عقدت القوى السياسية العراقية المنخرطة ضمن مشروع حكومة الأغلبية الوطنية التي باتت تعرف باسم "التحالف الثلاثي"، يوم الأحد في بغداد، أول اجتماع لها من نوعه منذ ثلاثة أسابيع.
ويضم "التحالف الثلاثي" كلاً من التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، وتحالف "السيادة"، بزعامة خميس الخنجر، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني.
ويأتي الاجتماع في ظل استمرار أزمة سياسية غير مسبوقة تمر بها البلاد منذ إجراء الانتخابات البرلمانية في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، إذ يواصل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، رفضه إشراك تحالف رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في المشهد الحكومي المقبل، محملا إياه مسؤولية العديد من الإخفاقات والأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي شهدتها البلاد خلال سنوات حكومته الأولى والثانية (2006 ـ 2014).
ويطالب الصدر مع حلفائه من القوى السياسية العربية السنية والكردية، بتشكيل حكومة أغلبية وطنية، بينما ترفض القوى الحليفة لإيران المنضوية ضمن تحالف "الإطار التنسيقي"، المشروع، وتطالب بحكومة توافقية تشارك بها جميع القوى السياسية وضمن مبدأ المحاصصة التي قامت عليها العملية السياسية منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، لكن الصدر يرى أن حكومات المحاصصة لم تأت بأي تغيير وساهمت في تعزيز الفساد والانقسام الاجتماعي.
وقال مصدر سياسي مطلع في الحزب الديمقراطي الكردستاني، لـ"العربي الجديد"، إن "الاجتماع الذي عقد في منزل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، يهدف إلى التأكيد على استمرار هذا التحالف رغم كل الضغوطات التي مورست بالأسابيع الأخيرة لتفكيك هذا التحالف وإفشال مشروع حكومة الأغلبية، التي يتبناها هذا التحالف، وليس التيار الصدري وحده".
وبين المصدر أن "الاجتماع ناقش قضية التحشيد لجلسة البرلمان المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، والتأكيد على دعم مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، (ريبر أحمد) كونه مرشحاً رسمياً عن هذا التحالف، إضافة الى مناقشة ترك الباب مفتوحا لبعض قوى الإطار التنسيقي للانضمام لمشروع حكومة الأغلبية".
وأضاف المصدر أن "الاجتماع ناقش أيضا جلسة مجلس النواب ليوم الاثنين، والتي سيتم فيها استضافة وزير المالية العراقي الحالي علي علاوي، لمناقشة سعر صرف الدينار أمام الدولار، وكذلك مناقشة إمكانية طرح سحب الثقة عن الوزير، إذا ما كانت أجوبته غير مقنعة للبرلمان".
وتابع المصدر السياسي أن "اجتماع التحالف الثلاثي ناقش، ملف توزيع نواب التحالف على اللجان البرلمانية، وكذلك تقسيم رئاسة اللجان المهمة بين كتل التحالف الثلاث، وفق المقاعد البرلمانية لكل كتلة".
ويعوّل الصدر في شراكته مع تحالف "السيادة"، الذي يضم كتلتي "تقدم" و"عزم" بزعامة خميس الخنجر، والحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل، على تمرير مشروع حكومة الأغلبية.
وتملك الأطراف الثلاثة نحو 180 مقعداً في البرلمان، إلى جانب تأييد نواب مستقلين وممثلي أقليات في البرلمان للمشروع، وهو ما يمنحهم أكثر من 200 مقعد برلماني من أصل 329 مقعداً.
التلويح بورقة "الثلث المعطل"
في المقابل، تلوّح القوى الحليفة لإيران المنضوية في "الإطار التنسيقي" بورقة ما بات يعرف بـ"الثلث المعطل"، إذ يفرض الدستور تمرير استحقاق رئيس الجمهورية بتصويت ثلثي أعضاء البرلمان، أي 220 نائباً.
وحول التطور الحالي، قال رئيس مركز التفكير السياسي في بغداد، إحسان الشمري لـ"العربي الجديد"، إن الاجتماع "يحمل رسائل عديدة، أهمها أن التحالف الثلاثي ما زال قائما ومتماسكا وهو ماض في مشروع حكومة الأغلبية، التي طرحها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر".
وبين الشمري أن "الاجتماع جاء بعد تسريبات عن وجود خلافات داخل هذا التحالف، لكن الاجتماع نفى كل هذه التسريبات، بل أكد أن التحالف باق ومتماسك، ومثل هكذا اجتماعات هي مهمة لتوحيد المواقف بين القوى السياسية المتحالفة، كما أن موعد عقد الاجتماع مهم، خصوصاً مع قرب عودة جلسات البرلمان وقرب موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الجديد".
وأضاف رئيس مركز التفكير السياسي أن "كل المعلومات والمعطيات، تؤكد أن التحالف الثلاثي ماض في مشروع حكومة الأغلبية، رغم كل التهديدات والضغوطات التي يتعرض لها هذا التحالف سواء من أطراف داخلية أو خارجية، واجتماع اليوم، هو رسالة تحد جديدة، لكل هذه الضغوطات والتهديدات".
وتدخل أزمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة شهرها الرابع منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية في 30 نوفمبر/ تشرين الماضي، إذ يصرّ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على تشكيل حكومة أغلبية، رافضاً إشراك رئيس الوزراء الأسبق، زعيم حزب الدعوة نوري المالكي فيها، فيما يرفض الإطار التنسيقي الذي يضم القوى السياسية العراقية الحليفة لطهران التخلي عن المالكي والإصرار على إشراكه، أو التوجه نحو خيار المعارضة.
ويثير التقارب الواضح بين "التيار الصدري" وتحالفي "عزم" و"تقدم" والقوى الكردية، وتوجهها نحو تشكيل حكومة أغلبية وطنية، مخاوف "الإطار التنسيقي" من تحجيم خياراته للمرحلة المقبلة.
وتمكّن هذا التحالف من إثبات تماسكه في أول اختبار بالتصويت على رئيس البرلمان (محمد الحلبوسي) ونوابه، على الرغم من رفض القوى المنضوية في "الإطار التنسيقي"، الذي يجمع الكتل المقربة من طهران.