الشرطة العراقية تتسلم الملف الأمني بعدة محافظات من الجيش لأول مرة منذ الغزو الأميركي للبلاد

16 مايو 2021
الشرطة العراقية تسلمت محافظات بابل والديوانية والمثنى (حيدر محمد علي/ فرانس برس)
+ الخط -

تسلمت وزارة الداخلية العراقية، اليوم الأحد، مسؤولية إدارة الملف الأمني في عدة محافظات من قوات الجيش العراقي، وذلك في إجراء هو الأول من نوعه منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، وسط تشديد على ضرورة "تفعيل دور المعلومات الاستخبارية المسبقة لمنع أي عمليات مخلة بالأمن تنفذها الجماعات الإرهابية ومليشيات مسلحة" في تلك المحافظات، بعد انسحاب قوات الجيش من داخل المدن.

ومنذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وتأسيس الوحدات الجديدة للجيش العراقي عقب حل الجيش السابق، تتولى القوات العسكرية مسؤولية حفظ أمن المدن في المحافظات العراقية، رغم وجود قوات الشرطة التي ظل دورها ثانوياً أمام الجيش وأجهزة تخصصية أخرى، مثل جهاز مكافحة الإرهاب وجهاز الأمن الوطني.

وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية اللواء تحسين الخفاجي، في بيان اليوم الأحد، إن "وزارة الداخلية تسلمت الملف الأمني في محافظات بابل والديوانية والمثنى، وتقترب من تسلمه في محافظتين هما محافظتا النجف وواسط، واللتان تنعمان باستقرار أمني".

 

وبيّن المتحدث ذاته أن "تسلم ملف الحماية داخل المدن من قبل وزارة الداخلية إجراء متابع، كقيادة عمليات مشتركة بتوجيه من القائد العام للقوات المسلحة، وفي حال اكتمال قدرات الوزارة سيتم تسلم المحافظات الأخرى تباعاً".

وكشف الخفاجي عن أن "العمل يجرى كذلك لتسليم الداخلية ملف الأمن في صلاح الدين والأنبار في توقيتات لاحقة، خصوصاً أن هناك حاجة ضرورية لمسك الجيش لبعض المحافظات ريثما تتم جاهزية قوات الداخلية".

وأضاف المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية بأن "الملف الأمني في بعض المحافظات بيد القوات الأمنية والجيش نتيجة وجود مهام ضد بقايا وخلايا عصابات داعش الإرهابية".

وحول الخطوة، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كريم عليوي، لـ"العربي الجديد"، إن "قوات الشرطة باتت تتمتع بإمكانية أفضل في العامين الماضيين بما يمكنها من تولي ملف الأمن بمفردها في عدد من المدن المستقرة جنوبي العراق، خصوصاً بعد إكمال متطلبات تجهيزها من ناحية العدة والعدد والتدريب".

واعتبر تسلم الشرطة ملف الأمن بأنه "دليل على استقرار تلك المحافظات، لكن هذا الأمر يتطلب تفعيل الجهود الأمنية، وخاصة فيما يتعلق بالمعلومات الاستخبارية لوزارة الداخلية في المحافظات، لمنع أي تحركات أو أعمال تريد العبث بأمن واستقرار تلك المحافظات بعد خروج قوات الجيش منها".

وكشف عن سعي في البرلمان لـ"استضافة وزير الداخلية عثمان الغانمي والكادر المتقدم في الوزارة، للاطلاع على خطط الداخلية في حفظ أمن واستقرار المحافظات، التي تسلمت الشرطة ملفها الأمني".

من جهته، اعتبر عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي، تسلم الملف الأمني في المحافظات لوزارة الداخلية بـ"الخطوة المفصلية والمهمة".

وأضاف المطلبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الجيش يجب أن يكون تواجدها خارج المدن، ويكون الملف الأمني في المدن بيد قوات الشرطة، خصوصاً أن هذه القوات قادرة على حفظ أمن بغداد وكافة المحافظات، كما الملف يجب أن ينحصر بجهة أمنية واحدة، بدل تشتته بيد جهات عدة".

وأكد أن "العمل مستمر في العاصمة العراقية بغداد على تسلم وزارة الداخلية بشكل كامل للملف الأمني في العاصمة، خصوصاً أن هناك عشرات السيطرات، كانت بعهدة الجيش أصبحت بعهدة الشرطة، وهذا الأمر هو بداية تسلم الداخلية الملف الأمني، لكن الأمر يجب أن يسير وفق خطط محكمة ومدروسة، حتى لا يكون لها تأثير على الوضع الأمني أو فتح ثغرات، قد تستغلها الجماعات الإرهابية والعصابات".

 

في المقابل، يتحدث مسؤول عسكري عراقي عن "وجود مخاوف من نقل ملف الأمن للشرطة في عدد من المحافظات لأسباب تتعلق بالمليشيات المسلحة المنتشرة في تلك المدن، وضعف الشرطة في مواجهة الكثير منها"، مضيفا، لـ"العربي الجديد" أن خطوة تسليم الملف الأمني في عدة محافظات "قد لا تكون قابلة للتحقق في محافظات أخرى، خاصة بغداد ومدن شمال وغرب العراق، كون المليشيات والفصائل المسلحة التابعة للحشد تمارس دوراً واسعاً لا قدرة للشرطة على وقفه، أو أن تكون في المعادلة الأمنية القوة الأولى، مثل الجيش بالوقت الحالي الذي يملك مقدرات أوسع وأكبر من باقي أطراف المعادلة الأمنية في العراق".

ولفت إلى أن "الأمر ينطبق حتى على المحافظات الجنوبية التي تنقسم فيها الشرطة لواءات القبلية والحزب والتوجه السياسي، لذا فإن مسألة تسليم الشرطة كامل الملف الأمني لن تكون فكرة صائبة في كل العراق، وحتى المحافظات التي جرى فيها تسليم الملف سيبقى الجيش العراقي مرابطا على أطراف هذه المدن وحدودها، للتدخل متى ما استدعت الحاجة، وهو ما تدركه الحكومة وكل القيادات الأمنية والعسكرية".

واعتبر أن "الإقدام على هكذا خطوة، قبل موعد إجراء الانتخابات، يثير الكثير من الشكوك، في كونها تحمل جانبا سياسيا، خصوصاً أن هذه القوات ستكون هي المكلفة بحماية مراكز الاقتراع، فهناك خشية من التلاعب أو التأثير على إرادة الناخب من خلال عناصر الفصائل والأحزاب التي تنخر هيكل الشرطة العراقية، وهذا الأمر يشمل الكثير من عناصر الشرطة لهم انتماءات سياسية وحزبية، عكس قوات الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب".

وبدأت قوات الجيش العراقي من خلال قيادات العمليات المشتركة إدارة الملف الأمني الداخلي في البلاد عام 2007 لاحتواء العنف الطائفي وهجمات تنظيم "القاعدة" آنذاك ومن بعدها تنظيم "داعش" عام 2014.

المساهمون