عارض الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو، اليوم الاثنين، قراراً أصدره رئيس الحكومة محمد حسين روبلي يقضي بإعفاء رئيس جهاز المخابرات فهد ياسين حاج وإيقافه عن العمل مؤقتا، وذلك على خلفية غموض يلف اختفاء موظفة صومالية في الجهاز، منذ يونيو/ حزيران الماضي.
ووفق بيان صادر عن رئاسة الحكومة، كلف روبلي النيابة العسكرية بـ"إجراء تحقيق شفاف وشامل في قضية اختفاء موظفة المخابرات إكرام تهليل، وتقديم نتائج التحقيق بشكل فوري ومحاسبة المتورطين في هذا الملف أمام المحاكم الصومالية".
وذكر بيان لرئيس الوزراء الصومالي أنه "تقرر إيقاف رئيس المخابرات الصومالية فهد ياسين حاج عن العمل وتعيين بشير محمد جامع خلفا له".
وأفاد البيان بأن "القرار جاء بعد إمهال رئيس المخابرات الصومالية 48 ساعة، للكشف عن مصير إكرام تهليل، الموظفة في جهاز الاستخبارات الصومالية، والتي اختفت منذ يونيو/ حزيران الماضي".
وكانت الموظفة تعمل في قسم الأمن السيبراني للمخابرات الصومالية منذ خمس سنوات.
وطالب روبلي، في تصريح متلفز، رئيس جهاز المخابرات، السبت الماضي، بالقيام بتحريات دقيقة وشفافة حول اختفاء هذه الموظفة، التي أعلن الجهاز في بيان سابق عن مقتلها من قبل "حركة الشباب" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" بعد اختطافها من العاصمة مقديشو.
وبدل القيام بذلك، أصدر ياسين حاج، أمس الأحد، بياناً صحافياً عبر فيه عن استعداده لتقديم إفادات رسمية أمام اللجنة الأمنية الوطنية حول اختفاء الموظفة المفقودة، استجابة لطلب رئيس الحكومة، وطلب من الرئيس الصومالي دعوة أعضاء اللجنة لعقد جلسة طارئة لبحث مستجدات هذه القضية. وتتألف هذه اللجنة من الرئيس الصومالي ورئيس الحكومة ووزراء الأمن والعدالة والمالية وقيادات المؤسسة العسكرية (الشرطة والمخابرات والجيش).
في غضون ذلك، رفض الرئيس الصومالي قرار إقالة رئيس المخابرات، معتبرا ذلك "منافيا للدستور المؤقت" في بلاده. ووجه فرماجو، في بيان، أوامره إلى رئيس المخابرات بـ"الاستمرار في عمله وتقديم نتائج التحقيقات حول قضية الموظفة إكرام تهليل إلى مجلس الأمن الوطني بعد تحديد أول جلسة للقضية".
في المقابل، رحب اتحاد المرشحين للانتخابات الرئاسية بقرار رئيس الحكومة الصومالية، واعتبر أن خطوة فرماجو تعرقل جهود توفير العدالة لذوي المفقودة، وطالب الاتحاد قيادات الأجهزة الأمنية بتنفيذ أوامر رئيس الحكومة الصومالية والنأي بأنفسهم عن التدخل في الشؤون السياسية في البلاد.
وأثارت هذه القضية ردود فعل واسعة في الصومال، حيث دعا سياسيون ومرشحون للانتخابات الرئاسية إلى فرض العدالة وكشف ملابسات اختفاء هذه الموظفة. وازدادت القضية تعقيدا بعدما بثت وسائل إعلام رسمية بياناً من جهاز المخابرات، الخميس الماضي، كشف فيه عن مقتل الموظفة المفقودة على يد "حركة الشباب"، وهو ما نفته الأخيرة، يوم الجمعة الماضي، وأعربت عن استغرابها اتهامها من قبل الجهاز بقتل الموظفة.
ووفق مراقبين، فإن صراع صلاحيات بين رئيس الحكومة والرئيس الصومالي يتفاقم يوماً بعد الآخر، وقد يشل عمل الحكومة والجهود الرامية إلى إجراء انتخابات نيابية في أواخر هذا الشهر.
وفي هذا الصدد، قال رئيس الوزراء الأسبق عبد الولي غاس، في حديث لوسائل إعلام محلية، إن "رئيس الحكومة الصومالية لم تتوفر له خيارات بديلة، ويبدو أن قراراه صائب، لكون رئيس الجهاز لم يستجب لطلب رئيس الحكومة على نحو مباشر، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، بنية تقديمه الإفادات والتحريات للجنة الأمنية الوطنية، بدلاً من رئيس الحكومة الفيدرالية".
وأشار غاس إلى أنه كان من المفترض التريث وعدم الاستعجال في بت وإصدار قرارات متناقضة بين الرئاسة الصومالية والحكومة الفيدرالية عبر وسائل الإعلام المحلية.
وأضاف أنه كان من المفترض أن يتم تقديم الإفادات لرئيس الحكومة من قبل مسؤول جهاز المخابرات أولاً قبل أن يشاركها مع بقية أعضاء اللجنة الأمنية الوطنية، إلا أن خطوة رئيس الجهاز هي التي دفعت رئيس الحكومة إلى إيقافه عن العمل.
ويرى خبراء قانونيون أن غياب المحكمة الدستورية يؤجج النزاعات السياسية بين القيادات الصومالية منذ عقود، نتيجة التفسيرات الغامضة للدستور المؤقت، التي يؤولها كل طرف لصالحه، وأن عدم وجود جهة دستورية أخرى للبت بشأن الصلاحيات الدستورية بين روبلي وفرماجو، سيصب مزيداً من الزيت على نار هذه الأزمة الجديدة، ما لم يتنازل أحد الطرفين.