ندوة لـ"مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني": الخلاف حول حقوق المرأة ودورها أحد أسباب تعثر المفاوضات الأفغانية

17 نوفمبر 2020
ندوة في الدوحة حول المرأة وصنع السلام في أفغانستان (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مشاركات في الوفد الحكومي الأفغاني لمفاوضات السلام التي تجرى مع حركة طالبان، في الدوحة، أن أحد الأسباب المباشرة لتعثر المفاوضات وعدم توصل المفاوضين من الطرفين إلى اتفاق إطار "مدونة سلوك " يسمح بالبدء بعملية المفاوضات، يعود لتباعد وجهات النظر حول دور وموقع المرأة الأفغانية في البلاد بعد إحلال السلام.

وعرضت المشاركات في ندوة نظمها اليوم الثلاثاء مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، بمعهد الدوحة للدراسات العليا، ناقشت (دور المرأة في صنع السلام: نظرة من الداخل على تجربة المرأة الأفغانية في المفاوضات)، واقع المرأة الأفغانية منذ نحو 100 عام، وحتى اليوم، بما فيها الفترة التي حكمت فيها حركة طالبان أفغانستان، ومنعت المرأة خلالها من حق التعليم، والخروج من المنزل إلا برفقة محرم، في حين تسلمت المرأة الأفغانية قبل حكم طالبان مواقع تشريعية وتنفيذية، وسافرت لتلقي العلم في الخارج.

 وقد استضافت الندوة التي أدارها مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني سلطان بركات أعضاء فريق المفاوضات الذي يمثل الحكومة الأفغانية في المفاوضات التي تجرى في الدوحة مع حركة طالبان، فاطمة جيلاني، حبيبة سرابي، فوزية كوفي، شريفة زورماتي.

 

وفيما اعتبرت شريفة زورماتي قضية الاندماج ومشاركة الأطراف المختلفة في عملية السلام، وخاصة في المناطق النائية وهي المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومة الأفغانية، وتسيطر عليها حركة طالبان، قضية ضرورية لإضفاء الشرعية على العملية السياسية، وتحقيق السلام، عرضت حبيبة سرابي لواقع المرأة الأفغانية ومشاركتها في الحياة العامة منذ عام 1921، مؤكدة دورها.

ولفتت سرابي إلى المناصب التي تولتها النساء، من وزيرة ونائبة، وخاصة في مرحلة الثمانينيات في القرن الماضي، ومواقع مدنية وعسكرية وتنفيذية أخرى، وهو الواقع الذي تراجع في ظل حكم حركة طالبان، معتبرة أن حقوق المرأة والإنجازات التي حققتها وضمنها لها الدستور الأفغانية الحالي خط أحمر لا يمكن القفز عليه.

 ولامت سرابي من وصفتهم بالشركاء الدوليين، والذي يميل بعضهم إلى تقويض دور المرأة الأفغانية في عملية السلام، وقالت "تشكل المرأة نصف عدد السكان في أفغانستان، ولديها الحق في مساواتها بالرجل على المستوى الوطني"، مضيفة أن المساواة بين الجنسين "لا تخضع للتفاوض"، مطالبة الشركاء الدوليين بسماع صوت المرأة الأفغانية وألا يجاملوا على حساب حقوقها.

 وناقشت فاطمة جيلاني ما اعتبرته التحديات المتعلقة بالتفسير الديني للإسلام، قائلة إن الإسلام يلعب دوراً كبيراً في أفغانستان، ويجب أن يكون عامل توحيد، وهي تأمل أن يكون القوة الموحدة للشعب الأفغاني.

وذكرت في هذا السياق أن "التقاليد والخطأ في التفسير الصحيح لتعاليم الإسلام، التي شددت على المرأة الأفغانية، كانت قوية، حتى إن العلماء والقادة ترددوا في القول إن هذا أمر خاطئ".

وأضافت "المرأة لا يسمح لها في أفغانستان بالذهاب الى المسجد، ولم أسمع أن عالماً مسلماً يقول إن هذا أمر خاطئ. والأب أو الأخ يأخذان من المرأة مهرها، حين تتزوج ولا أحد من العلماء يقول إن هذا لا يجوز لأن التقاليد قوية، والمرأة لا يسمح لها بالتعليم والذهب إلى المدارس، لأن التقاليد أصبحت أقوى من تعاليم الدين".

وشددت جيلاني على أن "لا تراجع عن المادة 22 من  الدستور الأفغاني، الذي نصّ على مساوة المرأة بالرجل، وفي المقابل نص أيضاً على عدم تشريع أي قانون يتعارض مع الدين الإسلامي".

 

أما فوزي كوفي، التي نجت من محاولة اغتيال في شهر أغسطس/ آب الماضي، فأشارت إلى أن الدعم الدولي الذي قدم لمؤسسات المجتمع المدني في أفغانستان، خلال الحروب الأفغانية العديدة وخاصة خلال الحرب التي خاضتها البلاد ضد الاحتلال السوفييتي، أدّى إلى وجهات نظر راديكالية، وساهم الدعم المالي لهذه المؤسسات في أن تصبح أكثر تشدداً في المناهج التعليمية وفي حقوق المرأة، وقبل ذلك كانت هناك حريات نسبية، ولم يكن يفرض على المرأة الأفغانية لباس معين أو تمنع من التعليم، بحجة الأمن.

 وأكدت كوفي قضية التعليم بوصفه أحد الحقوق الأساسية، ما سيساهم بالضرورة في إيجاد بيئة معتدلة تقبل الرأي الآخر وتتعايش معه، قائلة: "يمكن أن تتعارض وجهات النظر بيننا، لكن دعونا نعيش، فنحن بلد متنوع عرقياً والاختلاف في وجهات النظر ليس مدعاة للقتل ويجب أن يحترم ".

وأضافت "ثمة مفارقة، تتمثل بأن قضية المرأة وحقوقها قضية رئيسة في المفاوضات الأفغانية الجارية، وهي حالة فريدة من نوعها لم تشهدها أية مفاوضات سلام حدثت، والمرأة الأفغانية موجودة بقوة في المفاوضات وهي لن تقبل بأية قيود تفرض عليها من أية أطراف".

وتجرى في الدوحة منذ أكثر من شهرين مفاوضات بين حركة طالبان، ووفد من الحكومة الأفغانية وممثلين عن منظمات المجتمع المدني من دون أن تحرز تقدماً يذكر فيها، حيث لم تنجح فرق الاتصال المشكلة من الطرفين، في التوصل إلى اتفاق إطار، أو ما تسمى "مدونة سلوك"، تسمح بالبدء في مفاوضات حقيقية تنهي الحرب وتحقق السلام في أفغانستان.