رفعت فيالق "الجيش الوطني السوري" المعارض، والحليف لتركيا، الجاهزية الكاملة على محاور القتال مع "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) شمال سورية، وذلك استعداداً لتنفيذ أي عملية عسكرية تركية مرتقبة ضد "قسد" خلال الأيام المقبلة.
وقال مصدر عسكري من "هيئة ثائرون للتحرير"، رفض الكشف عن اسمه لأنه غير مخول بالتصريح، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "فيالق الأول والثاني والثالث لدى الجيش الوطني السوري رفعت الجاهزية بشكلٍ كامل، اليوم الإثنين، تحسباً لأي عملية عسكرية تركية مرتقبة خلال الأيام المقبلة ضد مليشيات (قسد) شمال سورية"، مؤكداً أن "الجاهزية القتالية تم رفعها على كافة المحاور في كلٍ من درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام شمال سورية".
وأوضح المصدر، أنه "تم استدعاء كافة الضباط والعناصر العاملين في الجيش الوطني السوري الذين كانوا في قضاء إجازات، ويتم إجراء صيانة وتفقد كافة الآليات الثقيلة والمتوسطة التابعة للجيش الوطني في جميع القطع العسكرية والمقرات، تحسباً لأي طارئ خلال الساعات المقبلة"، مشيراً إلى أن "القوات التركية طلبت من كتائب الاستطلاع في الجيش الوطني تحديد بنك أهداف لتحديد معسكرات ومقرات مليشيا (قسد) في العمق وعلى خطوط التماس"، من دون تحديد مكان العملية العسكرية أو تاريخ بدئها.
إلى ذلك، استهدفت طائرة مسيّرة تركية، عصر اليوم، دراجة نارية يستقلها عنصران من "قسد" على طريق قرية ماريتي بريف مدينة عامودا، بالإضافة إلى استهداف مدرسة حمدون التي تتخذها قوات "قسد" مقراً لها بريف مدينة عامودا أقصى الريف الشمالي لمحافظة الحسكة، شمال شرقي البلاد، ما تسبب في وقوع قتلى وجرحى في صفوف "قسد" ضمن المواقع المستهدفة.
واستهدفت مدفعية القوات التركية، اليوم الإثنين، موقعاً عسكرياً مشتركاً بين قوات النظام وقوات "قسد"، قرب قرية جيشان شرقي مدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، بالإضافة إلى استهداف مقر لـ "قسد" في قرية زور مغار غرب مدينة عين العرب، ونقطة عسكرية مشتركة عند مفرق العوسجلي بريف مدينة منبج شرقي محافظة حلب، ومقرات عسكرية في محيط بلدة عين عيسى والطريق الدولي "إم 4" شمالي الرقة.
وتزامن هذا مع تحليق طائرتي استطلاع تركيتين في سماء المنطقة، بالإضافة إلى اندلاع اشتباكات متقطعة بين فصائل "الجيش الوطني السوري" وقوات "قسد" على محور بلدة مرعناز بريف حلب الشمالي.
في غضون ذلك، أغلقت قوات "قسد" الطريق الواصل بين بلدتي أبو راسين - تل تمر شمالي محافظة الحسكة، بالتزامن مع استقدام تعزيزات عسكرية إلى مواقعها العسكرية بالمنطقة.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أشار، في وقت سابق اليوم، إلى أن "عملية "المخلب - السيف" ضد مواقع الإرهابيين شمالي سورية والعراق لن تقتصر على الضربات الجوية"، مؤكداً أنه تم "تدمير 12 هدفاً تابعاً للإرهابيين المتمركزين في مدينة عين العرب (كوباني) شمالي سورية"، مشدداً على "عدم وجود قيود بهذا الصدد، وأن استمرار العملية وارد".
ولفت إلى أنه "من غير الوارد أن تقتصر العمليات على الضربات الجوية، وسنتخذ القرار ونتشاور بشأن حجم القوات البرية التي يجب أن تنضم للعملية مع وحداتنا المعنية، ووزارة دفاعنا، وهيئة أركاننا، وسنتخذ خطواتنا بناءً على ذلك"، وفق وكالة "الأناضول" التركية.
المتحدث باسم "قسد": الإدارة الأميركية ترفض أي عمل عسكري
في سياق متصل، أكد المتحدث باسم "قسد" آرام حنا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الإدارة الأميركية ترفض أي تصعيد عسكري شمالي سورية، لافتاً إلى أن "قنوات التواصل مع قوات التحالف الدولي مستمرة، بالتزامن مع جاهزية قواتنا القتالية على محاور القتال للتصدي لأي تقدم أو عدوان محتمل على طول الشريط الحدودي".
وأوضح حنا أن "قنوات الاتصال مع قوى التحالف الدولي عموماً مفعلة بشكل عام، ومع الإدارة الأميركية بشكل خاص"، مضيفاً: "بحسب ما وردنا من ممثلية مجلس سورية الديمقراطية (مسد) أيضاً، فقد رفضت الإدارة الأميركية شنّ أية حملة أو إجراء أي تصعيدات على طول الشريط الحدودي"، لافتاً إلى أن "الإدارة الأميركية تفضل الحفاظ على الهدوء وضبط النفس في المنطقة، ولكن كما يبدو أن دولة الاحتلال التركي تسعى لأن تسبح عكس التيار، وترغب بأن تصور نفسها أنها قادرة على اتخاذ قرارات على حدة، ولكن بالطبع من غير الممكن تنفيذ أي خطوات على الأرض بدون تحقيق توافق دولي يسمح لجيش الاحتلال التركي بأن يتقدم أو ينفذ عمليات معادية".
وأكد المتحدث باسم "قسد"، أنه "بشكل أساسي ليس هناك تغييرات ميدانية على الجانب المقابل من الشريط الحدودي"، مشدداً على أن "قواتنا كانت ولا تزال على أهبة الاستعداد للتصدي لأي تقدم أو عدوان بري محتمل على طول الشريط الحدودي، وعلى خطوط التماس أيضاً اتخذنا كل الإجراءات الدفاعية التي من شأنها حماية المنطقة والمدنيين، وعدم تعريض حياة السكان للخطر".
ولفت حنا إلى أننا "ننتقد صمت المجتمع الدولي إزاء إطلاق هذه الحملة المزعومة، دون أن نلتمس موقفاً دولياً حقيقياً تجاه اتخاذ أي إجراءات ميدانية لوقف أو ردع رغبة الاحتلال التركي في توسيع رقعة سيطرته الجغرافية"، لافتاً إلى "خطورة هذه الأعمال العسكرية والضربات المعادية التي تقوض جهودنا في ما يخص مكافحة الإرهاب وتأمين أماكن الاحتجاز وعوائل تنظيم داعش القابعين في المخيمات".
وأشار حنا إلى أن "قسد" تفضل خفض التصعيد، وضبط النفس، والالتزام باتفاقيات وقف إطلاق النار وذلك لتجنيب المنطقة المزيد من الأعباء المعيشية والاقتصادية، بالإضافة إلى الصعوبات الأمنية التي ستفرضها أي تحركات على الأرض"، موضحاً: "اليوم نحن ما زلنا نقوم بمهام مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، وتأمين المنطقة من خطر الإرهاب في ظل كل الهجمات التي نتعرض لها بشكل همجي، والتي تستهدف المدنيين بشكل مباشر، وعلى هذا الأساس سنحافظ على دورنا في هذا الإطار، وسوف نبذل الجهود لخفض التصعيد، ولكن لن نتوانى عن الرد بالمثل على أي عدوان يستهدف مناطقنا".
وقال: "هناك ضحايا مدنيون، لا سيما المجزرة التي ارتكبها سلاح الجو التركي في قرية تقل بقل، والتي راح ضحيتها 11 مدنياً، وأصيب ستة آخرون، فضلاً عن عشرات المدنيين الآخرين الذين تعرضوا لصواريخ سلاح الجو التركي، وهنا تبرز النتائج السلبية للعدوان التركي على مناطقنا، ونحمّل المجتمع الدولي والقوى الفاعلة بالشأن السوري هذه المسؤولية وعليهم اتخاذ كل ما يلزم لخفض التصعيد".