أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، قراراً جمهورياً بتمديد خدمة شوقي علام في منصب مفتي الجمهورية لمدة عام إضافي، وهو القرار الثاني من نوعه بعد التجديد للأخير في منصبه لمدة عام، عقب بلوغه سن التقاعد في 12 أغسطس/آب 2021.
وانتخبت هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف علام مفتياً للجمهورية لمدة أربعة أعوام في فبراير/شباط 2013، ورفعت اسمه فقط إلى رئيس الجمهورية (آنذاك) محمد مرسي ليتم اعتماده مباشرة، من دون إقحام وزارة العدل في الإجراءات، على الرغم من استمرار دار الإفتاء كهيئة حكومية تابعة لوزارة العدل، ولها موازنة مستقلة.
وفي عام 2017، جددت هيئة كبار العلماء الثقة في علام لمدة أربعة أعوام أخرى، وأصدر السيسي قراراً بتجديد تعيينه، علماً أن فترة ولاية المفتي تم تحديدها فقط في لائحة هيئة كبار العلماء، وليس في نصوص الدستور أو القانون.
ووقف الأزهر ومجلس الدولة عائقين أمام تمرير مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء، الذي تقدمت به مجموعة من النواب الموالين للنظام عام 2020 لتحويل تبعية الدار إلى مجلس الوزراء، كهيئة عامة ينطبق عليها قانون الخدمة المدنية، وإطلاق يد رئيس الجمهورية لتعيين المفتي من بين ثلاثة ترشحهم هيئة كبار العلماء أو من غيرهم.
وتضمن المشروع رفع درجة المفتي الوظيفية ليعامل معاملة الوزير، وهو مشروع كان يهدف في الأساس إلى توسيع صلاحيات المفتي مقابل شيخ الأزهر، ليكون وحده المسؤول عن الإفتاء في الشؤون الدينية، بالمخالفة للدستور الذي يجعل الأزهر، السلطة الدينية الأولى في البلاد.
وبعد شد وجذب وموافقة البرلمان على المشروع في مجموعه، تقرر سحبه "بناء على ملاحظات مجلس الدولة"، الذي شدد على مخالفته لنصوص الدستور المنظمة للشؤون الدينية. وهو ما رحب به الأزهر الشريف، لكن الأيام أثبتت أن السيسي كان يريد توصيل رسالة أخرى، تتمثل في أنه ليس في حاجة إلى تشريع لينفذ خططه بشأن التمديد لعلام الخاضع له بصورة كلية.
وأصدر السيسي قراراً العام الماضي يمنحه صلاحية اختيار المفتي منفرداً، وتعمّد في قراره الإشارة إلى دور وزارة العدل، مع تجاهل أي إشارة للأزهر، وهو ما لا يعني فقط رفضه اعتماد أي من الترشيحات التي أرسلتها هيئة كبار العلماء، وبالتالي عدم اعترافه بلائحة الهيئة؛ بل عودته مرة أخرى إلى تطبيق القرارات الوزارية السابقة الصادرة في عهد الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك التي تعتبر دار الإفتاء هيئة معاونة لوزارة العدل، إلى حين صدور القانون الجديد الذي سينظم عمل الدار.
ويتكامل هذا القرار مع قرار السيسي السابق باعتبار دار الإفتاء من الجهات ذات الطبيعة الخاصة، ولا تسري على الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية بها أحكام المادتين 17 و20 من قانون الخدمة المدنية، ما يعني عدم اشتراط أن يكون التعيين في منصب المفتي عن طريق مسابقة، أو أن تنتهي مدة شغل الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية بانقضاء المدة المحددة في قرار شغلها ما لم يصدر قرار بتجديدها.