قالت مصادر طبية في مدينة الجنينة، غربي السودان، إن حصيلة ضحايا أحداث العنف القبلي في المدينة ارتفعت إلى 129 قتيلاً و198 جريحاً منذ بدء الاشتباكات السبت الماضي، فيما تجدد نزاع قبلي آخر في دارفور، أدى إلى سقوط عشرات القتلى.
وذكر بيان صادر عن لجنة أطباء ولاية غرب دارفور، نشرته اليوم الاثنين على صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، أن من بين الجرحى أطفالاً وحديثي ولادة يتلقون الرعاية في عدد من المؤسسات الطبية، مشيرة إلى أنه ورغم الهدوء النسبي الذي تشهده المدينة، تتوسع دائرة العنف، إذ استقبلت المستشفيات جثامين أشخاص من منطقتي مورني وقوكر قتلوا في أحداث ذات صلة بما يجري في الجنينة".
وكانت الاشتباكات قد بدأت يوم الجمعة بمشاجرة بين شخصين: واحد من العرب والآخر من المساليت، وانتهت بوفاة الأول متأثراً بإصابته بطعنة سكين، ما قاد إلى تحشيد قبلي وفوضى شلت المدينة بالكامل يومي السبت والأحد، فيما عاد الهدوء النسبي في الساعات الأخيرة من أمس الأحد واليوم الاثنين.
وتوقعت اللجنة وجود المزيد من الجثامين والجرحى في مناطق أخرى يصعب الوصول إليها بسبب التعقيدات الأمنية.
كما لفتت اللجنة الانتباه إلى معاناة المؤسسات الصحية، وإلى صعوبات تواجهها في تقديم الرعاية الطبية لتلك الأعداد الكبيرة من الإصابات، خصوصاً مع قلة عدد الكوادر الطبية العاملة، ونفاذ مخزون بنك الدم، إضافة إلى تردي الوضع الأمني، عدا عن معاناة الآلاف من النازحين الذين صاروا بلا مأوى ويواجهون نقصاً في الماء والغذاء والدواء، ويحتاجون لعون إنساني عاجل.
وأكد البيان أن الكارثة التي حلت بولاية غرب دارفور تفوق التصور، مطالباً الحكومة الانتقالية بتحمل مسؤلياتها كاملة وإعلان الولاية منطقة منكوبة تستدعي تسخير كل الإمكانيات الوطنية، و طلب العون الدولي لإيقاف النزيف وإغاثة المشردين وتضميد الجراح.
وحمل مواطنون غاضبون الحكومة الاتحادية وحكومة الولاية مسؤولية الفشل في إدارة الأزمة، وطالبوا بإقالة الوالي الحالي محمد عبد الله الدومة.
وأمس، قرر مجلس الأمن والدفاع السوداني، في اجتماع طارئ له، إرسال تعزيزات عسكرية إلى ولاية غرب دارفور. وبحسب شهود عيان، تحدثوا لـ"العربي الجديد" عبر الهاتف، فإن تلك التعزيزات بدأت الانتشار فعلياً في بعض بؤر النزاع.
وكانت الأمم المتحدة قد عبرت عن قلقها العميق حول الأحداث في ولاية غرب دارفور. وذكر بيان من ستيفان دوجاريك، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، أنه يشعر بقلق عميق إزاء الاشتباكات التي أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، وتشريد ما يقرب من خمسين ألف شخص، وتدمير الممتلكات.
ودعا البيان السلطات السودانية إلى بذل كل الجهود لتهدئة الأوضاع وإنهاء القتال واستعادة القانون والنظام وضمان حماية المدنيين.
ووصل اليوم إلى مدينة الجنينة وفد الجبهة الثورية (تحالف للحركات المتمردة الموقعة على اتفاق السلام مع الحكومة)، ورافق الوفد عدد من ولاة ولايات دارفور، بغرض الوقوف على الأحداث الأخيرة التى شهدتها المدينة.
وفي ولاية جنوب دارفور، تجدد نزاع قبلي قديم بين قبيلتي الرزيقات والفلاتة، تسبب، حسب آخر الإحصاءات الواردة من هناك، في مقتل أكثر من 20 شخصاً في منطقة الطويل التي تبعد 65 كيلومتراً عن مدينة نيالا، مركز ولاية جنوب دارفور، وكذلك تسبب النزاع في إصابة وتشريد آخرين.
ويجيء الانفجار الأمني في إقليم دارفور، غربي السودان، بعد أيام قليلة من إنهاء مجلس الأمن الدولي مهمة بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، المعروفة اختصاراً بـ"يوناميد"، فيما اتفقت الحكومة الانتقالية مع الحركات المتمردة، ضمن اتفاق سلام شامل، على تشكيل قوة مشتركة لحماية المدنيين قوامها أكثر من 12 ألف جندي، لكن تشكيل تلك القوة تأخر حتى الآن بالتزامن مع تأخير تنفيذ اتفاق السلام الموقع في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
قلق أممي وأميركي
بالتوازي مع ذلك، أعرب أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الإثنين، عن "القلق الشديد إزاء أحداث العنف القبلي" التي وقعت في ولاية غرب دارفور خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ودعا في بيان أصدره المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك السلطات السودانية إلى "بذل كل الجهود لتهدئة الوضع وإنهاء القتال واستعادة القانون والنظام وضمان حماية المدنيين". وأوضح البيان أن "تصاعد العنف القبلي تسبب في سقوط عشرات القتلى والجرحى، وتشريد ما يقرب من 50 ألف شخص وتدمير الممتلكات".
كما أعربت سفارة الولايات المتحدة بالخرطوم، الإثنين، عن قلقها البالغ بشأن أحداث العنف، وكتبت في تغريدة على "تويتر" أنها تحث الحكومة السودانية "على العمل مع البعثة الأممية المتكاملة (يونيتامس) لحماية المدنيين وتنفيذ اتفاقية السلام".