العراق: الضغوط لتراجع الصدر بلا جدوى

25 فبراير 2022
الصدر في مؤتمر صحافي في النجف في نوفمبر الماضي (كرار عيسى/الأناضول)
+ الخط -

لم تسفر زيارة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى العاصمة العراقية بغداد يوم الاثنين الماضي، والتي استمرت يومين، عن أي حلحلة للأزمة السياسية، كما كان متوقعاً وفق ترجيحات القوى السياسية التي عولت بأن تكون الزيارة بداية لتفاهمات جديدة.

وأنهى الزعيم الديني، الذي تصدرت كتلته الانتخابات التشريعية العامة في البلاد، التي أجريت في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، زيارته لبغداد من دون أن يلتقي بأي من ممثلي أو قيادات قوى "الإطار التنسيقي"، المصرّ على رفض ما يصفه بـ"شروط وإملاءات الصدر في ملف تشكيل الحكومة الجديدة". 

عودة الصدر للنجف

وبحسب مصادر سياسية عراقية قريبة من التيار الصدري، فإن الصدر عاد إلى النجف من دون أن يلتقي مع أي من القيادات السياسية الموجودة ببغداد، باستثناء عقده اجتماعاً مع أعضاء الهيئة السياسية بالتيار الصدري، جرى خلاله التأكيد على موقف الصدر في رفض الشراكة مع تحالف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، والتشديد على تشكيل حكومة أغلبية وطنية.

وأكد المجتمعون دعم مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني الجديد ريبر أحمد لمنصب رئاسة الجمهورية بديلاً عن هوشيار زيباري، الذي استبعدته المحكمة الاتحادية بقرار قضائي على خلفية شكاوى تتعلق بالفساد.

يواجه حلفاء الصدر ضغوطاً لثنيهم عن تأييده بملف الحكومة
 

وقال القيادي في قوى "الإطار التنسيقي" عائد الهلالي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنه لم يتم عقد أي اجتماع بين قوى التحالف المدعوم من طهران والصدر.

وأضاف أن "الأزمة وصلت إلى نقطة انغلاق شبه تام مع وجود تمسك من الصدريين بموقفهم الحالي بشأن الحكومة الجديدة"، مشيراً إلى أن "أطراف صديقة داخلية وخارجية عملت على تقريب وجهات النظر بين التيار الصدري والإطار التنسيقي خلال الفترة الماضية، لكن للأسف لم تتمكن حتى هذه الوساطات من حل الخلاف بين الطرفين".

وشدّد الهلالي على أن "الإطار التنسيقي" متمسك أيضاً بموقفه "من خلال مشاركة كل قوى الإطار وعدم ذهاب أطراف محددة فيه مع الصدر"، في إشارة الى رفض مطلب الصدر إقصاء المالكي من المشهد الحكومي المقبل.

بدوره، قال عضو "تيار الحكمة"، بزعامة عمار الحكيم، النائب رحيم العبودي، لـ"العربي الجديد"، إن "الصدر لم يلتق بأي من الأطراف السياسية خلال يومين من وجوده ببغداد، وهذا يؤكد تمسك الجميع بمواقفهم واستمرار الأزمة".

لكنه أكد "استمرار الجهود المحلية مع وجود أطراف دولية (لم يسمّها) تعمل على تحقيق تقدم".

وأضاف أن "الحل الوحيد هو عودة الكتلة الصدرية إلى البيت الشيعي وتكوين الكتلة الأكبر، وبالتالي، إنتاج حكومة قوية قادرة على التصدي لهذه المرحلة".

بدوره، قال السياسي المقرّب من التيار الصدري مناف الموسوي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن الصدر "واجه بنجاح الضغوط الجديدة لثنيه عن مشروع حكومة الأغلبية"، متحدثاً عن "ضغوط أخرى يواجهها حلفاء الصدر من القوى السنية والأكراد لثنيهم عن تأييد مشروعه، ولم تحقق تقدماً أيضاً".

ولفت إلى أن "الصدر ومن معه من قوى سياسية وحتى نواب مستقلين قادرين على تمرير رئيس الجمهورية في جلسة البرلمان المقبلة، لكن عقد الجلسة ينتظر حسم دعوى الطعن، حتى يحسم التحالف الثلاثي مرشحه النهائي لمنصب رئيس الجمهورية".

انسداد سياسي في بغداد

في المقابل، اعتبر المحلل السياسي أحمد الشريفي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "عدم عقد الصدر أي اجتماعات خلال زيارته العاصمة بغداد أخيراً، يؤكد أننا أمام انسداد سياسي، ولهذا لم يكن هناك أي اجتماع مباشر بين التيار والإطار".

الوساطات ما زالت قائمة وتهدف لإقناع التيار الصدري بالاندماج مع الإطار التنسيقي في كتلة واحدة

وكشف أن "الوساطات ما زالت قائمة وتهدف لإقناع التيار الصدري بالاندماج مع الإطار التنسيقي في كتلة واحدة، وهذه الوساطات لم تحقق تقدماً حتى الآن"، متوقعاً استمرار الأزمة السياسية فترة أطول بما يؤخر عملية تشكيل الحكومة إلى أشهر أخرى.

ويعوّل الصدر في شراكته مع تحالف "السيادة"، الذي يضم كتلتي "تقدم" و"عزم" بزعامة خميس الخنجر، والحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل، بتمرير مشروع حكومة الأغلبية.

وتملك الأطراف الثلاثة نحو 180 مقعداً في البرلمان، إلى جانب تأييد نواب مستقلين وممثلي أقليات في البرلمان للمشروع، وهو ما يمنحهم أكثر من 200 مقعد برلماني من أصل 329 مقعداً.

في المقابل، تلوّح القوى الحليفة لإيران المنضوية في "الإطار التنسيقي" بورقة ما بات يعرف بـ"الثلث المعطل"، إذ يفرض الدستور تمرير استحقاق رئيس الجمهورية بتصويت ثلثي أعضاء البرلمان، أي 220 نائباً.