أطلَّ الرئيس اللبناني ميشال عون من روما الإيطالية، اليوم الثلاثاء، مدافعاً عن "حزب الله" ودوره على الساحة اللبنانية، نازعاً صلته بأي تأثير في الواقع الأمني للبنانيين، متوقفاً عند دوره في تحرير الجنوب اللبناني ومقاومته للاحتلال الإسرائيلي.
وواجه موقف عون موجة انتقادات حادة من المعارضين، خصوصاً على الساحة المسيحية، الذين شنّوا حملة عليه، مؤكدين أن كلامه لا ينبع من رئيس للبلاد، بل يعبّر عن حليف سياسي للحزب، فيما أشادوا في المقابل بتصريحات البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال زيارته لمصر.
وأكد عون، في حديث لصحيفة "لا ربوبليكا" "La Repubblic"، خلال جولته الإيطالية التي تضمنت لقاءً مع بابا الفاتيكان فرنسيس، والرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، أن "موقف حزب الله في الداخل اللبناني مختلف بصورة كاملة عن نظرته إلى الخارج، وليس لحزب الله من تأثير بأي طريقة على الواقع الأمني للبنانيين في الداخل".
وقال عون، في معرض ردّه على سؤال عن اهتمامات المجتمع الدولي بالنسبة إلى لبنان، ومنها ما يتعلق بوجود دولة ضمن الدولة، إن "حزب يملك السلاح، وهو قام بتحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي، وهو مكوّن من لبنانيين من الجنوب عانوا من الاحتلال الإسرائيلي، ومقاومة الاحتلال ليست إرهاباً".
وعن فحوى لقائه البابا فرنسيس، أكد عون أن "بابا الفاتيكان يتابع من كثب الأزمات التي تعصف بلبنان، وأنا أعرف أنه سيعمل على القيام بمبادرة من أجل مساعدتنا، لكنه لا يعود إلينا أن نحدد نحن شروط هذه المساعدة ولا مقوماتها".
وشدد الرئيس اللبناني على أن "لبنان بحاجة أكيدة للمساعدة، إلا أننا في الوقت الراهن نعاني من تفاقم أزمة الأمن الغذائي، ما لا يمكننا من اجتياز مرحلة فقر مدقع يطاول شرائح عديدة من المجتمع اللبناني بصورة خاصة، ومعلوم أن إيطاليا تقوم بتقديم مساعدات اقتصادية، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، وهي بإمكانها أيضاً أن تلعب دوراً سياسياً، حيث إن مساعدة تقوم على دعم الأطراف اللبنانيين للتلاقي والتوافق على حل يكون أمراً مفيداً".
في سياق التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت، لفت الرئيس اللبناني إلى "وجود نزاع في لبنان بين من يريد العدالة ومن لا يريدها، وبعض الأفرقاء يعارضون المسار القائم"، وقال: "من الواجب القيام بتضحيات من أجل بلوغ الهدف، لكنني واثق من أن العدالة ستتحقق، ولا سيما أن جميع اللبنانيين ينشدونها، وأنا طالبت بإزالة كل العوائق التي تمنع تحقيقها".
ويُتهم حليفُ الرئيس اللبناني "حزب الله"، ومعه "حركة أمل" (برئاسة نبيه بري رئيس البرلمان)، التي ينتمي إليها مُدَّعىً عليهم في الملف، بعرقلة التحقيق بانفجار مرفأ بيروت، ومحاولة تطيير المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، فيما اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" مسؤولين لبنانيين، من ضمنهم الرئيس عون، بأنهم فشلوا في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الناس، كذلك فإن رئيس الجمهورية، وهو رئيس المجلس الأعلى للدفاع، أقرّ بعلمه بنيترات الأمونيوم منذ 21 يوليو/تموز 2020 على الأقل، وطلب من أحد المستشارين متابعة الموضوع، لكنه، في المقابل، لم يطلب اجتماعاً للمجلس الأعلى للدفاع لمناقشة الأمر، فضلاً عن عدم إعطاء الإذن بملاحقة المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، الذي أعاد مجلس الوزراء تعيينه.
على صعيد آخر، قال عون إن "لبنان ليس دولة تحب الحروب، وهناك أجزاء من أراضي لبنان وسورية لا تزال محتلة، وعندما نتوصل إلى تحريرها، لن تبقى هناك من مشاكل في ما يتعلق بنزاع عسكري، ويمكن الانطلاق بمسيرة مفاوضات سلام مع إسرائيل، لحفظ الحقوق والسيادة الوطنية وتحرير الأرض والمياه".
وفي سياق المواقف التي أطلقها عون خلال القمة اللبنانية - الإيطالية التي انعقدت قبل ظهر اليوم الثلاثاء في قصر الكويرينالي الرئاسي في روما، قال إن "لإيطاليا دوراً كبيراً تلعبه لمساعدة لبنان من أجل نهوضه"، مذكراً بأنها "الشريك التجاري الأوروبي الأول مع لبنان، وهي كذلك من أبرز الدول التي تساعد لبنان عبر ما تقدمه له على المستويين الإنساني والثقافي"، مشدداً على أن "لبنان مصرّ على الرغم من الصعوبات كافة على أن يلملم جراحه، ولا سيما من تداعيات الأزمات المتشابكة التي يعاني منها".
من جهته، شدد الرئيس الإيطالي على أهمية دور لبنان ورسالته في محيطه والعالم، معتبراً أن "حل أي مشكلة مستعصية حالياً يساهم في حل مشاكل أخرى". واعتبر الرئيسان أن الانتخابات النيابية في 15 مايو/أيار المقبل فرصة لمزيد من الاستقرار، بحسب ما أكدت الرئاسة اللبنانية في بيان.
وعلى صعيد ردود الفعل اللبنانية، قال النائب عماد واكيم عضو تكتل "الجمهورية القوية" (تمثل حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع) في تغريدة على حسابه عبر"تويتر": "كان الرئيس اللبناني المسيحي الماروني يزور أي محفل دولي وعربي ليحمل القضايا اللبنانية والعربية، وكان يستقبل بكل ترحاب وكل آذان صاغية لطروحاته، أما في أيامنا هذه، فأصبح يجول، إذا استقبل، حاملاً مطالب شخصية ومدافعاً عن مليشيا إيرانية هدمت لبنان خارجياً وسيادياً واقتصادياً. بئس الزمان!".
كان الرئيس اللبناني المسيحي الماروني يزور اي محفل دولي او عربي ليحمل القضايا اللبنانية والعربية،وكان يستقبل بكل ترحاب وكل آذان صاغية لطروحاته،
— Imad Wakim - عماد واكيم (@imad_wakim) March 22, 2022
اما في ايامنا هذه اصبح يجول،اذا استقبل،حاملاً مطالب شخصية ومدافعاً عن ميليشيا ايرانية هدمت لبنان خارجياً وسيادياً واقتصادياً
بئس الزمان!
وغرد رئيس جهاز العلاقات الخارجية في "القوات اللبنانية" الوزير السابق ريشار قيومجيان، عبر حسابه على "تويتر"، قائلاً: "احذروا المسيح الدجّال ولو ادّعى نيل بركة مُستحِقة فقط للشعب المنكوب والمتألم، سلام على من يحب السلام. لن نعيش ذميين".
احذروا المسيح الدجّال ولو إدّعى نيل بركة مُستحِقة فقط للشعب المنكوب والمتألم.
— Richard Kouyoumjian (@RKouyoumjian) March 22, 2022
سلام على من يحب السلام.
لن نعيش ذميين٠
وفي سياق آخر، توقف البطريرك الماروني بشارة الراعي من مقر جامعة الدول العربية عند قضية لبنان الأساسية، وتكمن في "العودة إلى دوره وضرورة حياده، حيث يكون خيراً على كل اللبنانيين، فيكون فاعلاً ومساعداً، فيخدم كل أبنائه من دون استثناء، حتى يمكنه القيام بدوره واستعادة مكانته"، وقال: "أما أن يعيش لبنان كما هو اليوم منعزلاً عن محيطيه الدولي والإقليمي، فهذا ليس من صالح أحد".
ويعرف البطريرك الماروني بدعوته المستمرة للحياد وبسط سيادة الدولة على كامل أراضيها، وبمواقفه المعارضة لـ"حزب الله" وسلاحه، رغم أنه يحرص في المقابل على عدم التوجه إليه بالمباشر.