قررت الجزائر استضافة اجتماع يضم كافة الفصائل الفلسطينية لتوحيد المواقف ودعم العمل الفلسطيني المشترك، في ظل تصاعد مسارات تطبيع الدول العربية مع إسرائيل.
وأعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في مؤتمر صحافي عقده اليوم الإثنين، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الجزائر، عن قرار استضافة بلاده اجتماعًا موسعًا لكافة الفصائل الفلسطينية بالوقت القريب، إذ أكد تبون أن القرار اتخذه بعد استشارة الرئيس عباس.
وأشار الرئيس تبون إلى أن ندوة الفصائل الفلسطينية مهمة وضرورية لتوحيد المواقف والجهود لدعم مقاومة الشعب الفلسطيني، مؤكدا ضرورة تعزيز العمل العربي المشترك حول القضية الفلسطينية وتوحيد الشعب الفلسطيني، في ظل حالة الجمود غير المسبوقة التي تعرفها عملية السلام في الشرق الأوسط.
وأعلن الرئيس تبون تقديم مساعدة مالية بقيمة 100 مليون دولار لفلسطين، مع تخصيص 300 منحة دراسية لصالح الطلبة الفلسطينيين في الجامعات الجزائرية، قائلًا "وفاءً لتاريخِ الجزائر الثوري المجيد والالتزام الثابت للشعب الجزائري برمته، بمساندة القضية الفلسطينية العادلة في كل الظروف وعملا بقرارات جامعة الدول العربية ذاتِ الصلة، قررت الدولةُ الجزائرية تقديمَ هذا الصكِ الذي يتضمن مساهمةً ماليةً من الجزائر بقيمة 100 مليون دولار، لرئيسِ منظمة التحريـر الفلسطينية".
كما جدد الرئيس تبون رفض بلاده مسارات التطبيع واستعدادها لمواجهة تبعات مواقفها الثابتة دعما لفلسطين مهما كانت، مؤكدًا أن "الجزائرَ ستبقى وفيةً لمبادئها الأصيلة والمنادية بإعلاءِ الحقِ ونُصرةِ الـمظلومين مهما طال الزمنُ، ومهما كان الثمن".
وحول القمة العربية المقرر انعقادها في آذار/ مارس المقبل بالجزائر، أكد تبون سعيه لأن تكون فرصة لإعادة بناء موقف عربي داعم للقضية الفلسطينية، وقال "نسعى جاهدين لوضع القضية الفلسطينية فـي صُلبِ أولويات هذا الحدث الهام الذي نأمل أن يكون شاملاً وجامعاً وأن يشكلَ انطلاقةً جديدة للعمل العربي المشترك، ولا شكَّ أن بلورةَ موقفٍ موحدٍ ومشترك حول دعمِ حقوقِ الشعبِ الفلسطيني عبر إعادةِ التمسكِ الجماعي بمبادرةِ السلامِ العربية لعامِ 2002، سيكون له الأثرُ البالغُ في إنجاحِ أعمالِ هذه القمة وتعزيزِ مسيرةِ العمل العربي المشترك".
واعتبر الرئيس تبون أن "العلاقات بين الجزائر وفلسطين أكبر من أن توصف"، مشيرًا إلى أن زيارة الرئيس محمود عباس تأتي تكريسًا للعلاقات الأخوية القوية والمتميزة التي تجمع البلدين، خاصة مع حلول الذكرى 33 لإعلان قيام الدولة الفلسطينية على أرض الجزائر.
وكانت الجزائر قد احتضنت في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1988، اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني برئاسة الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي أعلن خلاله عن قيام دولة فلسطين، حيث كانت الجزائر أول دولة تعلن رسميا اعترافها بالدولة الفلسطينية.
وأكد الرئيس تبون أن احتضان الجزائر للقضية الفلسطينية والدفاع عنها في كل المحافل يشكل مسألة وفاء لتاريخ الجزائر التحريري والتضحيات الجسيمة للأسلاف الذين آمنوا بحق أن قضية فلسطين هي قضية حق وعدالة.
الرئيس عباس يعلن عن وجود مساع لتشكيل حكومة وحدة وطنية
من جهته، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن وجود مساع لتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كافة الفصائل الفلسطينية، شرط أن تكون هذه الفصائل "مؤمنة بالشرعية الدولية"، فيما عبر عن أمله في أن تحقق القمة العربية المقبلة إنجاز إعادة توحيد الموقف العربي بشأن القضية الفلسطينية.
وقال الرئيس عباس في المؤتمر الصحافي المشترك: "سنواصل العمل من أجل توحيد أرضنا وشعبنا، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون جميع القوى المشاركة فيها مؤمنة بالشرعية الدولية"، مؤكدًا وجود خيارات وإجراءات قريبة ستتخذها السلطة الفلسطينية في حال استمرت سلطات الاحتلال بممارساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني وخاصة في العاصمة القدس.
ودعا الرئيس عباس المجتمع الدولي إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط يتيح تنفيذ القرارات الدولية لصالح الشعب الفلسطيني، مشددًا على أنه "يمد يديه للسلام في إطار مؤتمر دولي ينعقد وفقا لقرارات الشرعية الدولية، ويهدف لإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس".
تشكيل حكومة وحدة وطنية مرتبط بإيمان الأحزاب المشاركة بها بالشرعية الدولية
وقال "لن نقبل ببقاء الاحتلال والأبارتهايد الإسرائيلي لأرضنا وشعبنا إلى الأبد، ولن نقبل بالاعتداءات على هوية وطابع أهل القدس، ولا على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وكنيسة القيامة، ولن نقبل بمواصلة عمليات القتل وهدم المنازل والتنكيل بأسرانا واحتجاز جثامين شهدائنا، ولا بمواصلة حصار قطاع غزة".
وعبر عباس عن أمله في أن "يلتئم الشمل العربي في هذه القمة ليضم الجميع"، مشددًا على أهمية تنسيق المواقف الفلسطينية والعربية قبل انعقاد القمة العربية القادمة.
وأكد الرئيس عباس أنه اطلع مع الرئيس عبد المجيد تبون خلال لقائهما على آخر المستجدات بشأن القضية الفلسطينية، وثمن الجهد الذي تبذله الدبلوماسية الجزائرية لإسناد القضية الفلسطينية في المحافل الدولية وأخيرا في الاتحاد الأفريقي.
وكان الرئيس تبون قد استقبل اليوم الإثنين، بمقر الرئاسة في الجزائر، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأجرى معه مباحثات بحضور وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة ونظيره الفلسطيني رياض المالكي.
ووصل الرئيس عباس، أمس الأحد، إلى الجزائر في زيارة تستمر ثلاثة أيام، وتعد هي الأولى له إلى الجزائر منذ آخر زيارة له قام بها في 21 ديسمبر/ كانون الأول 2014، بسبب خلافات كانت قد حصلت بين السلطات الجزائرية والسلطة الفلسطينية بشأن صرف هبة مالية وجهتها الجزائر لدعم الشعب الفلسطيني.