العراق: أزمة الكاردينال ساكو تتطور وتحذيرات من "تسييس" المنصب الديني

20 يوليو 2023
ساكو يتهم الكلداني بالتورط في سرقة أملاك المسيحيين (Getty)
+ الخط -

بدأت المواقف الدولية الرسمية بالظهور إزاء الأزمة التي تسبب بها قرار رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف رشيد إلغاء المرسوم الذي يعترف بالبطريرك لويس ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، رئيسا للكنيسة المسيحية في البلاد. 

ورغم أن أزمة الكاردينال ساكو أخذت حيزاً كبيراً في الصحافة العالمي، إلا أن الرئيس العراقي يواصل الإصرار على موقفه من دون الاكتراث لرأي العالم في ذلك، حسب ما أفادت مصادر مقربة من الرئيس "العربي الجديد". 

وأعلنت رئاسة الجمهورية العراقية، أمس الأربعاء، أنها ستستدعي السفيرة الأميركية ألينا رومانوسكي، بسبب تصريحات المتحدث باسم الخارجية ماثيو ميلر بشأن سحب مرسوم تعيين رئيس الكنيسة المسيحية في العراق، الذي انتقد من خلالها قرار الرئيس العراقي. 

وانتقد ميلر، الثلاثاء، قرار الرئيس العراقي إلغاء المرسوم الذي يعترف بالكاردينال ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، رئيسا للكنيسة المسيحية في البلاد، بقوله: "سأقول إننا منزعجون من مضايقة الكاردينال ساكو... ومنزعجون من نبأ مغادرته بغداد".

عقب ذلك، ذكرت رئاسة الجمهورية العراقية، في بيان، أنه "عقب تصريحات ميلر عن القرار الأخير بإلغاء المرسوم الجمهوري القاضي بسحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013 الخاص بالكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو، يشعر مكتب رئاسة جمهورية العراق بخيبة أمل إزاء الاتهامات الموجهة إلى الحكومة العراقية والرئاسة بشأن القرار المتخذ بإلغاء مرسوم رئاسي لا يتماشى مع دستور البلاد، لذلك ستستدعي رئاسة الجمهورية سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في بغداد بشأن هذه المسألة".

وقالت مصادر مقربة من رئيس الجمهورية العراقي لـ"العربي الجديد" إن "عبد اللطيف رشيد ملتزم بقراره حتى وإن استمرت التعليقات أو الضغوط الدولية للعدول عن قراره، لأن القرار قديم وكان من المفترض أن يُقر في عهد رئيس الجمهورية الأسبق جلال طالباني، ناهيك عن اتفاق حزبي جرى بين عدد من الأطراف السياسية بهذا الشأن".

وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد" أن "الرئيس العراقي تواصل خلال اليومين الماضيين لأكثر من مرة مع ساكو، لكن الأخير لا يستجيب للاتصالات، وهذا ما جعل الرئيس يشعر بالغضب".

تسيّس منصب الكاردينال

وقال مسؤول ديني في دائرة الوقف المسيحي ببغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "القرار الموجه ضد الكاردينال ساكو سياسي، وجاء بضغط من زعيم فصيل بابليون المسيحي ريان الكلداني وأطراف أخرى، وهو ما جعل الأمر تطوراً خطيراً بالنسبة للبيت المسيحي العراقي ككل".

واعتبر أن "تسييس منصب الكاردينال يعني الزج بالمسيحيين في حسابات سياسية واستغلال اسمهم، وهو ما نرفضه ويرفضه كل مسيحيي العراق"، متحدثاً عن مخاطر استمرار الأزمة على جهود عودة مسيحي العراق إلى مدنهم ومنازلهم التي تركوها عقب اجتياح "داعش" محافظة نينوى عام 2014. 

من جهته، قال عضو جماعة "بابليون" دريد جميل إن "الولايات المتحدة تتدخل في الشأن العراقي بشكل واضح، وإن التعليقات الأخيرة التي صدرت عن أطراف دولية من المفترض أن يتم الوقوف عندها، إذ إن القرار الأخير للرئيس العراقي بخصوص الاعتراف بالكاردينال ساكو يمثل وجهة نظر قانونية، رغم أننا لا علاقة لنا فيه".

وأضاف جميل، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "الكاردينال ساكو شخصية محترمة، ونحن لا نقبل أن يتم تجاوزه، رغم أنه يحاربنا في بابليون عبر التصريحات الإعلامية، لكنه رجل دين محترم، وكل من يلبس الجلباب الكنسي نكن له كل الود، لكن عليه أن يعترف بأهمية تطبيق القانون في الدولة العراقية، وبالتالي فإن ما صدر بحقه من قرار ينسجم مع الدستور العراقي".

وتشهد قيادة الوضع المسيحي في العراق حالة من الصراع بين بطريرك الكنيسة الكلدانية لويس ساكو، وقائد جماعة "بابليون" المسلحة ريان الكلداني، حتى وصلت خلال الأشهر الماضية إلى تبادل التهم والبيانات عبر وسائل الإعلام والمؤتمرات الصحافية، في مرحلة جديدة من الصراع على الوضع الديني والسياسي للمكون المسيحي، الذي لم يمر بحالة جيدة منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

وهاجم ساكو، في وقت سابق، الكلداني، معتبراً أنه "لا يمثل المكون المسيحي"، واتهمه بالتورط في سرقة أملاك المسيحيين. وقال في مؤتمر صحافي: "لا أسمح لنفسي بمناظرة شخصية مثل ريان الكلداني، الذي سرق أملاك المسيحيين في بغداد ونينوى وسهل نينوى، ويحاول شراء رجال الدين المسيحيين بمساعدة امرأة وضعها في منصب وزيرة"، في إشارة إلى وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو التابعة لحركة "بابليون".

المساهمون