أعلن الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، رفضه تقديم تنازلات ذات صلة بالتدابير التي تضمنها قانون الوئام المدني الصادر عام 1999، وميثاق السلم والمصالحة الوطنية الصادر عام 2005، خاصة في ما يتعلق بالسماح للناشطين السابقين في "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، المحظورة منذ عام 1992، بالعودة إلى النشاط السياسي وتأسيس حزب سياسي.
وقال الرئيس بوتفليقة، في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الرسمية، عشية الذكرى العاشرة للاستفتاء على ميثاق المصالحة الوطنية، إن إجراءات الوئام المدني وميثاق السلم والمصالحة الوطنية "ستنفذ بحذافيرها وبلا أدنى تنازل".
وأكد بوتفليقة، أنه تم تسجيل "بعض ردود الفعل الناجمة عن فتح جراح لم تندمل بعد، أو عن الخوف من العودة إلى الماضي الأليم، وعليه فإننا من جديد نؤكد أن خيارات الشعب التي اتخذها بكل حرية والتي رسمها القانون المتضمن إجراءات الوئام المدني وميثاق السلم والمصالحة الوطنية ستنفذ بحذافيرها وبلا أدنى تنازل".
وفي عام 1999 صدر قانون الوئام المدني، بعد اتفاق أنجزه جهاز المخابرات مع تنظيم الجيش الإسلامي للإنقاذ، يقضي بتسليم المئات من عناصر التنظيم أسلحتهم للسلطات، مقابل العفو عنهم وعودتهم إلى أحضان المجتمع.
اقرأ أيضاً: بوتفليقة يدعو عناصر الجماعات المسلحة للاستفادة من قانون المصالحة
وفي عام 2005 تمّ تطوير هذا القانون إلى ميثاق المصالحة الوطنية، تضمن تدابير عفو وتسوية قانونية، لوضع المسلحين التائبين وإلغاء الملاحقات القضائية وتسوية ملفات المفقودين وتقديم تعويضات لضحايا الإرهاب وكذا عائلات الإرهابيين المقتولين في عمليات مكافحة الإرهاب.
لكن هذه القوانين تضمنت منع من يعتبرون من المتورطين في الأزمة الأمنية التي عصفت بالجزائر منذ عام 1992، وخلفت أكثر من 120 ألف قتيل و7400 مفقود، من العودة إلى النشاط السياسي.
وكان الرئيس بوتفليقة، يتحدث عن تصريحات سياسية للقائد السابق لـ"الجيش الإسلامي للإنقاذ"، مجني مزراق، خلال مخيم صيفي للعناصر السابقة للتنظيم المسلح انعقد في مدينة جيجل شرقي الجزائر، في أغسطس/آب الماضي، تمسك فيها بالحق في العودة إلى النشاط السياسي والحق في تأسيس حزب، ورد بعنف على رفض السلطات الجزائرية السماح بالنشاط السياسي لكوادر جبهة الإنقاذ المحظورة منذ عام 1992 وجيش الإنقاذ المحل عام 1999.
وقبله رفضت السلطات الترخيص بإنشاء حزب سلفي، بعنوان حزب الصحوة، بقيادة عبد الفتاح زيراوي، وهو أحد الناشطين السابقين في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة.
اقرأ أيضاً: الجزائر: "التجمّع" يعود إلى الشارع بعد غياب 4 سنوات
وهدد الرئيس الجزائري، بعدم التسامح مع ما وصفها بـ "الانزلاقات"، من قبل الناشطين السابقين في الجيش الإسلامي للإنقاذ، والذين استفادوا من تدابير العفو عام 1999، بموجب قانون الوئام المدني، وقال "لقد أخذت تتناهى إلينا الآن أخبار بعض التصريحات والتصرفات غير اللائقة من قبل أشخاص استفادوا من تدابير الوئام المدني نفضل وصفها بالانزلاقات، لكننا نأبى إزاءها إلا أن نذكر بالحدود التي تجب مراعاتها والتي لن تتساهل الدولة بشأنها".
ودعا الرئيس بوتفليقة الجزائريين، إلى صون المصالحة الوطنية من أي "تحريف أو استغلال سياسي أو مزايدة خدمة للوحدة الوطنية ولإستقرار الجزائر". وقال بوتفليقة إن "كل ما تحقق في كنف الوئام المدني، والسلم والمصالحة الوطنية يشكل جملة من المكاسب نحمد الله عليه، مكاسب تتيح لنا المزيد من البناء والتقدم، واسترجاع السلم، وبسط الأمن في البلاد، وإنعاش البناء الوطني هي الإنجازات الثلاثة الجسام التي يسر تحقيقها جنوحكم إلى المصالحة الوطنية".
وتعهد بوتفليقة، بمواصلة ما سماه عملية تحديث مؤسساتنا الديمقراطية، وبناء اقتصاد أقوى ومتحرر من التبعية للمحروقات دون سواها، وكذا سائر الإصلاحات والالتزامات التي على أساسها جددتم لي ثقتكم في العام الفارط".
اقرأ أيضاً: 10 سنوات على المصالحة الوطنية الجزائرية