- الدهماني تندد بالاستهداف القضائي في رسالة مفتوحة، مؤكدة لجوئها للمقر للتشاور حول مواجهة المظلمة، وتلقيها تضامنًا من جمعيات وشخصيات، وإدانة الديناميكية النسوية للاعتقالات.
- مجلس الفرع الجهوي للمحامين بتونس يعلن إضرابًا عامًا وإيقاف العمل بالمحاكم ردًا على الاقتحام، وحزب "التيار الديمقراطي" يدين الحادثة كتصعيد ضد الأصوات المعارضة، بينما تؤكد المحكمة تنفيذ الإجراءات القانونية.
اقتحمت الشرطة التونسية مقر عمادة المحامين التونسيين وسط العاصمة تونس، مساء اليوم السبت، لتلقي القبض على المحامية سنية الدهماني المتحصنة بالمقر منذ مساء أمس الجمعة، بسبب ملاحقة قضائية على خلفية تصريح صحافي. واحتمت الدهماني بدار المحامي بعد قرار قاضي التحقيق الأول بالمحكمة الابتدائية في تونس بإصدار بطاقة جلب قضائية في حقها، وقال محامون إن الشرطة التونسية أحاطت بمقر عمادة المحامين منذ مساء أمس الجمعة واقتحمت اليوم المقر وألقت القبض على الدهماني.
وقالت الدهماني في رسالة مفتوحة للرأي العام نشرتها على صفحتها في منصة فيسبوك إنها "تعرّضت لمظلمة جديدة تجاوزت كلّ حدود المنطق وخرقت أدنى ضمانات المواطنة فضلاً عن حقوق الدفاع وشروط المحاكمة العادلة، في خطوة جديدة من مسلسل الاستهداف القضائي".
وأضافت الدهماني "بعد حملة شتم وتحريض وتخوين منظّمة على شبكات التواصل الاجتماعي فوجئت بتوجيه إعلام لفرع تونس للمحامين بفتح تتبّع تحقيقي في حقّي على خلفيَة تصريح تلفزيوني أكّدت فيه أنّ تونس ليست جاذبة للهجرة غير النّظاميّة بغية التّوطين، بل لمجرّد العبور نحو السّواحل الأوروبّيّة"، وقالت إنه "في إجراء غير معتاد يعكس إرادة في التّشفّي والتّنكيل تمّ الرّدّ على طلب هيئة دفاعي بتأخير النّظر في الملفّ بإصدار بطاقة جلب في حقّي وإدراجي بالتّفتيش".
وأضافت الدهماني "إنّ التجائي لدار المحامي، دار جميع المحامين، لم يكن بخلفيّة التّفصّي من أيّ مساءلة فلم أرتكب أيّ عمل مخالف للقانون، بل هو بغاية التّشاور مع زميلاتي وزملائي في كيفيّة مواجهة هذه المظلمة الصّارخة والخطوات التي يتطلّبها ذلك، وإذ أتوجّه لهم جميعاً بالشّكر فإنّي أهيب بكلّ الأحرار في البلاد أن يتجنّدوا للدّفاع عن الكلمة الحرّة ورفض توظيف القضاء في محاكمات الرّأي".
وعبرت جمعيات وشخصيات كثيرة عن تضامنها مع الدهماني، واستنكرت الديناميكية النسوية (تضمّ عدداً من المنظمات الحقوقية النسوية) "الإيقافات التي تستهدف النساء الناشطات في المجالات الحقوقية والسياسية"، وأدانت الديناميكية النسوية، في بيان أمس الجمعة، "التتبعات بمقتضى المرسوم القمعي عدد 54"، معبرة عن تضامنها ومساندتها للمحامية سنية الدهماني "بعد تصريحها الإذاعي وإصدار بطاقة جلب ضدها".
وقرّر مجلس الفرع الجهوي للمحامين بتونس المجتمع في جلسة طارئة مساء السبت، الدخول في إضراب عام جهوي وإيقاف العمل بجميع محاكم تونس الكبرى (تضم محافظات تونس وبن عروس وأريانة) بداية من يوم الإثنين القادم. واعتبر المجلس اقتحام مقرات الهيئة الوطنية للمحامين "السابقة الخطيرة" و"الاعتداء السافر على المحاماة التونسية"، مدينا بشدّة الاعتداء المادي واللفظي المسلّط على المحامين والصحفيين المرافق لعملية الاقتحام. وطالب في بيان له أمام المحامين المجتمعين بكثافة، بـ"إطلاق سراح المحامية سنية الدهماني فوراً"، معبّرا عن "وقوفه التام ومساندته المطلقة لها".
بدوره، أدان حزب "التيار الديمقراطي" هذه الأحداث وقال في بيان له مساء السبت "صُدم الرأي العام التونسي باقتحام مجموعة من الأمنيين الملثمين لدار المحامي بشارع باب بنات واقتياد المحامية والإعلامية سنية الدهماني في سابقة خطيرة خلنا أنها ولت مع عهود مضت". وأضاف "أمام هذه الحادثة غير المسبوقة، يهم حزب التيار الديمقراطي أن يندد بتصاعد وتيرة التضييقات والترهيب الذي تمارسه سلطة الانقلاب تجاه الأصوات المعارضة من إعلاميين وسياسيين ونشطاء في الفضاء العام ويحملها مسؤولية ارتفاع منسوب العنف وتفشي خطاب الكراهية والتحريض، ويعرب عن مساندته التامة واللا مشروطة للأستاذة سنية الدهماني أمام ما تتعرض له من هرسلة (قمع) واستهداف نتيجة مواقفها الناقدة لسلطة الانقلاب". ودعا "كافة الأطياف السياسية والمدنية لضرورة الالتفاف وتوحيد الجهود للتصدي لهذا الارتداد المتسارع الذي يعرفه وضع الحريات بالبلاد ويحملهم مسؤولية الصمت أمام عودة تركيز نظام استبدادي جديد ينسف مكتسبات" الثورة التونسية.
في المقابل، أكّد الناطق باسم المحكمة الابتدائية بتونس، محمد زيتونة، أنّه "تمّ مساء اليوم السبت، تنفيذ بطاقة الجلب الصادرة عن قاضي التحقيق الأول بابتدائية تونس ضدّ سنية الدهماني". وقال زيتونة لوكالة الأنباء التونسية "وات" إنّه "يهم النيابة العمومية أن توضّح بأنّ الأعوان (الأمنيين) المكلفين بتنفيذ بطاقة الجلب تولّوا تطبيقها احتراما لمضمونها وإنفاذها على أرض الواقع لحسن تطبيق القانون ونجاعة الأبحاث الجارية"، حسب قوله، مؤكّدا في الآن ذاته على "احترام كافة الإجراءات القانونية".
ولفت زيتونة إلى أنّ "التتبعات المثارة ضدّ الدهماني والتي قال إنّها كانت بـ"حالة فرار لا علاقة لها بممارستها لمهنة المحاماة". من جهة أخرى، أوضح زيتونة أنّ الصحافيين برهان بسيس ومراد الزغيدي "هما بصدد البحث حاليا لدى إحدى الفرق الوطنية تحت إشراف النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس"، مؤكدا أنّه "سيتم الإعلام بمآلات الأبحاث والمستجدات في شأنهما لاحقا".
ويذكر أن عميد المحامين الأسبق، شوقي الطبيب، يخوض بدوره اعتصاماً بمقر العمادة منذ نهاية الشهر الماضي، بسبب ما اعتبره استهدافاً شخصياً له بسبب منعه من السفر.