يسود الهدوء الحذر معظم أحياء ومناطق العاصمة السودانية الخرطوم، اليوم الثلاثاء، وذلك في اليوم الأول من اتفاق وقف إطلاق النار لمدة أسبوع، في حين حذرت واشنطن من لا يلتزم بها بعقوبات محتملة.
وأكد شهود عيان لـ"العربي الجديد"، من أكثر من منطقة في الخرطوم في كل من أم درمان والخرطوم بحري وجنوب شرق الخرطوم حالة الهدوء التي تشهدها العاصمة.
وقال المواطن أحمد عبد الرحيم، من سكان الثورة شمال أم درمان، إنه منذ الصباح ولأول مرة لم يسمع السكان أي أصوات لإطلاق النار لكنهم شاهدوا تحليقاً للطيران.
يأتي ذلك فيما سمع أهالي مناطق شرق ولاية الجزيرة، وسط السودان، دوي مدافع وإطلاق الرصاص وسط تمركز قوات للطرفين في المنطقة المتاخمة لولاية الخرطوم.
وفي منطقة جنوب الخرطوم، أبلغ المواطن هاشم عثمان "العربي الجديد"، أنهم عاشوا ليلة أمس حالة من الرعب الشديد بسبب القصف المستمر والمطاردات حتى داخل المنازل، لكن ومنذ الصباح هناك هدوء تام غير أن مخاوفهم مستمرة من تجدده.
من جهته، قال الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبد الله، لـ"العربي الجديد" إن قوات الدعم السريع المتمردة خرقت اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ، أمس الاثنين.
وأوضح عبد الله أن "أول الخروقات ظهرت من خلال ما أدلى به قائد المتمردين محمد حمدان دقلو في تسجيل صوتي قبل بداية الهدنة وتحريضه لأفراده بالاستمرار في القتال، إضافة لتحركات كثيفة لقواتهم في شمال كردفان ودارفور، ونهب دار سك العملة بالخرطوم". وأضاف أن الانتهاكات مستمرة ومنها "زيادة تمركزهم بالأحياء السكنية في العاصمة الخرطوم".
توتر في مدينة الأبيض
وفي مدينة الأبيض، مركز ولاية شمال كردفان، غرب البلاد أفادت مصادر من هناك، بأن التوتر يسود المدينة منذ مساء أمس، حيث يوجه الجيش قصفه لتجمعات خاصة بالدعم السريع على طريق "الأبيض- الرهد"، وطريق "الأبيض - النهود".
وأوضحت المصادر أن قوات الدعم السريع حاولت الدخول من الناحية الجنوبية للمدينة ما أدى لحدوث اشتباكات عنيفة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والخفيفة، وتواصلت المحاولة صباح اليوم بهجوم لـ"الدعم السريع" من الناحية الغربية.
ورجحت المصادر استمرار التوتر خلال ساعات اليوم الثلاثاء، بينما يتوقع الأهالي هجوماً من محاور عدة لقوات الدعم السريع على المدينة.
ولا يراهن اللواء المتقاعد صلاح الدين عيساوي في حديث لـ"العربي الجديد" على التزام الجيش باتفاق وقف إطلاق النار المعلن، "بحجة أن المجموعة العسكرية المسيطرة مجبرة على الاستمرار في الحرب لأن الدعم السريع سيطر على مناطق عسكرية وسيادية وحيوية وهي ترغب في إخلاء تلك المناطق".
وأضاف: "مخطط الجنرالات البرهان والفريق شمس الدين الكباشي والفريق ياسر العطا يتلخص في إعلان حكومة عسكرية مبطنة لمدة 4 سنوات لحين انتخابات يبعد عنها الدعم السريع".
وأوضح عيساوي، أن واحداً من عيوب وقف إطلاق النار عدم وجود حكومة مدنية تتمكن من السيطرة والمراقبة. ولم يصدر عن الجيش حتى الآن تعليق على سير اتفاق وقف إطلاق النار في يومه الأول.
والأحد، أعلنت الولايات المتحدة والسعوديّة، في بيان مشترك، أنّ ممثّلي الجيش السوداني وقوّات الدعم السريع وافقوا على وقف جديد لإطلاق النار يمتد أسبوعاً ويبدأ منذ ليل الإثنين.
وأعلن كلّ من الطرفَين في بيان أنه يريد احترام هذه الهدنة، التي رحّبت بها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد).
بلينكن ينبه لضرورة الالتزام بالهدنة في السودان أو مواجهة عقوبات
في الأثناء، نبّه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن القائدين العسكريين المتناحرين في السودان إلى ضرورة الالتزام بأحدث وقف لإطلاق النار وإلا فمواجهة عقوبات محتملة.
في رسالة مصورة نشرتها السفارة الأميركية على وسائل التواصل الاجتماعي في وقت سابق الثلاثاء، قال بلينكن إنّ القتال "مأساوي ومدمر وبلا رحمة".
وأضاف، بحسب ما نقلته "أسوشييتد برس"، أنّ الهدنة تهدف للسماح بتوصيل المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الضرورية والبنية التحتية التي دمرت في الاشتباكات.
وضعت آلية عن بعد، بدعم من الولايات المتحدة، لمراقبة الهدنة، حسبما قال بلينكن، وهي لجنة مكونة من 12 عضواً ينقسمون إلى ثلاثة ممثلين عن كل من الطرفين المتناحرين، وثلاثة عن الولايات المتحدة، وثلاثة عن السعودية.
وشدد بلينكن على أنه "إذا انتهك وقف إطلاق النار، فسنعرف وسنحاسب المنتهكين من خلال عقوبات ووسائل أخرى. لقد توسطنا في وقف إطلاق النار، لكنها مسؤولية القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لتطبيقه".
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم الثلاثاء، إن لجنة مقرها السعودية أنشئت لمتابعة تنفيذ وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تناقش مع الولايات المتحدة مزاعم بانتهاك الاتفاق.
وقال ماثيو ميلر المتحدث باسم الوزارة في إفادة صحافية إن واشنطن، إلى جانب التحدث مباشرة مع قائدي الفصيلين المتناحرين، لديها "أدوات إضافية" للتعامل مع حالات عدم الالتزام بوقف إطلاق النار وإنها "لن تتردد في استخدام تلك الأدوات في الوقت المناسب"، وفقاً لما أوردت وكالة رويترز.
وخلال الأسابيع الماضية، توسطت الولايات المتحدة والسعودية في محادثات بين الطرفين، أجريت في المملكة. وأعلن عن هدنة جديدة في نهاية الأسبوع، وهي المحاولة السابعة حتى الآن لوقف الاشتباكات، بعدما كانت كل هدنات وقف إطلاق النار السابقة قد انتهكت.