بعد أكثر من ثلاثة أشهر على تشكيل رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، لجنة عليا للتحقيق في قضايا الفساد، ومنحها صلاحيات واسعة، تلقت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي أخيراً معلومات تفيد بحصول انتهاكات في أثناء إجراء اللجنة التحقيق مع المحتجزين لديها والمتهمين بالفساد.
اللجنة التي منحها مجلس الوزراء العراقي صلاحيات واسعة برئاسة الفريق أحمد أبو رغيف، وعضوية ضباط من وزارة الداخلية وأجهزة المخابرات والأمن الوطني، وهيئة النزاهة، فضلاً عن 25 محققاً وقاضياً من مجلس القضاء الأعلى، اعتقلت في الفترة الأخيرة عدداً من المتهمين بقضايا فساد.
وبحسب بيانات متفرقة صدرت، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، يبلغ عدد المحتجزين بقضايا فساد نحو 30 مسؤولاً سابقاً وحالياً قيد التحقيق بدرجات رئيس هيئة ووكيل وزير ومحافظ ومدير عام ورئيس قسم فضلاً عن رؤساء بنوك وشركات مالية.
وتُلاحق اللجنة، في الوقت نفسه، اتهامات بكونها تتحاشى التحقيق في قضايا الفساد المتعلقة بكبار المسؤولين وزعماء الأحزاب الرئيسة المتنفذة في البلاد.
مصادر برلمانية مطلعة كشفت لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، عن تلقي لجنة حقوق الإنسان في البرلمان معلومات أدلى بها ذوو محتجزين لدى لجنة مكافحة الفساد عن وجود عمليات عنف وإكراه ارتكبت ضد المتهمين بالفساد الذين اعتُقلوا بأوامر من هذه اللجنة.
وأوضحت المصادر أن ذوي المحتجزين تحدثوا عن إرغام هؤلاء على الإدلاء باعترافات في أجواء غير قانونية، مشيرة إلى أن ذوي المحتجزين طلبوا من لجنة حقوق الإنسان البرلمانية التدخل من أجل إنهاء الضغوط التي تمارس على المعتقلين لدى لجنة التحقيق في قضايا الفساد المهمة.
رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، أرشد الصالحي، أكد، في حديث مع "العربي الجديد"، لقاء اللجنة بعدد من ذوي معتقلين لدى لجنة التحقيق بقضايا الفساد، مبيناً أنهم أطلعوا اللجنة على بعض المعلومات التي تخص الموقوفين.
ولفت الصالحي إلى أن لجنة حقوق الإنسان البرلمانية ستقابل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وكذلك الجهات التحقيقية المعنية في لجنة مكافحة الفساد، من أجل التأكد من صحة الادعاءات التي وردت على لسان ذوي المعتقلين بشأن تعرض محتجزين لدى اللجنة للتعذيب خلال التحقيق.
وأضاف: "سنتابع الأمر في أقرب وقت ممكن"، مؤكداً أن لجنة حقوق الإنسان في البرلمان لم تتطرق لغاية الآن إلى تفاصيل ما حدث، لأن الأمر سيبقى مرهوناً باللقاء مع المعتقلين، وكذلك مع جهات التحقيق.
وتابع: "سيكون دورنا أولاً اللقاء مع المعتقلين، والتأكد من الادعاءات وتفاصيل ما حصل في أثناء التحقيق، وكذلك اللقاء مع جهات التحقيق للتعرف إلى كثير من الأمور المتعلقة بإجراءات التحقيق وسلامتها".
وأشار إلى أن هذه القضية عُرضت على لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، على اعتبار أن متابعة الانتهاكات التي تحدث بخصوص حقوق الإنسان تُعَدّ من صلب اختصاصاتها.
ونهاية أغسطس/ آب الماضي، شكّل الكاظمي لجنة لـ"التحقيق في قضايا الفساد والجرائم المهمة"، منحت صلاحيات واسعة، وكُلِّف جهاز مكافحة الإرهاب مهمة تنفيذ القرارات الصادرة عن قضاة التحقيق أو المحاكم المختصة بالمسائل التي تخص لجنة التحقيق في قضايا الفساد، وفقاً للقانون.
كذلك خوّل الكاظمي إلى لجنة التحقيق في قضايا الفساد حق طلب أي أواليات أو معلومات متعلقة بالقضايا التي تنظر فيها، من الوزارات، أو المؤسسات غير المرتبطة بالوزارات، واستدعاء من تقتضي مجريات التحقيق استدعاءه بعد تحديد صفته، باستثناء المتهمين الذين لا يمكن إحضارهم من دون قرار من القاضي المختص.
من جانبه، قال عضو التيار المدني العراقي أحمد حقي، إنّ "الحديث عن وجود تعذيب أو إكراه خلال تحقيقات لجنة مكافحة الفساد، قد تكون مبالغاً فيها أو متعمدة للتشويش على عملها، وخاصة أنّ جميع من اعتُقِلوا هم شخصيات معروفة من الوسط السياسي، وليسوا مواطنين عاديين حتى يفلت من تورط بتعذيبهم من الجريمة".
وأضاف أنّ "لقاء أعضاء لجنة حقوق الإنسان البرلمانية من الممكن أن ينهي الجدل الحالي"، مرجّحاً "وقوف جهات سياسية وأخرى من المتورطين بتلك القضايا الخاضعة للتحقيق وراء إثارة مثل هذه الادعاءات لعرقلة عمل اللجنة".