لم يخرج حوار بدأ منذ أشهر بين المجلس الوطني الكردي في سورية، و"أحزاب الوطنية الكردية"، التي تشكل الإدارة الذاتية في الشمال الشرقي من البلاد، باتفاق بسبب تلكؤ هذه الأحزاب، التي يقودها حزب "الاتحاد الديمقراطي"، في الموافقة على مطالب تقدم بها المجلس، تنهي تفرد هذا الحزب المهيمن على "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) بالقرار في منطقة شرق نهر الفرات.
وأعلن إبراهيم برو، وهو قيادي في المجلس الوطني الكردي المنضوي في الائتلاف الوطني السوري، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الشروط الخمسة التي وضعها المجلس أمام أحزاب الإدارة الذاتية من أجل الخروج باتفاق، وهي فكّ الارتباط بين الإدارة وحزب العمال الكردستاني، وتعديل العقد الاجتماعي، وإلغاء التجنيد الإجباري مع دخول "البشمركة السورية" إلى الشمال الشرقي من سورية، إضافة إلى "الوضع التعليمي وإيجاد حلّ عملي يضمن مستقبل الطلبة بشهادات معترف بها، وإدخال التعليم باللغة الكردية بشكل يناسب ذلك"، وحسم مصير المعتقلين والمختطفين.
وكان الكيانان الكرديان الأكبر في سورية قد شرعا في حوار يرقى إلى مستوى المفاوضات في إبريل/ نيسان الماضي بدفع أميركي من أجل ترتيب البيت السوري الكردي، وتشكيل مرجعية سياسية واحدة للكرد السوريين.
واتفق الجانبان في جولتين على أن اتفاقية دهوك، التي أبرمت بينهما برعاية من قيادة إقليم كردستان العراق، في أكتوبر/ تشرين الأول 2014، ستشكل أيضاً أرضية لهذه المفاوضات.
الكيانان الكرديان الأكبر في سورية شرعا في حوار يرقى إلى مستوى المفاوضات في إبريل/ نيسان الماضي بدفع أميركي من أجل ترتيب البيت السوري الكردي، وتشكيل مرجعية سياسية واحدة للكرد السوريين
ونصت الاتفاقية على تشكيل مرجعية سياسية كردية، على أن تكون نسبة تمثيل "حركة المجتمع الديمقراطي" (لاحقاً أحزاب الوحدة الوطنية الكردية-25 حزباً) فيها 40 في المائة، و"المجلس الوطني الكردي" 40 في المائة، و20 في المائة للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين.
كذلك تمّ الاتفاق على أن يكون عدد أعضاء المرجعية 32 شخصاً، ممثلين وفق الآتي: 12 من "حركة المجتمع الديمقراطي"، و12 من "المجلس الوطني"، وثمانية من القوى السياسية من خارج الإطارين المذكورين.
ويسيطر الأكراد عملياً على طريق "قوات سورية الديمقراطية" التي يتحكمون بها، على أغلب منطقة شرق نهر الفرات الغنية بالثروات، التي تشكل نحو ثلث مساحة سورية، إضافة إلى سيطرتهم على مناطق غرب نهر الفرات، أبرزها مدينة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي.
ويهيمن حزب "الاتحاد الديمقراطي" (PYD) من خلال ذراعه العسكرية (الوحدات الكردية)، على القرار في منطقة شرق نهر الفرات، وهو ما يفسر تردده في الموافقة على شروط المجلس الكفيلة بتقليص سلطاته في المنطقة.
ولكن، وكما يبدو، تصرّ الإدارة الأميركية على إنجاز اتفاق، وهو ما قد يجبر "الاتحاد الديمقراطي" على الموافقة، باعتبار أن واشنطن هي الداعم الأكبر للأكراد في سورية.
من جانبه، استبعد نائب رئيس رابطة الكرد السوريين المستقلين رديف مصطفى، موافقة حزب "الاتحاد الديمقراطي"، الذي يُنظر اليه باعتباره نسخة سورية من حزب "العمال الكردستاني"، على بعض الشروط الخمسة.
وأشار مصطفى، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "فك الارتباط مع العمال الكردستاني يعتبر بمثابة فصل الجسد عن الرأس"، مرجحاً عدم موافقة "الاتحاد الديمقراطي" على إدخال البيشمركة السورية التي تضم مقاتلين كرداً تابعين للمجلس متمركزين في شمال العراق، إلى الشمال الشرقي من سورية.
وأعرب المتحدث ذاته عن اعتقاده بأنه "كان الأولى بالمجلس قبل الخوض في الحوار، مطالبة (PYD) بإعلان فكّ الارتباط مع النظام السوري وحزب "العمال الكردستاني"، وإطلاق سراح المعتقلين، والكشف عن مصير المختطفين والمختفين قسراً".
وكان مجلس سورية الديمقراطي (مسد)، وهو الجناح السياسي لقوات "قسد"، قد أعلن في أكثر من مناسبة استعداده للتفاوض مع الائتلاف الوطني السوري، لكن نائب رئيس "الائتلاف الوطني السوري المعارض" عقاب يحيى، أكد في حديث مع "العربي الجديد"، منذ أيام، أنّ الائتلاف "ليس لديه موقف إيجابي تجاه التفاوض مع مسد، إلا إذا خرج مقاتلو قنديل (مقر حزب العمال الكردستاني على الحدود العراقية التركية) من سورية"، مضيفاً: "إذا حدث ذلك، فلكل حادث حديث، وفي السياسة هناك متغيّرات".