سيطر هدوء حذر، اليوم الأحد، بمختلف جبهات القتال مع دخول هدنة جديدة حيّز التنفيذ، بعدما اتفق الجيش و"قوات الدعم السريع" على وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام، فيما شددت الآلية الثلاثية الأممية الأفريقية على ضرورة احترام وقف إطلاق النار لتسهيل مرور المساعدات الإنسانية.
وأكد شهود عيان لمراسل "العربي الجديد" عدم وقوع اشتباكات في معظم أحياء العاصمة الخرطوم، وأضافوا أنهم لم يلاحظوا أي حالة قصف بالطيران الجوي.
كما شهدت مدينة الأبيض، جنوبي الخرطوم، هدوءاً تاماً، ولم يسمع لأول مرة منذ فترة صوت لإطلاق النار أو الطيران. وأوضح شهود عيان، أن هناك حركة ملحوظة منذ الصباح الباكر للمواطنين الذين توجهوا نحو الأسواق وخاصة سوق المدينة الكبير.
في الأثناء، دعت الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا "إيغاد" الجيش السوداني و"الدعم السريع" إلى "الالتزام بوقف إطلاق للنار مدته 72 ساعة في جميع أنحاء البلاد"، والذي تم الاتفاق عليه مساء السبت برعاية السعودية والولايات المتحدة.
كما رحب الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، الأحد، بـ"إعلان جدة" الموقع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وجاء ذلك في بيان مشترك صادر عن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عقب مباحثات في العاصمة المصرية القاهرة، ونشر موقع الاتحاد الأوروبي فحواه.
ودخلت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، شهرها الثالث كانت العاصمة الخرطوم وعدد من المدن السودانية مسرحاً لها خصوصا في إقليم دارفور، غربي البلاد، ومدينة الأبيض، مركز ولاية شمال كردفان.
وأكدت الآلية الثلاثية على "الأهمية الحاسمة لالتزام كافة الأطراف بالقانون الإنساني الدولي"، داعية الطرفين إلى "الامتثال لإعلان الالتزام الذي وقعه كلاهما في جدة في 11 مايو/ أيار الماضي، والذي يستلزم حماية المدنيين وتسهيل المرور الآمن للمساعدات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد".
وشدد بيان الآلية على "الحاجة الماسة إلى هدنة إنسانية دائمة للسماح بوصول المساعدات إلى ملايين السودانيين المحتاجين"، مشيراً إلى أن "العدد المتزايد من الضحايا والمصابين، إلى جانب الدمار واسع النطاق للممتلكات وسبل العيش، أمر مقلق للغاية".
ولقي ما لا يقل عن ألف شخص من المدنيين مصرعهم خلال الاشتباكات وأصيب الآلاف، وفقد البعض منازلهم إما جراء القصف الجوي أو استيلاء قوات الدعم السريع عليها والاحتماء داخلها.
ونقل البيان عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، قوله إنه يحتاج 24.7 مليون شخص، أي ما يقرب من نصف سكان السودان، إلى المساعدة الإنسانية والحماية، عدا نزوح نحو 1.7 مليون شخص داخليا في السودان، بينما لجأ ما يقرب من نصف مليون شخص إلى البلدان المجاورة.
وأضافت الآلية الثلاثية أنها تشعر بقلق خاص إزاء التدهور السريع للوضع في دارفور حيث اتخذ الصراع بعدا عرقيا، مما أدى إلى هجمات استهدفت الأشخاص على أساس هوياتهم وما تلاها من نزوح للمجتمعات المحلية.
وقد أُعلنت هدن عدّة منذ اندلاع النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم، معظمها برعاية سعوديّة وأميركيّة، لكن لم تُلتزَم كلياً على الأرض.
وسرت آخر هدنة نهاية الأسبوع الماضي لمدة 24 ساعة، والتزمها الطرفان إلى حدّ بعيد، لكن فور انتهاء مدّتها، استفاق سكّان الخرطوم على تجدّد المعارك.
وكانت الرياض وواشنطن قد أعلنتا في بيان مشترك "اتّفاق ممثّلي القوّات المسلّحة السودانيّة وقوّات "الدعم السريع" على وقف إطلاق النار في جميع أنحاء السودان لمدّة 72 ساعة، اعتباراً من تاريخ 18 حتى 21 يونيو/ حزيران الساعة 6 صباحاً بتوقيت الخرطوم" (04:00 ت غ).
وأشار البيان إلى أنّ الطرفين اتّفقا على أنّهما في أثناء فترة وقف النار "سيمتنعان عن التحرّكات والهجمات واستخدام الطائرات الحربيّة أو الطائرات المسيّرة أو القصف المدفعي أو تعزيز المواقع أو إعادة إمداد القوّات". وأضاف أنّهما سيسمحان "بحرّية الحركة وإيصال المساعدات الإنسانيّة في جميع أنحاء السودان".