لم يخف الحاج عدنان فارس فاجعته بنبأ قتل قوات الاحتلال الإسرائيلي لنجله حذيفة (27 عاماً) في كمين نصبته له ولرفيقه عبد الرحمن عطا (23 عاماً)، على مدخل قرية شوفة في محافظة مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة، صباح اليوم الخميس. وقد فوجئ كل من عرفهما، إذ كان الشهيدان يعملان بصمت، وكانا من عناصر "كتائب القسام" الذراع العسكرية لحركة "حماس".
وقال والد الشهيد حذيفة، الذي كان يقف بين مجموعة من الشبان الذين جاؤوا للوقوف إلى جانب العائلة التي تقطن في ضاحية ذنابة بمدينة طولكرم، لـ"العربي الجديد"، إن "الشهيد هو أصغر أبنائه والأقرب إلى قلبه والمدلل عنده، وقد فقد والدته منذ سنوات، وهو متزوج ولديه طفل في الثانية، وطفلة في عامها الأول".
ويضيف الوالد: "اختار حذيفة طريقه، رحمه الله وتقبله في جنات النعيم. حفيداي سأضعهما في عيوني وأربيهما كما ربيت أباهم، لكنني حزين أنهما سيكبران وهو بعيد عنهما".
ويشير والد الشهيد إلى أن الأسرة لا تملك معلومات وافية عما جرى للشابين: "كنت في عملي، عندما اتصل بي أحد أبنائي وطلب مني العودة للمنزل، حيث كان الأقارب والجيران مجتمعين، فعلمت أن حدثاً ما قد وقع، وكانت الصدمة باستشهاد حذيفة. صحيح أنني متألم، لكنني أيضاً فخور بما قام به من عمل بطولي".
أحد أصدقاء الشهيد حذيفة، والذي طلب عدم كشف هويته، قال لـ"العربي الجديد" إن "حذيفة كان مولعاً بالمقاومة وسيرة المقاومين، لكنه لم يكن يظهر أمره للعلن. وفي كل ليلة يقتحم الاحتلال مدينة طولكرم أو مخيمها أو مخيم نور شمس المجاور، فإن حذيفة لا ينام الليل ويبقى يتابع الأحداث حتى انسحاب الاحتلال ليكون أول من يصل للمكان ويتفقده".
ويعمل الشهيد حذيفة في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 ليعيل أسرته الصغيرة، لكنه "كان محباً للشرفاء وناقماً على الظالمين، لذلك فما قام به ليس مستغرباً على من يعرفه"، بحسب صديقه.
ولم يكن يختلف الحال لدى عائلة الشهيد عبد الرحمن عطا، حيث تجمع العشرات أمام منزله في ضاحية ذنابة في طولكرم حيث كان والده، وهو ضابط متقاعد من الأجهزة الأمنية الفلسطينية، يستقبل المعزين ويردد بصوت مسموع عبارات الحمد، في دلالة على رضاه بقضاء الله.
محمود عطا، قريب للشهيد، قال لـ"العربي الجديد" إن "عبد الرحمن كان في بث مباشر على صفحته على إحدى منصات التواصل الاجتماعي وقت اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمخيم طولكرم، لكنه بعد ذلك أغلق هاتفه وانقطع الاتصال معه، حتى علمت العائلة بأمر استشهاده".
ويضيف قريب الشهيد: "إن عبد الرحمن شاب في مقتبل العمر، وهو يتأثر بما يدور حوله من أحداث، ولا سيما اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على أبناء شعبه وعلى القدس والمسجد الأقصى وغيرها، وبالتالي فما قام به هو ردة فعل طبيعية على تلك الجرائم".
ويؤكد قريب الشهيد عطا أنه "اليوم لا يمكن لك أن تسيطر على هذا الجيل الشاب، ولا يمكن أن تتنبأ بما سيقوم به، لذلك اختار عبد الرحمن طريقه بمحض إرادته، ولن تجدنا كعائلة إلا راضين رغم الألم الكبير، وفخورين بكونه شهيدا في سبيل الله".
وأعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، تبني الشهيدين فارس وعطا، وقالت "إن العملية التي نفذتها تأتي رداً على عدوان الاحتلال المتواصل، وهي تأتي استكمالاً لما بدأه مجاهدو القسام في مخيم طولكرم بعد أن أوقعوا قوة خاصة بكمين محكم رفقة إخوانهم المجاهدين من الفصائل الأخرى".
واستشهد الشابان حذيفة فارس وعبد الرحمن عطا بالقرب من حاجز شوفة العسكري المقام على أراضي قرية شوفة في طولكرم، بعد ملاحقتها من قبل جيش الاحتلال إثر تنفيذهما عملية إطلاق نار استهدفت مركبات للمستوطنين في مستوطنة "افي حفنتس" المقامة على أراضي طولكرم، وتحتجز قوات الاحتلال جثمانيهما حتى الآن.