أعلنت الجزائر أنها بصدد اتخاذ مزيد من القرارات التصعيدية تجاه المغرب، في الوقت الذي طالبت فيه بإخلاء منطقة زلمو الحدودية، إذ بدأت قوات عسكرية جزائرية وفريق من الهندسة ترتيبات استرجاع المنطقة الواقعة قرب إقليم فكيك، وقطع طريق مغربي يمر داخل التراب الجزائري.
وأكد مساعد وزير الخارجية الجزائري المكلف بمسألة الصحراء والمغرب العربي عمار بلاني، في تصريح لوكالة "رويترز"، أنه "ليس من المستبعد اللجوء لإجراءات إضافية" من دون أن يحدد طبيعة هذه الإجراءات.
وكان المجلس الأعلى للأمن القومي في الجزائر قد قرر، الأربعاء الماضي، الإغلاق الفوري للمجال الجوّي الجزائري في وجه كل الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، وكذلك التي تحمل رقم تسجيل مغربياً.
ولم يعلّق المغرب رسمياً، إلى الآن، على قرار السلطات الجزائرية إغلاق الأجواء.
وجاء هذا القرار مباشرة بعد الكشف عن اتفاق بين المغرب والاحتلال الإسرائيلي لتصنيع طائرات من دون طيار من نوع "كاميكازي"، وفي أعقاب موقف ثالث أبداه المغرب في اجتماع مجلس حقوق الإنسان بجنيف بإعلان دعمه حركة "ماك" الانفصالية ومزاعم باستقلال منطقة القبائل، وبعد شهر من إعلان الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط.
وأضاف مساعد وزير الخارجية الجزائري أن "الجزائر ستتوخّى اليقظة الشديدة، وستبدي حزماً مطلقاً لحماية ترابها الوطني". ويفسّر هذا التصريح مستوى التركيز العسكري ونشر الجزائر مزيداً من الوحدات العسكرية وقوات الدرك والحرس على الحدود الغربية والغربية الجنوبية مع المغرب، تحسباً لأية ظروف طارئة.
ودفعت الجزائر منذ أمس الخميس بقوات من الدرك وحرس الحدود برفقة فريق هندسة لإتمام ترتيبات تتعلق باستعادة منطقة تقع داخل الشريك الحدودي الجزائري تدعى "زلمو"، كانت الجزائر تغض الطرف عن سكنها واستغلالها من طرف مغربيين. كما كان المغرب قد شقّ طريقاً يربط بين منطقتي بوعرفة والراشيدية، لكنه ينحرف بكيلومترات داخل الحدود الجزائرية على مستوى نقطة زلمو.
وأبلغ حرس الحدود الجزائري سكان المنطقة بضرورة إخلائها، وقامت وحدات الهندسة بتجريف أربعة كيلومترات من الطريق المغربي الذي يمر داخل التراب الجزائري.
وهذه هي المرة الثانية التي تقوم فيها الجزائر باسترجاع منطقة تقع داخل شريطها الحدودي يعيش فيها سكان مغاربة، بعد استرجاع مزارع العجة في إقليم فكيك في مارس/آذار الماضي، حيث أقدمت قوات حرس الحدود الجزائرية حينها على إبلاغ المزارعين بالمغادرة في ظرف يومين ونقل مزروعاتهم خارجها، من دون أن تتدخل السلطات المغربية.
ولم يصدر إلى حد الساعة أي تعليق رسمي عن الجانب المغربي على هذه التطورات.
غير أن منتدى " فار ماروك"، المتخصص في نشر أخبار القوات المسلحة الملكية المغربية، نفى، استنادا إلى مصادر دبلوماسية وأمنية لم يكشف عن هويتها، حدوث أي اختراق أو مواجهة مسلحة أو احتكاك بين الجيشين المغربي والجزائري بمنطقة زلمو في بوعرفة.
وكشف المنتدى أن الأمر يتعلق بلجنة مشتركة جزائرية مغربية، حلت بالحدود الرابطة بين البلدين على مستوى طريق بوعنان منذ 20 سبتمبر/أيلول الحالي، وذلك لترسيم الحدود بين البلدين، مشيرا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تعقد فيها لقاءات بهذا الشكل.
وكانت الجزائر قد أعلنت، في 24 أغسطس/ آب الماضي، عن قرار قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب.
ووصفت وزارة الخارجية المغربية في حينه قرار السلطات الجزائرية قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط بـ"الأحادي الجانب" و"غير المبرَّر تماماً"، معبِّرة عن "رفض المملكة القاطع المبررات الزائفة، بل العبثية التي انبنى عليها" القرار.
وقالت الخارجية المغربية، في بيان أصدرته بعد إعلان الجزائر قطع العلاقات، إن "المملكة المغربية أحيطت علماً بالقرار الأحادي الذي اتخذته السلطات الجزائرية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب"، مبدية أسفها على "هذا القرار غير المبرر تماماً والمتوقع في ضوء منطق التصعيد الذي لوحظ في الأسابيع الأخيرة، وكذلك تأثيره في الشعب الجزائري".
وأعلنت الوزارة أنّ المغرب "يرفض رفضاً قاطعاً المبررات الزائفة، بل العبثية التي انبنى عليها" القرار، مشددة على أنّ المملكة ستظل "من جهتها شريكاً صادقاً ومخلصاً للشعب الجزائري، وستواصل العمل بحكمة ومسؤولية من أجل تنمية علاقات مغاربية صحية ومثمرة".