استمع إلى الملخص
- الإصلاح يتضمن انتخاب أعضاء المحكمة العليا والقضاة عن طريق التصويت الشعبي اعتبارًا من عام 2025، بهدف مكافحة الفساد وتحسين كفاءة القضاء في بلد يعاني من حوالي 30 ألف جريمة قتل سنويًا.
- أثار الإصلاح قلق الولايات المتحدة والمستثمرين، مما أدى إلى تدهور الاقتصاد المكسيكي وانخفاض سعر صرف البيزو، لكن الرئيس قلل من شأن هذه التحذيرات.
يختتم الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور ولايته بإصلاح للنظام القضائي أيدته الرئيسة المنتخبة كلوديا شينباوم، لكنه تسبب في توتر العلاقات مع الولايات المتحدة وأثار قلق المستثمرين. وقبل شهر من تسليم السلطة في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، استعرض الرئيس الذي أوصل اليسار إلى الحكم، الأحد، سجل ولايته في تقليد سنوي يشمل أيضاً الحكومة على اختلاف مستوياتها. ويمثل ذلك آخر لقاء للرئيس الذي أكمل، وفقاً للدستور، ولايته الوحيدة البالغة ست سنوات، مع الحشد في ساحة زوكالو.
ويؤيد 73% من المكسيكيين سياسات الرئيس، بحسب استطلاع أجرته أخيراً صحيفة "إل يونيفرسال". ودافع الرئيس الملقب بأملو، وهي الأحرف الأولى من اسمه، عن سياساته أمام عشرات الآلاف من مؤيديه في وسط العاصمة مكسيكو التاريخي، قائلاً "سأتقاعد بضمير مرتاح، وسأكون سعيداً جداً"، وأشاد بتمكّنه من الحد من الفقر وعدم المساواة، وإنشاء "النظام الصحي العام الأكثر كفاءة في العالم"، قائلاً "إنه ليس كما هو الحال في الدنمارك، بل أفضل مما هو عليه في الدنمارك".
ودافع لوبيز أوبرادور عن مشروعه لإصلاح النظام القضائي، وهو إرث سيتركه للرئيسة التي انتُخبت في الثاني من يونيو/حزيران بنسبة تناهز 60% من الأصوات. وتنتمي رئيسة بلدية مكسيكو السابقة كلوديا شينباوم، على غرار مرشدها السياسي لوبيز أوبرادور، إلى حزب حركة التجديد الوطني اليساري (مورينا)، وهي أول امرأة تفوز بالانتخابات الرئاسية في البلاد. ومن المقرّر أن يُعرض هذا الإصلاح القضائي الذي ينصّ على انتخاب القضاة عن طريق التصويت الشعبي، على البرلمان الجديد الذي بدأ عقده الأحد أيضاً.
ويتمتّع مشروع الإصلاح بكل الفرص اللازمة لإقراره، إذ إنّ الحزب الحاكم (مورينا) يحظى وحلفاؤه بغالبية الثلثين، وفق آخر التقديرات الصادرة عن المعهد الانتخابي الوطني. وتسمح هذه الغالبية المؤهّلة لمورينا بتعديل الدستور دون استشارة المعارضة. وفي مجلس الشيوخ، يحتاج الحزب ثلاثة أصوات ليحصل على غالبية الثلثين المؤهّلة، وفقاً للتقديرات نفسها التي نشرتها الصحافة المكسيكية. وبدأ الرئيس المنتهية ولايته هذا الإصلاح، وتبنّته الرئيسة المنتخبة، معتبرين أن القضاء فاسد ويخدم النخبة السياسية والاقتصادية.
وينص الإصلاح على انتخاب أعضاء المحكمة العليا الأحد عشر والقضاة من خلال "تصويت شعبي" اعتباراً من عام 2025، على أن تقترح السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية المرشحين. وفي الوقت الحالي، يعيّن الرئيس "وزراء" المحكمة العليا بعد مصادقة مجلس الشيوخ. وتُكلِّف القضاة هيئة إدارية، هي مجلس القضاء الاتحادي. وفي بلد يسجل حوالى 30 ألف جريمة قتل سنوياً، يفتقر القضاء بشكل كبير إلى الكفاءة، وهو ما يساهم في الإفلات من العقاب، بحسب منظمة "صفر إفلات من العقاب" غير الحكومية. وأشارت المنظمة إلى أنه "من أصل 100 جريمة، تُقدَّم شكوى بـ6.4 فقط، وتُكشَف ملابسات 14% منها، أي أن احتمال كشف ملابسات الجريمة المرتكبة في بلادنا هو 0.9%".
وأثار مشروع الإصلاح القضائي أزمة إضافية في العلاقات بين المكسيك والولايات المتحدة، تضاف إلى تلك التي تشهدها مجالات عدة، مثل التجارة، والأمن، والهجرة، وتهريب الأسلحة. وحذّرت الولايات المتحدة من أن المشروع يشكل "خطراً" على سير الديمقراطية في المكسيك، و"تهديداً" لمعاهدة التجارة الحرة التي تربط البلدين وكندا، ويسهّل تأثير مهربي المخدرات على قضاة يفتقرون إلى الخبرة. وقال السفير الأميركي لدى مكسيكو كين سالازار إن "النقاش حول الانتخاب الشعبي المباشر للقضاة (...) يهدد العلاقة التجارية التاريخية التي بنيناها"، والتي ترتكز على "ثقة المستثمرين بالإطار القانوني المكسيكي".
وفي 2023، أصبحت المكسيك أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، متقدمة بذلك على الصين. وانتقد لويز أوبرادور "تدخل" السفير في شؤون المكسيك الداخلية، وقرر "وقف" علاقته "الجيدة" مع سالازار، ولكن ليس مع الإدارة الأميركية. ويثير هذا الإصلاح قلق المستثمرين، مع تدهور الاقتصاد المكسيكي، إذ تمّ تعديل نسبة النمو هبوطاً في 2024 من 2.4% إلى 1.5%، وتراجع سوق الأوراق المالية بنسبة 2.8% في أغسطس/آب، وانخفض سعر صرف البيزو مقابل الدولار.
وفي سوق صرف العملات الأجنبية، ناهزت العملة المكسيكية عتبة دولار واحد مقابل 20 بيزو بعدما قدمت أداء أفضل (بين 16.5 و18 بيزو) لأشهر عدة. ويعكس ذلك نتائج "الآثار الضارة" المباشرة لمقترح الحكومة، وفق ما قدر المصرف المحلي "إنفيكس" في تقرير. وأوصى بنك الاستثمار "مورغان ستانلي" عملاءه بتقليص تعاملهم مع الشركات المكسيكية المدرجة في البورصة. وكعادته، قلّل الرئيس المكسيكي من شأن هذه التعليقات، مؤكداً أنها نابعة من متواطئين مع منتقدي حكومته و"لا يمكننا أن نأخذها على محمل الجد".
(فرانس برس)