وضعت السلطات الجزائرية، الأحد، علي بلحاج، الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، قيد الرقابة القضائية، وحددت مقر إقامته وتنقله.
يأتي ذلك في أعقاب تصريحات مثيرة لبلحاج في قناة تلفزيونية هاجم فيها قائد الجيش، وبعد تجمّع لأنصار ومناضلي الجبهة بداية الشهر الماضي، اعتبرته السلطات مؤشراً على "عودة الأصوليين المتطرفين".
وأحيل بلحاج، أمس الأحد، إلى قاضي التحقيق بمحكمة حسين داي، للتحقيق معه في نشاطاته الأخيرة، حيث قرر القاضي وضعه قيد الرقابة القضائية التي تفرض عليه الإمضاء في مركز أمني ثلاثة أيام في الأسبوع، كما تقرر تقييد إقامته ومنطقة تنقله في دائرة حسين داي، (منطقة وسط العاصمة الجزائرية) ومنعه من الخروج منها إلى أي مكان آخر.
كما أُبلغ بلحاج أنه ممنوع من التصريح لوسائل الإعلام أو النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنه سيعرض نفسه للسجن في حال تجاوز هذه الممنوعات التي تضاف إلى ممنوعات أخرى مسلطة عليه منذ الإفراج عنه عام 2002 ثم 2005، وتشمل منعه من أداء صلاة الجمعة.
لكن الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية قرر تحدي أوامر السلطات القضائية، وقام الليلة الماضية بإلقاء مداخلة في قناة جزائرية تبث من لندن (المغاربية)، وهي ملك لنجل عباسي مدني، الرجل الأول في جبهة الإنقاذ المحظورة.
وأعلن بلحاج، خلال تصريحاته، أن أعوان الأمن منعوه من زيارة أقاربه خارج منطقة حسين داي، وأكد أنه قرر عدم الإذعان لقرارات قاضي التحقيق، حتى لو كلفه ذلك السجن، واعتبر أنه يرفض مصادرة حقه الدستوري في التعبير وإبداء الرأي في القضايا السياسية والوطنية.
ويعد علي بلحاج الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي حُظر نشاطها منذ مارس/ آذار 1992، عقب تدخل الجيش لتوقيف المسار الانتخابي في يناير/ كانون الثاني من نفس السنة.
وكان بلحاج قد اعتقل قبل ذلك في يونيو/ حزيران 1991، بسبب خطاباته الحادة والمتشددة ضد السلطات وانتقاده الجيش، وحكم عليه بالسجن رفقة رئيس الجبهة عباسي مدني بالسجن 12 عاماً، حيث أطلق سراحه عام 2002، لكنه اعتقل مجددا بعد تصريحات لقناة "الجزيرة" برر فيها مقتل الدبلوماسيين الجزائريين في العراق على يد القاعدة، وأفرج عنه بعد إقرار قانون المصالحة عام 2005، لكنه بقي مشمولاً بعشرة ممنوعات تخص منعه من النشاط السياسي والسفر وغيرها.
وفي الفترة الأخيرة، بات لافتاً تركيز علي بلحاج، عبر فيديوهات يبثها على مواقع التواصل الاجتماعي، على توجيه انتقادات إلى الجيش وقائد الأركان السعيد شنقريحة.
بات لافت تركيز علي بلحاج، عبر فديوهات يبثها على مواقع التواصل الاجتماعي، على توجيه انتقادات إلى الجيش
وفي الثاني من فبراير/ شباط، ظهر بلحاج أمام مسجد في تجمع لعدد من أنصار جبهة الإنقاذ، الذين هتفوا بشعارات الجبهة المعروفة في التسعينيات (عليها نحيا وعليها نموت وفي سبيلها نجاهد وعليها نلقى الله"، وهو ما اعتبرته السلطات عودة لمظاهر التطرف والأصولية.
وقبل أسبوع، قال قائد الجيش سعيد شنقريحة، في خطاب أمام القيادات العسكرية، إن المصالح المختصة لن تسمح بذلك، وأكد أنه "جرى تسجيل عودة بعض الصور لنشاطات بعض الأصوليين الذين يتبنون خطاباً دينياً مُتطرفاً يُذكرنا بسنوات التسعينيات".
وأضاف: "فليعلم هؤلاء المُتطرفون أن ذلك الزمن ولّى إلى غير رجعة، وأن مُؤسسات الدولة الراسخة لن تسمح بأي حال من الأحوال بعودة هؤلاء المغامرين الذين كادوا أن يدفعوا بالبلاد إلى الهاوية"، في إشارة إلى نشاطات علي بلحاج وأنصاره، وتلا ذلك توقيف علي بلحاج والتحقيق معه.
ويقصد شنقريحة بسنوات التسعينيات فترة الانفلات السياسي بعد سيطرة الجبهة الإسلامية للإنقاذ (محظورة منذ مارس 1992) حينها على الشارع والمساجد، وطغيان خطاب تضمن رفض الديمقراطية والنظام الجمهوري، وأدى لاحقاً، بعد توقيف المسار الانتخابي، إلى أزمة أمنية دامية عصفت بالبلاد، وخلفت آلاف الضحايا.