اعتبرت الرئاسة اللبنانية، اليوم الجمعة، أن كل ما تحقق على صعيد ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع الاحتلال الإسرائيلي هو "نتيجة قرار لبناني يعكس وحدة الموقف الوطني، وحصيلة مفاوضات شاقة وصعبة" قادها الفريق اللبناني المفاوض مع الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، "بحنكة وصلابة وإصرار دفاعاً عن حقوق الدولة اللبنانية في ثروتها المائية والنفطية والغازية".
مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية: إن ما تحقق على صعيد ترسيم الحدود البحرية الجنوبية هو نتيجة قرار لبناني يعكس وحدة الموقف الوطني وحصيلة مفاوضات شاقة وصعبة قادها الفريق اللبناني المفاوض مع الوسيط الاميركي
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) October 21, 2022
ويأتي بيان الرئاسة في وقتٍ تحركت أحزاب سياسية معارضة اليوم للمطالبة بعرض اتفاق الترسيم على البرلمان بهدف مناقشته والتصويت عليه قبل إبرامه، في ظل مخاوف جدية من تنازلات عن حقوق بحرية وثروات نفطية هي ملك الدولة والشعب اللبنانيين.
وبعد تكتل نواب "التغيير"، تقدم اليوم تكتل "الجمهورية القوية" (يمثل حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع) بعريضة إلى رئيس البرلمان نبيه بري، طالب فيها بعرض اتفاقية الترسيم على البرلمان لمناقشتها والتصويت عليها قبل إبرامها، وهو موقف عبّر عنه أيضاً أكثر من تكتل نيابي ضمنها "الكتائب اللبنانية" برئاسة النائب سامي الجميل.
وشددت الرئاسة اللبنانية، في بيان اليوم الجمعة، على أن "لبنان لم يقدم خلال المفاوضات أي تنازلات، ولا خضع لأي مساومات أو مقايضات أو صفقات، أو إرادات دول خارجية، بل على العكس فإن دولاً شقيقة وصديقة كثيرة أيّدت الموقف اللبناني ووضعت إمكاناتها بتصرّفه".
وأصدرت الرئاسة اللبنانية بيانها اليوم ردّاً على "مقالات وتقارير تنشر في وسائل الإعلام تتناول الترسيم وتنسب أحياناً إلى دول وجهات أدواراً، بهدف الإيحاء بأن ما حصل هو نتيجة إرادة خارجية دولية لأهداف تتجاوز ما هو محدد في نتائج الترسيم".
وفيما اعتبرت الرئاسة أن ما يروّج له "محض افتراء وتحليلات ومقالات لا تنطبق مع الواقع"، أكدت أن ما حصل "قرار وطني صلب لا شريك فيه، بل استجلب وساطة أميركية سهّلت الوصول إلى النتيجة الإيجابية في الترسيم، والتي سوف تصب في مصلحة لبنان واللبنانيين، وهذا ما سيظهر خلال مراحل التطبيق في الأشهر المقبلة".
وتتهم الرئاسة اللبنانية، سواء من قبل وسائل إعلام أو خبراء نفط واقتصاد، ومطلعين سياسيين على الملف، بسعيها وراء إنجاز الترسيم قبيل انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، الذي شهد أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ البلاد، ولو أتى ذلك بتقديم بعض التنازلات، وهي اتهامات ربطت أيضاً بالمسؤولين السياسيين، الذين قدموا تنازلات، ولا سيما بتخليهم عن الخط 29 والرضوخ للخط 23 كحدود بحرية، رغم أن الجانب اللبناني بدأ مفاوضاته في أكتوبر/تشرين الأول 2020 على أساس الأول، ما كان من شأنه أن يؤمّن للبنان مساحات بحرية إضافية، وبالتالي ثروات نفطية أكبر مع حصوله إضافة إلى حقل قانا على جزء من حقل كاريش النفطي.
كذلك، اتهم الرئيس اللبناني ميشال عون بتقديمه التنازل في إطار صفقة رفع العقوبات الأميركية عن صهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، وهي اتهامات كان ينفيها باستمرار.
وقال المؤرخ والباحث اللبناني الدكتور عصام خليفة، في أكثر من تصريح، إن اتفاق الترسيم يناقض الدستور اللبناني والقوانين الدولية، ورؤساء الجمهورية ميشال عون، وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والبرلمان نبيه بري، خرقوا الدستور وتنازلوا عن حقوق لبنانية، كما أن السلطة السياسية لم تستجب لترسيم الجيش اللبناني، وتوقع تعديل المرسوم رقم 6433، مؤكداً أنه بصدد ومجموعة من المحامين التحرك قضائياً محلياً ودولياً للطعن في الاتفاق.
وأشار نائب رئيس البرلمان اللبناني إلياس بو صعب، المكلف رئاسياً التفاوض في الملف، إلى أن الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين سيزور بيروت الأسبوع المقبل ومعه نسخة من اتفاق ترسيم الحدود البحرية بغية توقيعه من قبل المسؤولين في لبنان، وفق ما ذكره في تصريح صحافي.
على صعيد متصل بالترسيم، التقى عون، اليوم الجمعة، وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، الذي أطلعه على الترتيبات التي تضعها وزارة الطاقة لمرحلة ما بعد ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ولا سيما تلك المرتبطة بآلية التنقيب عن النفط والغاز في الحقول النفطية والغازية اللبنانية البحرية.
الرئيس عون استقبل وزير الطاقة والمياه المهندس وليد فياض، الذي أطلعه على الترتيبات التي تضعها وزارة الطاقة لمرحلة ما بعد ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، لا سيما تلك المرتبطة بآلية التنقيب عن النفط والغاز في الحقول النفطية والغازية اللبنانية البحرية pic.twitter.com/FvPCWAINCF
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) October 21, 2022
وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أعلن عون موافقة لبنان على اعتماد الصيغة النهائية لترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل، مؤكداً أنها تتجاوب مع المطالب اللبنانية وتحفظ حقوق البلد كاملة، وأن لبنان لم يتنازل عن أي كيلومتر واحد لإسرائيل.
وأشار إلى استعادة لبنان 860 كيلومتراً مربعاً كانت موضع نزاع، كما الاستحصال على كامل حقل قانا من دون أي تعويض يدفع من قبل لبنان للجانب الإسرائيلي.
ويوم الثلاثاء الماضي، أطلع وفد شركة "توتال إينرجي" الفرنسية الرئيس عون على الاستعدادات التي تجريها الشركة في لبنان، تمهيداً لبدء التنقيب في البلوك رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة في الجنوب وذلك بعد إنجاز المعاملات والإجراءات الإدارية اللازمة.
وأشار الوفد إلى أن "منصة الحفر ستُستقدم ابتداءً من العام 2023 لبدء الاستكشاف والتنقيب وفق النصوص الواردة في الاتفاق مع هيئة قطاع البترول في لبنان، والتي تتلقى تباعاً المعطيات التي تتوافر خلال عمليات التنقيب".