الجولاني يجدد موقف "تحرير الشام" من التقارب التركي مع النظام السوري

12 يناير 2023
قائد "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني (تويتر)
+ الخط -

تحاول "هيئة تحرير الشام" إظهار موقف متمايز عن بقية الفصائل المعارضة السورية إزاء الاتصالات التركية مع النظام السوري، سواء عبر التصريحات وتسجيل المواقف أو على أرض الواقع عبر تكثيف عملياتها العسكرية ضد قوات النظام، في أرياف إدلب وحلب واللاذقية. 
وفي آخر تصريحاته، قال قائد "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني إن تركيا لم تصل بعد إلى مرحلة المصالحة مع النظام السوري، وإنها تخوض "مساراً سياسياً يتوافق مع مصالحها"، مؤكداً معارضة الهيئة لهذه المسارات، دون معاداة تركيا.
وأضاف الجولاني في لقاء جمعه بممثلين عن المهجرين والنازحين في محافظة إدلب أمس الأربعاء، وبثّته "مؤسسة أمجاد الإعلامية" التابعة لـ"تحرير الشام"، أن المسار التفاوضي الذي تخوضه تركيا مع النظام السوري "يحمل خطورة على مبادئ الثورة السورية ويشكل انعطافة جديدة للأتراك، خاصة في ظل ما يعانيه النظام والروس والإيرانيون من ضعف وهزائم، ولكن للأتراك أسبابهم في هذه الانعطافة لا أريد التحدث فيها نيابة عنهم".

وأشار الجولاني إلى أنه بعد التدخل الروسي في سورية عام 2015 تحولت الاستراتيجية التركية إلى هدفين أساسيين يتمثلان في: عدم تدفق النازحين إلى الشمال السوري وباتجاه تركيا، ومنع حزب العمال الكردستاني من تشكيل كيان في شمال شرقي سورية. واعتبر أن هذين الهدفين "يتفقان مع جزء من أهداف الثورة، ولكن الأتراك لم تعد لديهم إمكانية للاستمرار حتى إسقاط النظام".

معارضة تركيا وليس معاداتها  

وفي محاولة لإمساك العصا من المنتصف، دعا الجولاني إلى اتخاذ موقف إزاء المسار التركي الجديد تجاه نظام الأسد، وقال إن "الثورة قوية، وهي ليست بالضعف الذي يجبرها على تقديم تنازلات للنظام"، معتبراً أن الروس ما كانوا ليتخذوا هذا المسار مع الأتراك لولا ضعفهم وضعف الإيرانيين والنظام.
وشدد الجولاني على ضرورة رفض تلك المسارات، ولكن "يجب علينا عدم تأزيم العلاقة بين الثورة وتركيا لتصل إلى مرحلة الخصام والعداوة، فنحن لا نريد أن نُكثر العداوات على أنفسنا، ويكفينا عداء الروس والإيرانيين والنظام"، ورأى أن تركيا لا تزال "حليفة الثورة" حتى الآن، لكن المسار الذي دخلته "يحمل التناقضات في داخله، فالمصالحة مع النظام، ستدفع الناس إلى تركيا وهذا ما لا ترغب به"، معتبراً أن أكبر مشكلة تعاني منها الثورة هي "النظر إلى الخارج أكثر من الداخل".

انتقادات مبطنة للفصائل ومباشرة للائتلاف   

وفي محاولة للغمز من قناة الفصائل الأخرى، قال الجولاني إن "مناطق سيطرة فصائل الجيش الوطني السوري صرحت برفض المصالحة مع النظام السوري، والتصريح من الفصائل واجب ولكن العمل هو الأهم". وأضاف أن "من يريد مصالحة النظام، عليه أن يسلّم سلاحه بيده إلى النظام ويسلم نفسه للإعدام".
غير أن الجولاني انتقد بشكل مباشر الائتلاف السوري المعارض، معتبراً أنه "لا يمثل السوريين ولا الثورة السورية، لأنه يتبع لجهات خارجية كثيرة، ومن أعضائه مندوبون لمصالح دول بأسماء سورية، ولذلك هو غير قادر على المواجهة"، وفق تعبيره.
وكان الائتلاف ومؤسسات المعارضة الرسمية، تعرضت لانتقادات من جهات "ثورية" عدة بسبب غيابها عن الساحة في الأيام الأولى التي تلت الإعلان عن الاجتماع الثلاثي بين وزراء دفاع تركيا وروسيا والنظام السوري نهاية الشهر الماضي، رغم ما أحدثته قضية التقارب بين تركيا والنظام من هزة في الشارع السوري.

تسويق "تحرير الشام"  

وفي المقابل، أطرى الجولاني على فصيله (هيئة تحرير الشام)، قائلاً إن "القوة السياسية تعتمد على قوتها في الداخل، والعدو يجب أن يواجه بقوة عسكرية ومؤسسات مدنية وأمنية قوية بإمكانها أن تربط علاقاتها السياسية مع الخارج". واستطرد قائلاً: "إن الأطراف الخارجية حين تريد أن تنشئ علاقات فهي تفعل ذلك مع من لديه قدم ثقيلة، من إذا قال نعم أو لا فكلمته نافذة".
وتحدث قائد "تحرير الشام" عن العمليات الانغماسية التي نفذتها "الهيئة" ضد قوات النظام السوري خلال الشهرين الماضيين، وعن سعيها إلى توحيد القوى في الداخل منذ سنوات، لكن "الأمر لا يزال صعباً".
واعتبر الجولاني أن "المشروع الثوري في إدلب حدث استثنائي، يملك قوة عسكرية وشعبية موحدة مع بعضها، وأن مصير أهل سورية مرتبط بقرارات تؤخذ في مناطق سيطرة "تحرير الشام" ومصير أهل السنّة في محيط سورية أيضاً" وفق تعبيره.  
وفي تعليقه على كلام الجولاني، قال الصحافي محمد جزار لـ"العربي الجديد"، إن قائد "هيئة تحرير الشام" يحاول تضخيم دور فصيله، والحط من أدوار بقية القوى، مشيراً إلى أن العمليات العسكرية متوقفة منذ 2020، وأن "تحرير الشام" قضت على العديد من الفصائل الثورية التي كانت تقاتل النظام.

 ورأى جزار أن الجولاني يحاول أن يقدم أوراقه للأتراك وللقوى الخارجية بوصف "تحرير الشام" القوة الوحيدة المؤهلة للحرب والسلام، لأنها كما يقول تملك القوة العسكرية والالتفاف الشعبي حولها، وتستطيع أن تلتزم بأية عهود تقطعها مع الآخرين.

المساهمون