الجزائر 2023.. عام الامتحان الجدي لسياسات عبد المجيد تبون

02 يناير 2023
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (العربي الجديد)
+ الخط -

تتزاحم التطلعات السياسية والاقتصادية للجزائريين في العام الجديد 2023، وسط تناقضات بارزة بين التحسن النسبي في مؤشرات التنمية والأوضاع المعيشية، في مقابل تقلص كبير لهامش الحريات وانكماش واضح للنقاش السياسي في البلاد.

وستكون السنة الجديدة امتحاناً حقيقياً للرئيس عبد المجيد تبون، بشأن جدية مقارباته السياسية والاقتصادية ونجاعتها في تغيير الأوضاع وحل الأزمات المتعددة في البلاد، بعد ثلاث سنوات من ولايته الرئاسية الأولى، طغى على الجزء الأكبر منها تسيير أزمة كورونا وتداعياتها الصعبة على الصعيد الداخلي، واستكمال خطوات إعادة هندسة العلاقات والدور الإقليمي للجزائر.

سياسياً

ستشهد السنة الجديدة طرح السلطة سلسلة قوانين ذات صلة بالممارسة الحزبية والديمقراطية والحريات والصحافة، والعلاقات الوظيفية بين الهيئات والمجالس المنتخبة مركزياً ومحلياً ومؤسسات الدولة، حيث يتوقع أن تثير قوانين تنظيم العلاقة بين الحكومة والبرلمان وقانون البلدية والولاية وقانون الأحزاب وقانون تنظيم ممارسة الحق النقابات وثلاثة قوانين تخص الإعلام والصحافة المكتوية والسمعي البصري، جدلاً ونقاشات حادة في المشهد السياسي، وجملة اعتراضات بسبب المضمون والمسودات الأولية لهذه القوانين، التي تنحاز إلى السلطة وتعطي هيمنة أكبر للمؤسسات الرسمية على حساب الهيئات المنتخبة كالمجالس البلدية والولاية والبرلمان، على الرغم من أن ضعف حضور قوى المعارضة في البرلمان والساحة بشكل عام، يوفر أريحية كبيرة للسلطة لتمرير هذه القوانين بالصورة والمضمون الذي يخدم سياساتها.

وستبرز خلال العام الجديد في الجزائر، محطات تنظيمية بالنسبة لكبرى الأحزاب السياسية الوازنة، إذ أنهت جبهة العدالة والتنمية (التي يقودها عبد الله جاب الله أحد رموز العمل الإسلامي في الجزائر)، مؤتمرها العام، أمس الأحد، ويرتقب أن تعقد جبهة التحرير الوطني مؤتمرها العام في شهر مارس/آذار المقبل، كما أعلنت حركة مجتمع السلم، كبرى الأحزاب الإسلامية في الجزائر، عن عقد مؤتمرها في مايو/أيار المقبل، وحددت حركة البناء الوطني، من الحزام الحكومي، الفترة نفسها لعقد مؤتمرها العام.

لكن لا يُتوقع أن تحدث التغييرات المرتقبة في قيادات هذه الأحزاب تأثيرات محتملة على المشهد السياسي في البلاد، خاصة وأن العام الجديد لا تتخلله أية محطات انتخابية نيابية أو بلدية من جهة ولإمساك السلطة بشدة على مداخل ومخارج النشاط السياسي.

دبلوماسياً   

وسيشهد عام 2023 تسليم الجزائر، في شهر مارس/آذار المقبل، عهدتها كرئيس للقمة العربية إلى المملكة السعودية التي ستحتضن القمة المقبلة، حيث لم تدم رئاسة الجزائر للقمة سوى خمسة أشهر فقط (بفعل تأجيل القمة الأخيرة في الجزائر، من مارس/آذار إلى نوفمبر/تشرين الثاني الماضي).

ستكون 2023 سنة مهمة بالنسبة للجزائر على الصعيد الدبلوماسي، من حيث استكمال خطوات المصالحة الفلسطينية التي بدأت في الجزائر منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وحسم ملف منع إسرائيل من الحصول على صفة عضو ملاحظ في الاتحاد الأفريقي في قمة فبراير/شباط المقبل.

كما ستسعى الجزائر لتأدية دور إقليمي وفقاً لمتغيرات سياساتها في أزمات ليبيا ومالي ومرافقة تونس نحو حل الأزمة الداخلية، وتسيير الأزمة مع كل من إسبانيا والمغرب، والتي ترتبط أية انفراجات بشأنها بتغير المعطيات في الداخل الإسباني والمغربي. كما يرتقب أن يشهد العام الجديد، تحولات مهمة في علاقات الجزائر مع الفاعلين الدوليين، حيث يرتقب أن يزور الرئيس تبون في غضون هذا العام ثلاث دول مهمة، روسيا والصين وفرنسا، كما ينتظر أن تستقبل عدداً من القادة، بينهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.   

اقتصادياً  

على الصعيد الاقتصادي، يُنتظر أن يكون عام 2023 الامتحان الحقيقي لمدى جدوى السياسات الاقتصادية التي أقرها تبون وتنتهجها الحكومة بعد المصادقة على سلسلة قوانين تساعد على تنظيم القطاع الاقتصادي، وفحص مدى فاعلية قانون الاستثمار الذي تم إصداره مؤخراً، والذي رمت الدولة بكل ثقلها لأن يكون مغايراً للقوانين السابقة وأكثر تنظيما وسلاسة وشفافية لمناخ الاستثمار.

كما ستكون هذه السنة مجالاً خصباً للتطلع نحو تنفيذ تعهدات حكومية بإطلاق صناعة ميكانيكية حقيقية للسيارات في الجزائر، وإنعاش قطاع السياحة والزراعة، لتقليص تبعية الاقتصاد للمحروقات، ورفع العائدات خارج النفط إلى 15 مليار دولار، وفقاً للتصريحات الأخيرة للرئيس تبون، خاصة بعد التحرر الكامل من تبعات أزمة كورونا.

وفي السياق، ستمثل سنة 2023 رهاناً خاصاً بالنسبة لتبون لدخول منظمة بريكس، كما ستمثل حصيلتها المرتقبة سياسياً واقتصادياً وعلى الصعيد الاجتماعي ضمن مجموع حصيلته ولايته الأولى، مقدمة وأرضية سيستغلها الرئيس تبون في طرح نفسه لولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المقررة في عام 2024، خاصة في حال نجحت السياسات الاقتصادية في إطلاق مشاريع كبرى ونوعية، على غرار مشاريع تصنيع السيارات وبدء إنجاز سكة الحدود باتجاه مدن وولايات أقصى الجنوب.

المساهمون