الجنوب السوري: النظام يصوّب على نوى بعد طفس

26 اغسطس 2022
عناصر من قوات النظام في درعا (محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -

يواصل النظام السوري سياسته الانتقامية تجاه محافظة درعا، جنوب البلاد، عبر استهداف "المطلوبين" لديه قتلاً أو اعتقالاً، بالتوازي مع جهوده لإحكام سيطرته على المحافظة الجنوبية التي انطلقت منها الثورة السورية ضد النظام. وبعد أيام قليلة على سحب عناصرها من محيط مدينة طفس في ريف درعا الغربي، بعد محاصرتها لأيام وقصفها والتهديد باقتحامها، بحجة البحث عن مطلوبين، تسعى قوات النظام إلى تكرار العملية في مدينة نوى المجاورة والتي تعد من أكبر مدن محافظة درعا من ناحية عدد السكان.

مداهمات واشتباكات في نوى

وفي السياق، ذكر الناطق باسم "تجمع أحرار حوران" المعارض، أيمن أبو محمود، في حديث لـ"العربي الجديد"، أمس الخميس، أن دورية أمنية مشتركة داهمت صباح أمس منزل العقيد المنشق فواز الطياسنة في مدينة نوى في ريف محافظة درعا الغربي، بهدف اعتقال ابنه الذي لم يكن في المنزل، مشيراً إلى أن العملية تخللها إطلاق نار ما أدى لإصابة الطياسنة بجروح طفيفة.

وأضاف أبو محمود أن اشتباكات بالأسلحة الرشاشة دارت بين مقاتلين محليين في المدينة وقوات النظام خلال اقتحام الأخيرة للحي الجنوبي، الأمر الذي أسفر عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف تلك القوات، إضافة الى إصابة عدد من المدنيين.

قتلى وجرحى بصفوف قوات النظام باشتباكات في مدينة نوى

وتقع مدينة نوى في المنطقة الشمالية الغربية من سهل حوران، ويفصلها عن مدينة دمشق حوالي 85 كيلومتراً، وعن مدينة درعا حوالي 40 كيلومتراً، وعن الحدود السورية مع فلسطين المحتلة حوالي 10 كيلومترات. وكان عدد سكانها قبل عام 2011 أكثر من مائة ألف نسمة، لكنه تقلص بنسبة كبيرة نتيجة عمليات النزوح بسبب الحصارات والاقتحامات والقصف المتكرر من جانب قوات النظام خلال السنوات الماضية.

ويعمل غالبية سكان المدينة في المجال الزراعي. وهي تضم عدداً من الآثار التاريخية والدينية، أهمها ضريح سام بن نوح، ومقام الإمام محي الدين النووي، ومقام النبي أيوب، والصحابي سعد بن عبادة الموجودين في قرية الشيخ سعد التابعة لمدينة نوى.

وكانت المدينة تعرضت للحصار في إبريل/نيسان 2011، قبل أن يتم اجتياحها بواسطة 30 ألف عنصر من قوات النظام. وقد ظلّت تحت السيطرة المحكمة للأخيرة إلى أن انتزعتها فصائل المعارضة في يوليو/تموز 2013، واستمر ذلك حتى سيطرة قوات النظام بدعم روسيا على مجمل محافظة درعا منتصف العام 2018.

لكن المدينة ظلّت على غرار العديد من المناطق الأخرى في المحافظة، خارج القبضة المحكمة لقوات النظام التي سعت إلى تعزيز سيطرتها عبر عمليات "التسوية"، حيث دخلت المدينة مجموعات من قوات النظام في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، وأجرت عمليات تسوية للمطلوبين والمسلحين بوساطة روسية.

ملاحقات في مناطق أخرى من درعا

في غضون ذلك، دخلت صباح أمس دورية من قوات النظام إلى بلدة المليحة الشرقية في ريف درعا الشرقي، واعتقلت شابين من عشائر البدو بعد دهسهما بواسطة عربة عسكرية مدرعة، وتم اقتيادهما إلى مقر اللواء 52، شرقي درعا، وفق "تجمع أحرار حوران".

وسبق أن داهمت قوات النظام عددا من المنازل في قرية البكار غربي درعا، واعتقلت 6 أشخاص، وذلك بعد ساعات من استهداف سيارة إطعام عسكرية تابعة للواء 112 بعبوة ناسفة على الطريق الواصل بين بلدتي البكار والجبيلية غربي درعا.

كما أصيب القيادي السابق في "الجيش الحر" جميل علي قسيم السويدان، بجروح بليغة إثر استهدافه بالرصاص المباشر في بلدة الجيزة شرقي درعا. وكان السويدان عمل عقب التسوية لصالح جهاز الأمن العسكري بدرعا.

من جهة أخرى، عثر الأهالي صباح أمس بين بلدتي الدلي والسحيلية، في ريف درعا الشمالي، على جثتين مجهولتي الهوية لشابين في العقد الثالث من العمر، فيما انفجرت سيارة في بلدة الغارية الغربية في الريف الشرقي من محافظة درعا، تعود لمدني من قرية رخم شرقي درعا، تم اختطافه على طريق بلدة الكرك الشرقي شرقي المحافظة منذ أيام وسرقة السيارة.

وكانت قوات النظام والمليشيات الإيرانية، انسحبت في 18 من الشهر الحالي من محيط مدينة طفس غربي درعا، تنفيذاً لبنود الاتفاق الذي توصلت إليه لجنة التفاوض في المدينة مع لجنة النظام الأمنية، والذي قضى بإنهاء الحملة العسكرية على المدينة مقابل دخول قوات النظام وتفتيش عدد محدود من المنازل للتأكد من عدم وجود أشخاص من خارج المدينة.

وانتشرت قوات النظام ومليشيات "لواء العرين 313" المدعومة من إيران، في محيط مدينة طفس، اعتباراً من 27 من الشهر الماضي وأغلقت الطريق الواصل بينها وبين مدينة درعا، وهددت باقتحام المدينة بحجة البحث عن مطلوبين لها، ما تسبب في خسارة للمزارعين بسبب منعهم من الوصول إلى أراضيهم في موسم الحصاد، قدرت بمئات الملايين من الليرات السورية، إضافة إلى نزوح عشرات العائلات بسبب عمليات القصف.

اغتيال الشخصيات المعارضة في درعا

وإضافة إلى عمليات الحصار والمداهمة، تعمل قوات النظام بواسطة خلاياها الأمنية المنتشرة في محافظة درعا وعبر متعاونين محليين مع أجهزتها الأمنية، على تصفية أبرز قادة المعارضة ممن رفضوا التعاون معها، على الرغم من خضوعهم لعمليات "تسوية".

وقبل أيام، قُتل الشيخ فادي العاسمي، أحد أبرز الشخصيات الثورية في الجنوب السوري، برصاص مجهولين في مدينة داعل بريف درعا الأوسط، وقد لاحظ الأهالي فرار الجناة باتجاه بلدة إبطع الواقعة شمال داعل، حيث يوجد بالقرب منها حاجز لفرع الأمن العسكري، وتنشط فيها عمليات ومحاولات الاغتيال.

كسابرة: النظام يسعى لإحكام سيطرته على درعا ومعاقبة سكانها

كما قتل القيادي السابق في "الجيش الحر" محمد هلال زطيمة، جراء قصف لقوات النظام السوري استهدف حي طريق السد في مدينة درعا، مساء يوم الجمعة الماضي. وكان زطيمة قيادياً في "لواء التوحيد"، أحد أبرز فصائل "الجيش الحر" في محافظة درعا، ولم ينضم لأي تشكيل عسكري بعد اتفاق "التسوية" مع قوات النظام عام 2018.

محاولات النظام السوري إحكام سيطرته على درعا

من جهته، قال الناشط الإعلامي حبيب كسابرة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الحملات المستمرة من جانب قوات النظام على مجمل المناطق في محافظة ردعا، "تأتي في سياق جهدها المعروف لإحكام السيطرة على المحافظة، ومعاقبة سكانها على رفضهم المستمر لعودة الوجود الأمني إلى مدنهم وبلداتهم. إذ إن أغلب مناطق حوران ما زالت غير خاضعة لهيمنة أمنية مباشرة من جانب قوات النظام التي تكتفي بنشر حواجزها في الشوارع الرئيسية والفرعية بهدف اعتقال المطلوبين وابتزاز المدنيين".

وأضاف كسابرة المنحدر من محافظة درعا، أن "النظام السوري يحاول استغلال انشغال روسيا بحرب أوكرانيا، وتراجع وجودها في محافظة درعا، لإحكام سيطرته على المحافظة بالتعاون مع إيران ومليشياتها، سواء عبر الأجهزة الأمنية والقوات العسكرية، أو من خلال نشر المخدرات بين الشباب بغية إفقادهم روح الانتماء للثورة، وإشغالهم وأهاليهم بالتعامل مع النتائج الكارثية لهذه الآفة التي بدأت بالفعل تهدد أركان المجتمع المحافظ في الجنوب السوري، أي محافظتي درعا والسويداء".

المساهمون