيش ضمن الخطة الأمنية الجديدة".
والخميس أعلن وزير الداخلية العراقي، عثمان الغانمي، عن اعتقال أحد مطلقي الصواريخ على المنطقة الخضراء والسفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، دون أن يوضح مزيداً من التفاصيل. وقال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية عراقية: "نعمل على خطة أمنية عسكرية لمنع استهداف المنطقة الخضراء، والقوات الأمنية اعتقلت أحد مطلقي الصواريخ تجاه السفارة الأميركية"، مضيفاً "أفشلنا عدة مخططات لاستهداف المنطقة الخضراء".
في المقابل، تشير مصادر سياسية عراقية إلى اتصالات مكثّفة أجراها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، مع قيادات سياسية مختلفة، للتأكيد على خطورة الوضع، وأن تكرار الهجوم يعني تعريض أمن العراق كله للخطر، نافية في الوقت نفسه التقارير التي تحدثت عن انتقال السفير الأميركي ماثيو تولر إلى أربيل في وقت سابق من هذا اليوم، مؤكدة أنه ما زال في بغداد، وهناك تواصل بينه وبين الحكومة العراقية.
وقال نائب في البرلمان العراقي، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق بالحالتين خاسر، سواء أغلقت واشنطن سفارتها، فإن الخسارة لا تتعلق بالجانب السياسي فقط، بل بفقدان برامج مساعدات ضخمة للمدن المحررة من داعش تقدر بعشرات الملايين من الدولارات رصدتها واشنطن عبر سفارتها لهذه المدن، وفي حالة الرد العسكري، فإن القصف يطاول مقرات عراقية ومن يقتل هم عراقيون، سواء كانوا حشدا شعبيا أو غيرهم".
وفيما عبرت الجهات الأميركية عن عدم اقتناعها بالرواية التي تتبنى عدم مسؤولية الفصائل الرئيسة عن الهجوم، وأنها جماعات منفلتة انشقت عن قرار التهدئة، تعتبر واشنطن أن الهجمات الصاروخية، ومع تزامنها مع ذكرى اغتيال سليماني، تعني وقوف الحرس الثوري خلفها.
في السياق ذاته، دعت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، الحكومة إلى تكثيف الجهد الاستخباري لكشف المتورطين بالقصف.
وقال عضو اللجنة، النائب علي الغانمي، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، إن "قصف المنطقة الخضراء واستهداف البعثات الدبلوماسية يعدان استهدافاً للمدنيين المتواجدين في المنطقة ذاتها"، مضيفاً أن "استهداف السفارات المتواجدة في الأراضي العراقية، بما فيها الأميركية، أمر مرفوض، لذلك على الحكومة كشف المنفذين".
ودعا إلى "تكثيف الجهد الاستخباري للكشف عن القائمين بهذه الأفعال، حتى لا تلفق الاتهامات بالجهات الوطنية العراقية"، مشدداً على أن "التعامل مع الجانب الأميركي يجب أن يكون من خلال اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين".
وفي وقت سابق، ذكر موقع "اكسيوس" الإخباري الأميركي أن واشنطن تدرس إغلاق سفارتها بالعاصمة العراقية بغداد، بعد سلسلة هجمات بصواريخ "كاتيوشا" استهدفت المنطقة الخضراء، وتتهم مليشيات موالية لإيران بالوقوف وراءها.
وبحسب مصادر الموقع فإن الخطوة، التي تُدرس ضمن خيارات أخرى، قد تكون مقدمة لرد أميركي ضد إيران.
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قد أكد، في وقت سابق، أن قصف المنطقة الخضراء عمل إرهابي وجبان، والصواريخ سقطت على العراقيين وأصابتهم، مشيراً إلى توقيف مجموعة من المشتبه بهم بالوقوف وراء القصف الصاروخي الذي تعرضت له المنطقة الخضراء.
وتتهم واشنطن مليشيات عراقية مقربة من إيران بالوقوف وراء الهجمات التي تستهدف المنطقة الخضراء، ومطار بغداد الدولي الذي يوجد فيه جزء مخصص للتحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، والأرتال التي تنقل معدات التحالف الدولي، بصواريخ "كاتيوشا" والعبوات الناسفة بين الحين والآخر.