أغلقت الحملة الانتخابية للانتخابات البلدية الجزائرية المقررة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أسبوعها الأول، على وقع إقبال خجول من قبل المواطنين على التجمعات الانتخابية والشعبية، بسبب الظروف الاجتماعية الصعبة التي تجري في ظلها الحملة الدعائية والانتخابات، إذ لم يتغير تعاطي الجزائريين مع المرشحين بشكل كبير مقارنة مع الاستحقاقات النيابية الماضية.
وخيّمت الأزمة الجزائرية المغربية، بعد حادث قصف شاحنات البضائع الجزائرية في الصحراء، على خطابات قادة الأحزاب خلال تنقلاتهم إلى الولايات، وتنشيط التجمعات الشعبية لدعم وإسناد قوائم مرشحيهم، بخلاف الحديث عن البرامج السياسية والمقترحات العملية لتحقيق التنمية في البلديات والولايات، إذ يجد قادة الأحزاب الجزائرية الموالية للسلطة، خاصة في هذا الظرف السياسي، فرصةً لتجديد مواقف مؤيدة للسلطة وخياراتها الداخلية والخارجية.
وعلى الرغم من طبيعة الانتخابات المحلية، البلدية والولائية، التي تخصّ شؤون العمق الشعبي والمجتمعي، وقضايا التنمية المحلية والبنى التحتية في البلديات، فإن الخطاب السياسي للأحزاب السياسية وقياداتها ما زال استعراضياً ويخوض في قضايا تبدو بعيدة نوعاً ما عن اهتمامات المواطن الجزائري الذي يلاحق صعوبات معيشية ومشكلات تعقد حياته اليومية، وهو ما يفسر نسبياً مستوى الإقبال الشعبي الخجول على التجمعات الانتخابية التي يقوم بها المرشحون، ما دفع بعضهم إلى الاعتماد على أساليب دعائية بديلة، بما فيها اللقاءات الحوارية المباشرة مع الناخبين، لإقناعهم بالبرامج المقترحة.
وتشهد الحملة الانتخابية تراجعا واضحا لقضايا الهوية واللغة والدين، وهي الملفات التي كانت تطرح نفسها في الغالب في الخطاب السياسي خلال الاستحقاقات الانتخابية الماضية، كما غُيّبت قضايا الحريات والتغيير السياسي والمطالب الديمقراطية، كحرية التعبير وحرية الصحافة واستقلالية القضاء ومحاربة التزوير الانتخابي وغيرها، عن مجمل الخطابات الانتخابية لقادة الأحزاب ومنشطي الحملة الدعائية في هذه الانتخابات المحلية، التي تُجرى للمرة الأولى تحت إشراف سلطة مستقلة للانتخابات، حيث كانت وزارة الداخلية هي التي أشرفت على انتخابات البلديات عام 2017.
وحافظ المشهد السياسي والانتخابي هذه المرة أيضاً على تركيبة الأحزاب السياسية النشطة نفسها التي تتحرك في الساحة، وهي جبهة "التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي" وحركة "مجتمع السلم" وحركة "البناء الوطني" و"جبهة المستقبل" وحزب "صوت الشعب"، وهي الأحزاب الستة التي فازت بأكبر الكتل النيابية في الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر يونيو/حزيران الماضي. وكرّست الحملة الدعائية غياباً لافتاً لعدد من الأحزاب التقليدية التي عادت إلى المشهد الانتخابي من دون أن تبرز في الحملة الانتخابية، على غرار جبهة "العدالة والتنمية" و"جبهة القوى الاشتراكية"، والأخيرة من أقدم أحزاب المعارضة في البلاد.
لكن اللافت أن عدداً من قادة الأحزاب السياسية التي قدمت عدداً أقل من قوائم المرشحين، والتي كان لها حضور صاخب خلال فترة الحراك الشعبي، لم تنجز تحركات انتخابية كافية، إذ يغيب رئيس حزب "العدالة والتنمية" عبد الله جاب الله عن المشهد الانتخابي، إضافة إلى رئيس حزب "الفجر الجديد" الطاهر بن بعيبش، ورئيس حزب "جيل جديد" سفيان جيلالي، ورئيس حزب "جبهة الجزائر الجديدة" جمال بن عبد السلام وغيرهم.
وستنتهي الحملة الانتخابية في 24 من الشهر الجاري، ثلاثة أيام قبل موعد الاقتراع العام، حيث يسود الصمت الانتخابي في تلك الفترة الفاصلة، ويبدأ قبل موعد الاقتراع انتخاب السكان البدو الرحل في المكاتب الانتخابية المتنقلة التي تصل إليهم في سبع ولايات في جنوبي وغربي الجزائر، حيث يوجد البدو الرحل في مناطق بعيدة عن التجمعات السكانية.