يشهد تحالف "السيادة"، ثاني أكبر التحالفات السياسية في العراق، والذي يُقدّم نفسه ممثلاً سياسياً عن العرب السنّة، خلافات غير معلنة، يصفها أحد أعضاء التحالف، الذي يتألف من حزب "تقدم"، بزعامة رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي، و"المشروع العربي" برئاسة خميس الخنجر، بأنها "متشعبة".
وحصل حزب "تقدم" على 37 مقعداً في البرلمان، و"المشروع العربي" على 34 في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، قبل أن تحدث انسحابات عديدة من الحزبين عقب الانتخابات بفترة وجيزة أسهمت في تراجع عدد أعضاء التحالف إلى نحو 50 عضواً.
انضمام "الوطن" لتحالف "السيادة"
ومنذ فترة لم يشهد التحالف عقد أي اجتماع له على غرار التحالفات السياسية الأخرى، كما أن حراك قطبيه "التقدم" و"المشروع العربي"، بدا منفرداً لكل منهما في ما يتعلق بالتحضير لانتخابات مجالس المحافظات المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
الإعلان عن انضمام حزب "الوطن" إلى تحالف "السيادة"، من دون أن يصدر أي تعليق رسمي من "تقدم"
لكن الحدث الأبرز كان الأسبوع الماضي بظهور "المشروع العربي" منفرداً في محفل سياسي مع حزب "الوطن" الذي يتزعمه مشعان الجبوري، الخصم السياسي اللدود لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي. وتم الإعلان عن انضمام حزب "الوطن" إلى تحالف "السيادة"، من دون أن يصدر أي تعليق رسمي من "تقدم". كما أن "المشروع العربي" لم يعلّق على هذا الإعلان بالتبني أو النفي الرسمي.
ويلتزم "المشروع العربي" و"تقدم" الصمت عند الحديث عن تلك الخلافات، مع استمرار ضغط الشارع حيال وعود التحالف لناخبيه، مثل إعادة النازحين إلى المدن المهجرة، والكشف عن مصير المختطفين على يد المليشيات، وإخراج الفصائل والمليشيات المسلحة من داخل المدن والأحياء السكنية، وإعطاء تعويضات لأهالي المدن المدمرة منازلهم. كل ذلك لم يتحقق حتى الآن، على الرغم من مرور نحو 7 أشهر على تشكيل حكومة محمد شياع السوداني نهاية أكتوبر من العام الماضي.
خلافات بسبب السوداني؟
عضو بارز في تحالف "السيادة"، قال لـ"العربي الجديد" طالباً عدم ذكر اسمه، إن "التحالف بات مسجلاً بشكل رسمي في مفوضية الانتخابات العراقية ككيان سياسي باسم السيادة، وبرئاسة الشيخ خميس الخنجر". وأكد أن خطوة التسجيل هذه "أثارت انزعاج الحلبوسي، الذي يتحرك مع حزبه (تقدم) منفرداً للانتخابات المحلية المقبلة، إذ لم يعد من الممكن له المضي بأي تحرك سياسي أو انتخابي منفرد تحت اسم تحالف السيادة بدون مظلة من رئيسه خميس الخنجر".
لكن عضواً آخر في التحالف ذاته وينتمي إلى حزب "تقدم"، قال لـ"العربي الجديد" طالباً عدم ذكر اسمه، إن الخلاف عبارة عن "عتب وتراكمات بدأت مع امتناع الخنجر عن الوقوف مع الحلبوسي في أزمته الأخيرة مع السوداني، ورفضه (الخنجر) مقاطعة تحالف السيادة لجلسات البرلمان بسبب هذا الخلاف". واعتبر أن "تحالف السيادة ليس بأفضل حالاته حالياً، والخلافات متشعبة".
وكان الخنجر قد أكد في كلمة له يوم السبت الماضي، خلال تجمّع عشائري في مدينة الرمادي، العاصمة المحلية لمحافظة الأنبار غربي العراق، أنه يؤمن "بوجود نوايا صادقة في تنفيذ كل الاتفاقيات من قبل الحكومة". وأضاف: "لن نتهاون في الحصول على هذه الحقوق مهما كانت التضحيات، وكلنا ثقة بحكومة محمد شياع السوداني. هو يريد الإصلاح الحقيقي ويمضي بخطوات متميزة على المستويين الداخلي والإقليمي". وختم بالقول "واجبنا أن ندعمه (محمد شياع السوداني)، في سبيل تقوية الحكومة لأن ليس لدينا مرجعية دينية. السنّة مرجعيتهم الدولة".
خروج "تقدم" من "السيادة"؟
حسن الجبوري عضو حزب "المشروع العربي"، قال لـ"العربي الجديد"، إن حزب "تقدم" بزعامة الحلبوسي، "ما زال ضمن تحالف السيادة"، معتبراً أن "انضمام حزب الوطن بزعامة مشعان الجبوري للتحالف، عامل قوة لا ضعف".
الخلاف بدأ مع امتناع الخنجر عن الوقوف مع الحلبوسي في أزمته الأخيرة مع السوداني
وبيّن الجبوري أن "الخنجر يعمل على إعادة ترتيب البيت السياسي السنّي من خلال ضم أكبر عدد ممكن من الأحزاب والشخصيات السياسية السنّية إلى تحالف السيادة، فهناك أحزاب وشخصيات سوف تنضم قريباً للتحالف، وهذا تقوية للبيت السياسي السنّي، وليس إضعافاً له". وأكد أن "الأمر لا يتعارض مع رؤية زعيم حزب تقدم محمد الحلبوسي، بل هناك دعم لتحركات الخنجر من قبل الحلبوسي، وتحالف السيادة ما زال متماسكاً".
من جهته، قال يزن الجبوري، القيادي في حزب "الوطن" الذي أعلن انضمامه الأسبوع الماضي إلى تحالف "السيادة"، إن تحالفهم الأخير مع "السيادة" برئاسة الخنجر، يعني "إعلان خروج حزب تقدم من تحالف السيادة"، وفقاً لقوله. وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن حزبه وتحالف "السيادة" سيدخلان الانتخابات المحلية معاً.
لكن هذه المعلومات لم يؤكدها أي من قيادات تحالف "السيادة"، التي تتجنّب الخوض في مستقبل التحالف حالياً.
في المقابل، قال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "الخلافات والانشقاقات داخل تحالف السيادة كانت متوقعة، خصوصاً أن القوى السياسية السنّية منذ البداية وما قبل وبعد إعلان نتائج الانتخابات الأخيرة هي منقسمة، وتطورت الخلافات داخل السيادة، ولهذا حصلت انسحابات لعدد من النواب خلال الفترة الماضية".
وبيّن الشمري أن "عدم تحقيق مطالب بعض القوى ضمن تحالف السيادة، هو ما دفع إلى حصول خلافات ثم انشقاقات وخروج عدد من نواب التحالف، كما أن الالتحام الأخير الذي جرى بين حزب الوطن والسيادة بزعامة خميس الخنجر، يعكس طبيعة الخلاف داخل تحالف السيادة". وأضاف أن "التحالف بين حزب الوطن والسيادة يؤكد بدء عملية تأسيس التحالفات المقبلة، خصوصاً أننا على مقربة من انتخابات مجالس المحافظات، وهذا ما يدفع إلى إعادة صياغة خريطة التحالفات السياسية، مع الأخذ بإمكانية خلق زعامة سياسية سنّية خلال المرحلة المقبلة".