أعلنت السلطات الجزائرية عن قرار يقضي بتصنيف حركتين سياسيتين تتمركز قياداتهما في الخارج، تطالب إحداهما بانفصال منطقة القبائل وأخرى مقربة من الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة وتعارض المسار الانتخابي،حركتين إرهابيتين، ومحاسبة النشطاء المنتمين إلى هذه الحركات بصفة إرهابيين، خاصة بعد الكشف عن تورط نشطاء في حركة "ماك" بالسعي للحصول على أسلحة ومتفجرات.
واتخذ مجلس الأمن القومي المجتمع اليوم برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون قرارا "يقضي بوضع حركتي رشاد والماك ، ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، والتعامل معهما بهذه الصفة"، بسبب ما وصفه "الأفعال العدائية والتحريضية المرتكبة من قبلهما والتي ترمي إلى زعزعة استقرار البلاد والمساس بأمنها". وفي السادس من فبراير/شباط الماضي، كان الرئيس الجزائري تبون قد كلف الأجهزة الأمنية بملاحقة حركتي "رشاد" و"الماك"، بتهمة "استغلال مظاهرات الحَراك الشعبي للدفع نحو أعمال تحريضية وانحرافات خطيرة في البلاد"، خاصة بعد بث التلفزيون الرسمي اعترافات ناشطين في "الماك" تحدثوا عن مساعٍ للحصول على السلاح.
و"الماك" هي حركة استقلال القبائل (ذات الغالبية من السكان الأمازيغ)، وتعرف اختصارا بتلك التسمية، ويقودها المغني والناشط السابق في الحركة الأمازيغية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية فرحات مهني، وتطور مطلب هذه الحركة من الحكم الذاتي إلى الانفصال الكامل لمنطقة القبائل، وزعمت هذه الحركة تشكيل حكومة منفى، وتصف الشرطة الجزائرية بشرطة احتلال، وأصدرت، بدعم من إسرائيل التي زارها مهني، جوزات سفر لعناصرها.
أما حركة "رشاد"، فقد أسسها ناشطون ومعارضون وقيادات سابقة في الجبهة الإسلامية للإنقاذ (محظورة منذ عام 1992) يقيمون في الخارج، أبرزهم مراد دهينة ويحيى مخيوبة، إضافة إلى بعض الناشطين البارزين على مواقع التواصل الاجتماعي، كالدبلوماسي الهارب العربي زيطوط المقيم في لندن وأمير بوخرص المعروف باسم أمير ديزاد، وتحظى الحركة بدعم قناة تبث من لندن (المغاربية) ، وأعضاؤها تخصصوا في مهاجمة السلطة والجيش والأجهزة الأمنية وخاصة المخابرات.
وقبل قرار الرئاسة الجزائرية ومجلس الأمن القومي، كانت عدة أحزاب وقوى سياسية ومدنية قد طالبت السلطات بتصنيف حركة ماك الانفصالية خاصة حركةً إرهابيةً، بسبب دعوتها إلى تمزيق الوحدة الوطنية في الجزائر، والعمل على انفصال منطقة القبائل عن الجزائر. ودعا رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري اليوم، في مؤتمر صحافي، إلى تصنيف "الماك" حركة إرهابية و"محاسبة فرحات مهني كونه يتآمر مع الصهاينة ويتخابر مع فرنسا، ويدعو إلى حمل السلاح ضد الجزائريين"، ودعا رئيس حزب الفجر الجديد الطاهر بن بعيبشن في تصريح أخير، إلى "ضرورة متابعة عناصر تنظيم حركة الماك الانفصالية واتخاذ مواقف حازمة تجاه عناصرها، بعدما بلغ التصعيد درجة التسليح، وتصنيفها حركة ارهابية والتعامل معها على هذا الأساس".
وقال رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة، في مؤتمر صحافي عقده السبت الماضي، إنه يدعم ويطالب بتصنيف الحركة التي أعلنت الحرب على الوحدة الوطنية، وظهر استخدامها للعنف ضد قوات الأمن في مظاهرات ذكرى الربيع الأمازيغي في 20 إبريل الماضي ، حركة ارهابية، وملاحقة عناصرها، واقترح تشديد الجزائر للهجتها مع الدول التي تحتضن قيادات الحركة. كما أعلن السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، في اجتماع المجلس الوطني للحزب قبل أسبوع، أنه "لن يقف مكتوف اليدين تجاه من يسعى لتفتيت هذه الأرض المقدسة تحت أي مسمى كان، كما لن يقف موقف المتفرج تجاه مثيري النزعات والمتلاعبين بالحساسيات والمتخذين منها سجلا تجاريا لأغراض انتخابية أو لأغراض شخصية ".
وفي سياق آخر، ناقش المجلس الترتيبات الأمنية والتحضيرات التنظيمية الجارية لضمان إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة المقررة في 12 يونيو/حزيران المقبل، وأفاد بيان الرئاسة بأن الرئيس تبون أعرب عن "ارتياحه للمجهودات التي تبذلها مؤسسات الدولة، لضمان إجراء الموعد الانتخابي في ظروف جيدة وملائمة"، خاصة مع تهديدات النشطاء في منطقة القبائل، وفي بعض الدول، مثل فرنسا، خاصة عبر السعي لتعطيل العملية الانتخابية في المنطقة، رفضا للمسار الانتخابي.