قال الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، محمد التليلي المنصري، إنه من السابق لأوانه الحديث عن إمكانية تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في خريف 2024، فيما أكد الرئيس التونسي، قيس سعيّد، "تمسّك تونس بسيادتها ورفضها للتدخل في شؤونها الداخلية".
وأوضح التليلي المنصري، في تصريح لـ"العربي الجديد" اليوم الجمعة، أن الانتخابات الرئاسية "دورية، وأعلن عنها رئيس الجمهورية، تاريخها محدد مسبقاً"، مشيراً إلى أن "موضوع التأجيل لم يطرح، وعندما يحين الموعد ستدرسه الهيئة ضمن مجلسها، لأن العمل حالياً هو على الانتخابات المحلية".
وكشف التليلي المنصري عن أن "الهيئة تعمل حالياً على التحضير لانتخابات المجالس المحلية، المزمع إجراؤها في شهر أكتوبر/ تشرين الأول"، مضيفاً "الهيئة تعوّدت تاريخياً على إجراء الانتخابات في شهر أكتوبر، حيث يتميز هذا الشهر باستقرار اجتماعي، وهو معتدل من حيث الطقس، وبالتالي يؤمل أن يساهم اختيار الموعد في رفع نسب المشاركة".
وأكد أن "هذه الانتخابات غير مسبوقة في تونس، وستجرى لأول مرة بـ2155 دائرة انتخابية، وهو رقم ضخم، لأنه مقارنة بالانتخابات البلدية فقد جرت على 350 دائرة كأقصى حد، ولذلك فهي مهمة، لأنها انتخابات مباشرة من عموم المواطنين لمن يمثلهم، وهي تمهيد لانتخابات مجالس الجهات والأقاليم، حيث إنه لا يمكن الوصول إليها إلا عبر المرور بانتخابات محلية".
وأضاف أن "المرسوم عدد 10 نص على تقسيم إداري جديد يهم العمادات البالغ عددها 2085، وهو عدد كبير" (العِمَادَة أصغر قسم إداري بالجمهورية التونسية، والعمادة ترجع بالنظر إلى المعتمدية، التي هي بدورها ترجع بالنظر إلى المحافظة).
كذلك، أوضح أن هذا يفترض عملاً وتحضيراً لوجستياً، مشيراً إلى أنه "لا يوجد في تونس تقسيم ترابي واضح للعمادات، وهناك مشروع وطني للتحديد الجغرافي للعمادات بكل دقة، ما يعني الحصول على خارطة رسمية ستنشر في الجريدة الرسمية، أي أنه سيصبح هناك تقسيم إداري للعمادات تماماً مثل المعتمديات والمحافظات".
وأضاف المتحدث ذاته أن "الهيئة حالياً بصدد إجراء زيارات ميدانية بالشراكة مع وزارة الداخلية وعدة إدارات معنية، كالمعهد الوطني للإحصاء، وعدة مؤسسات"، مضيفاً أنه "في حال وجود نزاع بين عمادة وأخرى سيتم التباحث بينهما حول إيجاد حل ورفع الإشكال، وقد تم تحديد سقف زمني للمصادقة على هذا المشروع، وذلك يوم 23 يونيو/ حزيران الجاري".
وأكد التليلي المنصري أن "الانتخابات المحلية مهمة للمرحلة القادمة، حيث سيتم تحيين السجل الانتخابي، وربط الناخب بالعمادة، وبمكتب الاقتراع، مما سيسهل عمل الهيئة كثيراً". وقال إن "صدور الأمر الرئاسي لدعوة الناخبين للتصويت ضروري، وسيمنح الهيئة مهلة 3 أشهر لإجراء الانتخابات، وبالتالي يؤمل أن تكون الهيئة جاهزة"، مضيفاً أن الهيئة تعمل على أن يكون الموعد في شهر أكتوبر القادم.
وأضاف أنه "لابد من وجود تزامن بين انتخابات الغرفة الثانية (مجلس الجهات والأقاليم) والغرفة الأولى، أي البرلمان، حيث يجب ألا يكون هناك فارق زمني كبير بينهما، فقد انطلق مجلس نواب الشعب في شهر مارس/ آذار، وإطالة الموعد قد تعطل النظر في قوانين اقتصادية ومخططات التنمية التي تتطلب المصادقة الثنائية بين الغرفتين".
وحول سد الشغور بالبرلمان، رد التليلي المنصري بأنه "عقد لقاء جمع الهيئة ورئيس البرلمان (إبراهيم بودربالة) ولا يمكن النظر في سد الشغور إلا بعد معاينة الشغور من قبل مجلس النواب خلال جلسة عامة، ثم يراسل الهيئة في معاينة وسد الشغور عبر انتخابات جزئية"، مضيفاً "القانون واضح، وحدد 3 أشهر من فترة معاينة الشغور، والهيئة جاهزة تنتظر فقط المعاينة".
وبين أن "من بين الإشكاليات وجود شرط حصول كل مترشح على 400 تزكية، لكن المسألة بيد مجلس نواب الشعب، فإما الإبقاء على نفس الشروط أو تغييرها، وسيكون للهيئة والخبراء رأي".
جورجيا ميلوني إلى تونس الأسبوع المقبل
في الأثناء، قال قيس سعيّد، خلال لقائه وزير الخارجية نبيل عمار، إن تونس تتمسك "بسيادتها وعلى ثوابت سياستها الخارجية، ومن أهمّها رفضها للتدخل في شؤونها الداخلية"، مضيفاً "كما نرفض أن نتدخل في شؤون غيرنا، نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا، لأن شأننا نابع من إرادة شعبنا".
وبحسب بيان للرئاسة التونسية، فقد "جدّد سعيد التأكيد على أن لتونس تاريخاً أثرى بكثير من عديد الدول الأخرى في مجال الحقوق والحريات"، مذكراً بأن "الشعب التونسي الذي انتفض وثار من أجل الحرية والكرامة الوطنية لن يقبل أبداً بالعودة إلى الوراء، وأن تونس قادرة على أن تعطي دروساً، لا أن تتلقى دروساً من أي جهة كانت".
من جهة أخرى، كشفت الرئاسة التونسية أن رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، ستزور تونس الأسبوع القادم، مشيرة إلى أن ذلك جاء خلال مكالمة هاتفية مع سعيّد.
وتطرّقت المكالمة، وفق المصدر ذاته، إلى "العلاقات المتميزة بين تونس وإيطاليا وإلى العلاقات الإستراتيجية بين تونس والاتحاد الأوروبي. كما تناولت المكالمة المبادرة التي كان تقدّم بها سعيّد لعقد مؤتمر رفيع المستوى بين كل الدول المعنية، وهي دول شمال أفريقيا ودول الساحل والصحراء ودول شمال البحر الأبيض المتوسّط، لمعالجة أسباب الهجرة غير النظامية ووضع حدّ لهذه الأوضاع غير الإنسانية".
وخلال لقائه بوزير الداخلية، كمال الفقي، والمدير العام للأمن الوطني، مراد سعيدان، وآمر الحرس الوطني الجديد، حسين الغربي، أكد سعيّد، بحسب بيان للرئاسة التونسية، على "ضرورة مواجهة كل التحديات للمحافظة على الوطن وعلى الدولة". كما شدّد على ضرورة "الحفاظ على السلم الأهلي والتصدي لكل من يحاول المساس سواء بالاحتكار أو المضاربة غير المشروعة أو بافتعال الأزمة تلو الأزمة"، مذكّراً بأنه "لا مجال للمسّ بقوت المواطنين".
وتناول الاجتماع، أيضاً "مضاعفة الجهود للقضاء على آفة المخدرات"، وموضوع الهجرة غير الشرعية.