تفاصيل محاكمة قائدي جهاز المخابرات وشقيق الرئيس السابق: بوتفليقة تحت الإقامة الجبرية

03 يناير 2021
القضاء يبرئ السعيد بوتفليقة(فرانس برس)
+ الخط -

كشف شقيق الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة ومستشاره سابقاً، السعيد بوتفليقة، أن الرئيس السابق يوجد قيد الإقامة الجبرية منذ فترة، دون أن يوضح طبيعة هذا القيد والجهة التي فرضته على بوتفليقة، مشيراً إلى الأخير ما زال يفضل الصمت لمصلحة البلاد.
وقال السعيد بوتفليقة في رسالة مسربة من المحاكمة نشرت، اليوم الأحد، وكان قد قرأها أمس على القاضي العسكري خلال محاكمته في قضية التآمر على سلطة الجيش والدولة، رفقة قائدي جهاز المخابرات الأسبقين محمد مدين وبشير طرطاق وأمين عام حزب العمال لويزة حنون: "أريد أن أقول،  هناك شخص مسؤول واحد وهو فخامة الرئيس المجاهد عبد العزيز بوتفليقة الذي كرس وأفنى حياته، أفنى شبابه وكرس حياته لخدمة الجزائر، دون تهاون ولم يبخل بصحته ثانية واحدة لفائدة شعبه، الحقد والبغض والكراهية غير موجودين في قاموسه، ولا الانتقام من شيمه، فقد كان دوماً متسامحاً ومتفهماً".

وأضاف: "كان أخي (عبد العزيز بوتفليقة) يسعى للتآخي، وعند وقت رد القليل والقليل من الجميل له ولذويه، ولا سيما العبد الضعيف (يقصد نفسه السعيد) الذي تحول إلى (متهم) قائد لعصابات التدمير والفساد من دون أن يرتفع صوت واحد، ولا حتى من رفاق الدرب الذين أصبحوا أمواتاً ساجدين، يجدون أنفسهم في نهاية المطاف في إقامة جبرية وأخيه في السجن"،  وأصر السعيد بوتفليقة على تكرار هذه الجملة للتأكيد على وجود الرئيس في إقامة جبرية. وتابع: "أقولها وأؤكد في إقامة جبرية وأخوه في السجن، ظلماً وتعسفاً في هذه القضية وقضايا مفبركة ووهمية". 
وطلب السعيد بوتفليقة من رئيس هيئة المحكمة منحه دقيقتين لقراءة الرسالة، التي أكد فيها أن الرئيس عبدالعزيز "ومثلما بقي لعشرين سنة صامتاُ (يقصد في الفترة بين إعفائه من وزارة الخارجية عام 1979 حتى عودته إلى الحكم عام 1999)، لا يزال اليوم صامتاً، لا لشيء سوى لأجل الجزائر مسلماً أمره للقضاء والقدر بصمت رهيب ووقار".
ونفى السعيد استيلاءه على ختم الرئاسة في الفترة الأخيرة من حكم شقيقه، قائلاً: "التهمة الخطيرة التي وجهت إلي ليست مؤامرة، بل الاستيلاء على صفة الرئيس والتصرف باسمه، إن فخامة الرئيس أطال الله عمره، لا يزال حياً يرزق وما قلته في البداية وأول يوم يمكن الاستفسار عنه".

ودافع السعيد عن براءته من تهم التآمر، قائلاً: "إني بريء، لم أكن متآمراً ضد وطني وشعبي وجيشنا الأبي تفاصيل الوقائع أتركها للتاريخ". وطلب في الرسالة ذاتها إعفاءه من الأسئلة "حتى لا نجرح أحداً، أعفوني منها من فضلكم، ليس لأني لا أملك الإجابة ولا لأني خائف منها، بل لأني لا أريد التجريح إلا راح نروح بعيد". 
وتمت تبرئة السعيد بوتفليقة وباقي المتهمين، أمس السبت، في قضية التآمر التي تعود تفاصيلها إلى مارس/آذار 2019، وتتعلق بالكشف عن سلسلة اجتماعات سرية عقدت عشية استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بينها الاجتماع الأبرز في 30 مارس، والذي أقر به المتهمون، للنظر في إمكانية تشكيل هيئة رئاسية تتسلم السلطة من الرئيس بوتفليقة، بعد انتهاء ولايته في إبريل/نيسان 2019، وفي أعقاب اندلاع تظاهرات شعبية عارمة رفضاً لترشحه لولاية رئاسية خامسة.
ونفى القائد السابق لجهاز المخابرات محمد مدين عند استجوابه في جلسة، أمس السبت، أن يكون هذا الاجتماع مؤامرة لكونه عقد في مكان رسمي تابع للرئاسة وبحضور مستشار الرئيس بوتفليقة.
 ونفى أن يكون من ضمن أهدافه تحييد وإقالة أحمد قايد صالح من منصبه قائداً للجيش، مضيفاً أنه شارك في ذلك الاجتماع لكونه مواطنا يفكر في وضع البلاد، وأنه لا أحد يمكنه أن يمنعه من التفكير في ذلك.
ولفت إلى أن "هذا الاجتماع لم يكن الأول وسبقته لقاءات سابقة"، موضحاً أن "الاجتماع لم يكن سرّياً أو خارج إطار المقر الرئاسي، الاجتماع جرى في مكان رسمي وتابع للرئاسة، تلقيت اقتراحاً لنلتقي هناك، لماذا أخفيه ولماذا السرّية؟ وكان الهدف منه تبادل الآراء". وكشف أنه اقترح حينها على السعيد بوتفليقة وفي خضم غليان الشارع أن "ترحل الحكومة ويعين رئيس جديد للحكومة بصلاحيات كاملة من الرئيس وأن يكون وجهاً جديداً ومقبولاً".
وأضاف أنه "اقترح أن يعهد بالسلطة إلى الرئيس السابق اليامين زروال بعد استقالة الرئيس بوتفليقة، قائلاً: "أنا اقترحت الاتصال بزروال، وقدّرت أنه كان باستطاعته أن يلعب دوراً في تجنيب البلد الأزمة، واتصلنا بزروال، وزروال لم يرفض في البداية، لكن في آخر المطاف رفض".

ودفعت أمين عام حزب "العمال" لويزة حنون خلال استجوابها من قبل قاضي المحكمة العسكرية عن مشاركتها في اجتماع مارس 2019 المثير للجدل، واتهمت قنوات تلفزيونية بالانخراط في حملة تشويه ضدها وضد المتهمين الآخرين. وقالت "حزبنا مستقل عن السلطة هذا لا يعني أنه يتجاهل التطورات في بلاده، بالعكس هو غيور على مصلحة الجزائر، منذ خرج الحزب إلى العلن في 1990 وهو يسعى للتعددية لإيجاد الحلول الوطنية للمشاكل". وأضافت "ليست المرة الأولى التي التقي فيها مع المسؤولين في هرم الدولة، التقيت جميع الرؤساء ما عدا بومدين، مسؤولي الأمن الوطني، كما التقيت أحمد قايد صالح في يناير/كانون الثاني 2014، وكنت ألتقي بعبد العزيز بوتفليقة، ولما مرض صرت ألتقي مع مستشاره الخاص السعيد، لأنه ينوب عن أخيه وكنت أطرح عليه الانشغالات". وأكدت أنها شاركت في الاجتماع المثير للجدل، قائلةً: "شاركت في لقاء تشاوري، كان عندي انشغال ثورة في البلد والمسيرات وبوادر الانسداد والانحراف، وخشيت على بلادي، وكان من واجبي كمسؤولة سياسية أن أسعى من أجل تجنيب البلاد الأوضاع غير المتحكم فيها". 
ورفض القائد السابق لجهاز المخابرات (منسق الأجهزة الأمنية) بشير طرطاق الاتهامات الموجهة له بالتآمر. وقال خلال استجوابه: "لقد قالوا إننا كنا بصدد التآمر على سلطة الجيش والدولة، هذه الكلمة صعبة كثيراً. أنا لست مدرسا للمؤامرات، المؤامرة الوحيدة التي حدثت في البلاد كانت في عام 1967(يقصد المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد الرئيس بومدين)، ملفي نظيف ومعروف في الميدان، عملنا من أجل بلدنا، وفي نهاية المطاف وفي نهاية مسيرتنا يتهمونني بالتآمر".
واتهم قائد الأركان الراحل الفريق قايد صالح باختلاق المؤامرة، مشيراً إلى أنه تكفل بتجهيز المكان الذي عقد قيه الاجتماع المثير للجدل، لكنه لم يحضره، ليس بسبب خلافاته مع القائد السابق للجهاز محمد مدين، ولكن بقرار شخصي. 

المساهمون