وافق القضاء الجزائري، اليوم الأربعاء، على إعادة المحاكمة العسكرية لرئيسي المخابرات السابقين وشقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في ما يعرف بقضية "الاجتماع الشهير في مارس/آذار 2019 والتآمر على السلطة والجيش".
وأصدرت المحكمة العليا، وهي أعلى هيئة تقاضٍ في الجزائر، قراراً بقبول طعن قدمته هيئة دفاع المتهمين في الأحكام التي كانت أصدرتها المحكمة العسكرية في حق قائدي جهاز المخابرات السابقين، الجنرال محمد مدين المدعو توفيق، وعثمان بشير طرطاق، والسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إضافة إلى رئيسة حزب "العمال"، لويزة حنون.
وكانت المحكمة العسكرية في منطقة البليدة قرب العاصمة الجزائرية، قد دانت، في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، قائدي جهاز المخابرات السابقين وشقيق بوتفليقة بالسجن 15 عاماً بتهم ارتكاب جناية المساس بسلطة الجيش والمؤامرة ضد سلطة الدولة، كما دانت في القضية ذاتها وزير الدفاع السابق، خالد نزار ونجله لطفي، وفريد بن حمدين بـ20 عاماً سجنا نافذة غيابياَ مع أوامر بالقبض عليهم، بعد فرارهم إلى الخارج. كما دانت زعيمة حزب "العمال" لويزة حنون بتهم عدم التبليغ عن جناية بثلاث سنوات سجناً منها تسعة أشهر حبس نافذة، كانت قد استفدتها عندما صدر الحكم، حيث تم إخلاء سبيلها، فيما برئت من تهمة التآمر.
وتعود أحداث القضية والتهم الموجهة إلى القادة السابقين في جهاز المخابرات، إلى سلسلة اجتماعات سرية عقدت عشية استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أقر بها الفريق محمد مدين، بينها الاجتماع الأبرز في 30 مارس/آذار الماضي، والذي كشف عن تفاصيله الرئيس السابق ليامين زروال في بيان كان قد نشره في الثاني من إبريل/نيسان 2019، أقر فيه باجتماعه في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية بمديري المخابرات السابقين، مدين وطرطاق الذين نقلا إليه مقترح السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس حينها، بإنشاء هيئة رئاسية تتولى تسيير المرحلة الانتقالية، بدعم من وزير الدفاع السابق خالد نزار (الفار في الخارج)، لكن زروال الذي حكم البلاد بين 1994 و1999 رفض المقترح، وكشف ذلك للرأي العام واعتبر الجيش حينها أن هذه الاجتماعات السرية، مشبوهة وأنها كانت تستهدف التآمر على سلطة الجيش والدولة، خاصة أنها كانت تتوجه نحو اتخاذ قرارات حساسة تخص إقالة قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح وإعلان حالة الطوارئ، تمهيداً للإعلان عن الهيئة الرئاسية المفترضة، ما دفع قايد صالح إلى اعتقال المتهمين وإحالتهم إلى القضاء العسكري.
وعلى أساس القرار الذي أصدرته المحكمة العليا، اليوم الأربعاء، سنتم إحالة القضية مجدداً على المحكمة العسكرية لإعادة المحاكمة من جديد، مع تغيير هيئة المحكمة.
ويتوقع مراقبون أن تختلف ظروف المحاكمة ومخرجاتها هذه المرة تماماً عن المحاكمة السابقة، وقد تصل إلى أحكام مخففة، في ظل تغير المعطيات السياسية في البلاد، ووجود قيادة جديدة للجيش، على رأسها الفريق سعيد شنقريحة، بعد رحيل قايد صالح الذي توفي في ديسمبر/كانون الأول 2019، خاصة بعد بروز مؤشرات عن تصالح لافت للقيادة العسكرية الجديدة مع العسكريين الذين كانوا على خصومة سياسية مع قائد الجيش الراحل، على غرار تبرئة الجنرال حسين بن حديد، أخيراً، واستقباله من قبل شنقريحة.