وقال العالول، في تصريح نشرته صفحة مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة"فتح"، إن "ما نُشر حول إصدار قرار من الرئيس بقطع العلاقات مع الجبهة الشعبية، على خلفية مواقف الحركة السياسية أمر غير صحيح، وننفيه بشكل قطاع".
وأوضح العالول أن "علاقة عباس والسلطة ومنظمة التحرير، بكافة الفصائل تحكمها الجدية والطيبة"، معتبراً ما ينشر بهذا الخصوص "مجرد تشويش لا أكثر على الساحة الفلسطينية بهدف التعكير".
وجدد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، موقف عباس الداعم والمساند للفصائل الفلسطينية بكل توجهاتها وأفكارها السياسية".
وجاء نفي العالول بعدما كانت مصادر قيادية رفيعة في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، أكدت لـ"العربي الجديد"، أنّ الرئيس الفلسطيني قرر وقف المخصصات المالية التي تصرف لـ"الجبهة" من الصندوق القومي الفلسطيني، ووقف التعامل السياسي والشخصي مع كل مسؤوليها، ومقاطعة اللقاءات التي تدعو إليها.
غير أنّ المصادر لم توضح متى صدر هذا القرار، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه لم يجر تبليغهم أي قرار حول وقف المخصصات. وعلم "العربي الجديد"، أنّ قرار عباس شمل قطع المبلغ الشهري المحول إلى "الجبهة الشعبية"، إضافة إلى وقف دفع مستحقات متأخرة للجبهة لدى الصندوق عن سنوات ماضية.
وقالت مصادر "العربي الجديد"، إن عباس قرر أيضاً وقف التعامل السياسي والشخصي مع كل مسؤولي الجبهة الشعبية في الضفة الغربية وقطاع غزة والخارج، وطلب من "فتح" مقاطعة جميع اللقاءات التي تدعو إليها الشعبية، وعدم دعوتها إلى لقاءات "فتح".
وأكد مسؤول بارز في "الجبهة" أن المبلغ الشهري الذي تحصل عليه الشعبية من الصندوق، يقدر بسبعين ألف دولار أميركي، وهو حق للجبهة وليس منةً من عباس.
وهذه هي المرة الثانية التي "يفرض" فيها عباس قيودا مالية على الجبهة الشعبية لمواقفها، إذ أصدر قبل عامين قراراً مماثلاً بمنع تحويل مستحقات الجبهة إليها، بدعوى رفضها العودة إلى المفاوضات، ومواجهتها إياه في أكثر من موقف وطني.
في غضون ذلك، أكد عضو اللجنة المركزية لـ"الجبهة الشعبية"، ذو الفقار سويرجو، أن الجبهة ترفض كل أنواع "الضغوط والابتزاز ومحاولات تركيعها عبر مقاطعتها مالياً وسياسياً"، لافتاً إلى أن الجبهة عضو مؤسس في المنظمة وما تحصل عليه هو حقها وليس منة من أحد.
وقال سويرجو لـ"العربي الجديد"، إن "قرار عباس جاء كردة فعل على مواقف الجبهة من رفض عملية التسوية والمفاوضات مع العدو الصهيوني، لأنها لم تأت بجديد لشعبنا، وهي فرصة للعدو ليفرض وقائع جديدة على الأرض".
وطالب "من أخذ هذا القرار الخاطئ (عباس)، بأن يتروى وأن يواجه الانتقاد بالرأي وليس بالتهديد والقطع والتلويح"، مشيراً إلى أن "عباس لا يملك حق وقف المستحقات المالية، والعلاقة السياسية، مع الجبهة الشعبية". وانتقد تحويل عباس "خلافاً سياسياً" مع "الجبهة"، إلى خلاف شخصي، معها.
في السياق نفسه، أكد مسؤول فرع "الشعبية" في قطاع غزة، جميل مزهر، أن الجبهة لا تقبل الخضوع لأي ابتزاز أو ضغوط يمكن أن تنال منها أو من مواقفها وسياساتها المنحازة لعموم شعبنا وقضيته الوطنية. وبيّن أن "الجبهة الشعبية تدير اختلافاتها مع الرئيس أبو مازن في المنظمة بمسؤولية وطنية باعتبار أن المنظمة جبهة وطنية عريضة، والجبهة عضو مؤسس ومكوّن رئيسي من مكوّناتها ولا يستطيع أحد تجاهلها أو إقصاءها".
من جهة ثانية، قالت مصادر "العربي الجديد"، إن عباس قرر وقف المخصصات المالية للجبهة "كأسلوب عقاب لها على المجاهرة برفض خطه السياسي". وأكّدت أن "الجبهة تصرّ في المرحلة الحالية على أن يكون تحركها تحت سقف منظمة التحرير وهي مظلة ومرجعية جميع الفصائل الفلسطينية، وتقوم بإرسال رسائل إلى جميع الفصائل والتنظيمات لإطلاعها على مجريات الأمور".
وعزت مصادر مطّلعة التدهور الحاصل في العلاقة بين الطرفين الى الموقف الذي اتخذته "الجبهة الشعبية" في اجتماع المجلس المركزي برام الله، إذ رفضت استئناف "منظمة التحرير الفلسطينية" للمفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي بشروط، إضافة الى رفضها المسار التفاوضي المنفرد الذي تصرّ الولايات المتحدة على رعايته.
وأكدت مصادر قريبة من "الجبهة الشعبية"، أن "استهداف عناصرها بالاعتقال السياسي لم يتوقف طوال السنوات الماضية، بل شهد تصعيداً خلال فترة المفاوضات بين القيادة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي".
وأشارت الى أن "حملات الاعتقال ضد عناصر "الجبهة"، ومداهمة منازل عناصرها وتفتيشهم زادت وتيرتها بعد اجتماع المجلس المركزي، ما يزيد من قناعة الجبهة برفض التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي".
الانسحاب من من جلسة المركزي
وكانت القيادية في "الجبهة" خالدة جرار، قد أعلنت في كلمة ألقتها أمام المشاركين في اجتماع المجلس المركزي في 27 أبريل/نيسان الماضي، أنه: "استناداً إلى موقفنا النهائي الرافض للمفاوضات والتنسيق الأمني، فإننا نعلن انسحابنا من هذه الجلسة، حتى لا نشكل غطاءً سياسياً للعودة مرة أخرى إلى المفاوضات".
ووجّه عباس بعدها انتقاداً حاداً للقيادية جرار، وقال لها "نعم أوسلو خيانة، وكل ما نتج من اتفاقية أوسلو خيانة"، قبل أن يضيف "المجلس التشريعي يعتبر أحد نتائج أوسلو الخائنة، وأنت يا رفيقة خالدة عضو في مجلس خائن، نجم عن اتفاقية خائنة".
وقالت مصادر قريبة من "الجبهة الشعبية" لـ"العربي الجديد"، إن كلمة جرار كانت واضحة وتتمثل بـ"الانسحاب من هذه الجلسة، وليس الانسحاب من منظمة التحرير".
وانسحبت "الجبهة الشعبية" عند تلاوة المجلس المركزي لبيانه النهائي، والذي أكّد فيه استئناف المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي، لكن بشروط ومع وجود مرجعية واضحة، وذلك في اليوم الختامي على انعقاده في أبريل/نيسان.
وأضافت المصادر: "بات عباس مقتنعاً بأن حركة "حماس" أصبحت حليفة له بعد إنهاء الانقسام وجهود تشكيل حكومة وفاق وطني، تلتزم بالمعايير التي وضعها الاتحاد الأوروبي وأهمها نبذ العنف، والالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقعتها القيادة الفلسطينية".