بدأت، اليوم السبت، عمليات التصويت في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة الجزائري، يتنافس فيها 22 حزباً سياسياً إضافة إلى عدد من المستقلين، لانتخاب 68 عضواً جديداً في المجلس الذي يمثل الغرفة العليا للبرلمان.
وتجرى منذ الصباح عمليات التصويت بنظام الاقتراع السري في مقار المجالس الشعبية الولائية الـ58 عبر البلاد، تحت إشراف السلطة العليا للانتخابات، إذ يصوّت في هذه الانتخابات فقط أعضاء المجالس البلدية والولائية، البالغ مجموعهم 27 ألف عضو، لاختيار 48 عضواً بمعدل عضو واحد في الولايات القديمة، و20 عضواً بمعدل عضوين عن كل ولاية من الولايات العشر الجديدة التي اُستحدثت في ديسمبر/كانون الأول 2020.
وترشح لهذه الانتخابات 475 مرشحاً من أعضاء المجالس البلدية والولائية، يمثلون 22 حزباً سياسياً ومستقلين، وأقصت سلطة الانتخابات الجزائرية 43 من أعضاء المجالس الشعبية البلدية والولائية تحت طائلة شبهة المال الفاسد، بحسب رئيس السلطة المستقلة للانتخابات محمد شرفي، بعد "عملية رصد المترشحين ذوي الصلة بالمال الفاسد، والتحري القانوني والاجتماعي حول سمعة المترشحين".
تحالفات الأحزاب
وتفرض الطبيعة المغلقة لهذه الانتخابات، من حيث اقتصار المرشحين والناخبين على أعضاء المجالس المحلية والولائية، على الأحزاب السياسية عقد تحالفات لتبادل تصويت منتخبيها في الولايات، وتتجاوز بعض هذه التحالفات العوائق الأيديولوجية بين الأحزاب، على غرار التحالف بين "جبهة التحرير الوطني" الموالي للسلطة، و"جبهة القوى الاشتراكية" من المعارضة الراديكالية، وهو التحالف الذي وصفه رئيس حزب "صوت الشعب" لمين عصماني، في مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي، بأنّه "تحالفات غير طبيعية بين الأحزاب متناقضة الأيديولوجيا".
ووضعت سلطة الانتخابات تدابير لضمان الشفافية وحسن سير عملية الاقتراع وسرية التصويت، إذ تقرر منع الأعضاء المصوّتين من إدخال أي جهاز تصوير أو هاتف نقال عند الدخول إلى مكتب التصويت، منعاً لتوثيق عمليات التصويت لصالح مرشح ما، وهو ما كان يستخدم في السابق أداةً لإثبات التصويت لصالح مرشح معين.
كما يأتي من ضمن التدابير إثبات حمل الناخب ظرفاً واحداً توجد فيه ورقة التصويت، حتى يأذن له رئيس مكتب التصويت بوضعه في الصندوق، منعاً لإخراج أية نماذج من أوراق التصويت واستخدامها في إثبات التصويت لصالح طرف والحصول على مقابل، كما تم تقييد منح وكالات التصويت وحصرها في حالات المرض القصوى مع إثبات ما يدل على ذلك.
ويسعى حزبا "جبهة التحرير الوطني" و"التجمّع الوطني الديمقراطي" للفوز بأكبر عدد من المقاعد، بالنظر إلى حيازتهما على أكبر عدد من المنتخبين في البلديات والولايات، فيما تسعى "جبهة القوى الاشتراكية" للحفاظ على مقاعدها التي تمثل ولايات بجاية وتيزي وزو (منطقة القبائل) في مجلس الأمة، بينما تسعى "حركة مجتمع السلم"، أكبر الأحزاب الإسلامية، للحصول على تمثيل في هذا المجلس.
وبعد إعلان نتائج انتخابات السبت، خلال الآجال الدستورية في غضون الأسبوع المقبل، سيقوم رئيس الجمهورية بتجديد نصف أعضاء الثلث الرئاسي، وتعيين 29 عضواً في مجلس الأمة من بين الكفاءات والشخصيات الوطنية (الثلث الرئاسي يضمّ 58 عضواً).
ويضم مجلس الأمة 174 عضواً، بينهم 116 عضواً بمعدل عضوين عن كل ولاية يتم انتخابهم، فيما يقوم رئيس الجمهورية بتعيين 58 عضواً آخرين لنفس المدة النيابية، ضمن ما يعرف بالثلث الرئاسي، من الكفاءات والشخصيات الوطنية، ويتم في كل ثلاث سنوات استبدال نصف الأعضاء الذين يكونون قد أنهوا عهدة ست سنوات، حيث يتم تغيير 58 عضواً يمثلون الولايات ونصف الأعضاء من الثلث الرئاسي.
واستثناء، سيخضع الأعضاء العشرون الذين يمثلون الولايات العشر الجديدة، وسيتم انتخابهم اليوم السبت في انتخابات التجديد النصفي التي ستجرى بعد ثلاث سنوات، لعملية القرعة، لتمكين عشرة منهم فقط بمواصلة العهدة النيابية إلى مدتها المحددة بست سنوات، إذ سيتم تعويض العشرة الآخرين بمنتخبين جدد، على غرار باقي الولايات.
واستحدث مجلس الأمة كغرفة عليا للبرلمان للمرة الأولى في الجزائر في دستور عام 1996، كهيئة برلمانية يمكنها إسقاط وإعادة قراءة القوانين التي يقترحها أو يصادق عليها البرلمان المنتخب (المجلس الشعبي الوطني)، بعد تجربة انتخابات 1991 التي سيطر عليها الإسلاميون قبل إلغائها.