اعتبر الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، سعد الدين العثماني، اليوم السبت، أن لا تفسير للتعديلات التي لحقت مشاريع القوانين الانتخابية "سوى أنها تستهدف الحظوظ الانتخابية" لحزبه.
وقال الأمين العام لـ"العدالة والتنمية"، في تقرير سياسي قدمه خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الاستثنائية لبرلمان الحزب اليوم السبت، في الرباط، إنّ حزبه سيواصل بجميع الوسائل الدستورية والقانونية والسياسية التصدي لتلك التعديلات التي يرى أنها "غير ديمقراطية"، معتبراً أنّ رفضه لاعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين "موقف وطني ديمقراطي وليس هاجساً انتخابياً مصلحياً، على عكس المغالطات التي يروجها البعض بسعي الحزب للهيمنة على المشهد السياسي المغربي".
ولفت العثماني إلى أنّ التعديلات التي أتت بها فرق من الأغلبية والمعارضة، بشأن اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين مع إلغاء العتبة، "تتضمن تراجعات ديمقراطية تضعف المؤسسات المنتخبة، وتُبلقنها بشكل غير مسبوق في تاريخ المغرب، وستكون لها تداعيات على المسارين التنموي والديمقراطي".
إلى ذلك، كشف الأمين العام للحزب الإسلامي عن توصله من بعض "إخوانه" باقتراح تفعيل الفصل 103 من الدستور، الذي يقول إنه يمكن لرئيس الحكومة أن يربط، لدى مجلس النواب، مواصلة الحكومة تحمّل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يدلي به في موضوع السياسة العامة أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه. كما كان الاقتراح ذاته مجالاً للتداول داخل الأمانة العامة (أعلى هيئة تنفيذية في الحزب) في مسعى للرد على فرض باقي مكونات البرلمان المغربي، أغلبية ومعارضة، لتعديل القاسم الانتخابي.
وبحسب العثماني، فإنّ التقدير العام، الذي جرى بعد النقاش الذي تم في الأمانة العامة، خلص إلى أن تفعيل الفصل الذي يربط استمرار الحكومة بتجديد الثقة فيها مجال محفوظ للمجلس الوطني (برلمان الحزب)، كما هو الشأن بالنسبة لقرار دخول الحكومة أو الخروج منها، لافتاً إلى أنه حتى في حال اللجوء إلى تفعيل الفصل 103، فإن النتيجة لن تكون رادعة للمعنيين.
وفي رده على ما يعيشه الحزب من خلافات داخلية، وعلى الانتقادات التي توجه لطريقة إدارته من جانب القيادة الحالية، وطريقة تعاملها مع "الهزات" التي تعرض لها أخيراً بعد توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل، وإقرار الحكومة لقوننة القنّب الهندي؛ قال العثماني إنّ "القرارات السياسية دائماً هي مفاضلة بين خيارات متعددة ومتنوعة، قد يكون بعضها مؤلماً وصعباً وأحياناً يكون بعضها سيئاً، وبالتالي فالعملية كلها مفاضلة بين مختلف الخيارات، وهذه الطبيعة بنيوية في السياسة وفي العمل والقرار السياسيين".
وأضاف: "من يظن أنّ القرار السياسي يكون فيه الاتفاق التام، فإنه واهم.. الاتفاق العام يكون في المبادئ العامة والأسس الكبرى والمواجهات، أما في التنفيذ والتطبيق فدائماً يكون اختلاف في وجهات النظر".
ووجد العثماني، في الجلسة الافتتاحية لبرلمان الحزب، الفرصة المناسبة لتوجيه رسائل مباشرة إلى معارضيه، وفي مقدمتهم الأمين العام السابق للحزب عبد الإله بنكيران، مشيراً إلى أن "العدالة والتنمية" تميز بـ"فتح المجالات من دون تضييق على حرية التعبير، مع التأكيد أن هذا التعبير يجب أن يكون مسؤولاً ينأى عن التجريح والقذف والاتهام… والإساءة إلى الآخرين، سواء كانوا أشخاصاً أو هيئات، وهذا جوهر حرية الرأي".
وواصل هجومه على منتقديه بالقول إنّ القرارات السياسية "ليست قطعية، وهي مجال لتقليب النظر، وتغليب التقدير في اتخاذ القرار تحسمه هيئات الحزب المسؤولة وفقاً لاختصاصاتها وطبقاً لقوانيننا وأنظمتنا… وجميع القرارات السياسية، التي اتخذها الحزب في هيئاته المسؤولة منذ 1996، كانت دائماً تتخذ داخل الأمانة العامة، باعتبارها أعلى هيئة سياسية وتنظيمية للحزب، بالتوافق إذا وجد، وفي الغالب باعتماد رأي يفرزه النقاش الحر والمسؤول بناء على تداول الأعضاء والتصويت بعد ذلك".
من جهته، شن نائب رئيس المجلس الوطني للحزب، عبد العالي حامي الدين، هجوماً حاداً على "مخترعي نظام هجين لا يوجد في العالم (القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية عوض الأصوات الصحيحة) واصفاً إياهم بالـ"دهاقنة".
واعتبر حامي الدين، في الكلمة التي ألقاها نيابة عن رئيس المجلس الوطني المستقيل إدريس الأزمي الإدريسي، أنّ القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين "وضعية شاذة لا تخدم المصلحة العامة للوطن ولا يمكن قبولها لا دستورياً ولا أخلاقياً ولا قانونياً"، كما أنه "فضيحة عصفت بمبدأ التوافق بين الأحزاب السياسية على القوانين الانتخابية، وهو المبدأ الذي عمل به المغرب طيلة ثلاثة عقود".