التظاهرات وأوهايو تدفعان إلى ترشيح بايدن للرئاسة افتراضياً

06 يونيو 2024
تظاهرة دعماً لغزة أمام البيت الأبيض، مايو الحالي(أليسون بايلي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- اللجنة الوطنية الديمقراطية تعدل القواعد لترشيح بايدن وهاريس افتراضياً بسبب تحديات قانونية وسياسية، خاصة في أوهايو حيث هددت بعدم إدراج بايدن في بطاقات الاقتراع.
- الحزب الديمقراطي يواجه ضغوطاً شعبية مع توقع احتجاجات كبيرة في شيكاغو ضد العدوان الإسرائيلي على غزة، مع استعدادات أمنية لمواجهة الحشود.
- التحديات الحالية تذكر بأحداث 1968، مما يضع الحزب أمام ضرورة التعامل بحكمة لضمان استقراره ونجاحه في الانتخابات المقبلة.

يحاول الحزب الديمقراطي تجاوز تحديات يواجهها قبيل انعقاد مؤتمره العام في 19 أغسطس/آب المقبل في شيكاغو، والذي يمتد أربعة أيام، لاختيار مرشحيه لمنصبي الرئاسة الأميركية ونيابة الرئاسة، في الانتخابات الأميركية المقبلة، وعلى رأسها التخوفات من استبعاد الرئيس الأميركي جو بايدن من بطاقات الاقتراع في ولاية أوهايو، التي صوّتت في 2016 و2020، للرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب، إلى جانب الاحتجاج الذي يستعد له ناشطون بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الحزب الديمقراطي في مدينة شيكاغو، تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وكل ذلك دفع الحزب إلى ترشيح بايدن للرئاسة افتراضياً من دون الحاجة لاختياره مرشحاً خلال المؤتمر.

ودفعت تخوفات الديمقراطيين من استبعاد بايدن من بطاقات الاقتراع في أوهايو، إلى إعلان اللجنة الوطنية الديمقراطية (الهيئة الرسمية الحاكمة للحزب الديمقراطي)، في 28 مايو/أيار الماضي، تعديل القواعد من أجل ترشيح بايدن للرئاسة افتراضياً كرئيس، ونائبته كمالا هاريس كنائبة للرئيس، افتراضياً. يأتي ذلك على خلفية تحديد ولاية أوهايو الموعد النهائي للتصديق على أسماء المرشحين في 7 أغسطس المقبل، فيما يبدأ المؤتمر الديمقراطي في 19 أغسطس. وشهدت هذه الأزمة مساومات وخلافات أخيراً بين الديمقراطيين والجمهوريين في أوهايو، ما دفع اللجنة الديمقراطية الوطنية إلى اتخاذ قرارها بترشح الرئيس مبكراً افتراضياً، ما يعني أن بايدن سيذهب إلى المؤتمر الوطني الديمقراطي مرشحاً رسمياً، وليس على ما جرت عليه العادة بأن يتم اختياره في اجتماعات المؤتمر.

ترشيح بايدن للرئاسة افتراضياً

ورغم تصديق حاكم ولاية أوهايو، الجمهوري مايك ديواين، الاثنين الماضي، على قرار تمديد مهلة تسجيل المرشحين في الولاية إلى 31 أغسطس، لضمان وجود بايدن في بطاقات الاقتراع للانتخابات المقررة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فإن الديمقراطيين قرروا المضيّ في ترشيح بايدن للرئاسة افتراضياً مع استمرار انعقاد المؤتمر الديمقراطي في موعده، خصوصاً في ظل تهديدات الجمهوريين أكثر من مرة سابقاً بعدم إدراج الرئيس في بطاقات الاقتراع، من خلال ما يصفه الديمقراطيون عادة بالحيل التي ينتهجها الجمهوريون في الولايات المتأرجحة أو التي تصوّت للحزب الجمهوري.

وفي ظل ترشيح بايدن للرئاسة افتراضياً فإن الأخير لم يواجه هذه المشكلة في الانتخابات الماضية التي فاز فيها على ترامب في 2020، فيما عقد الحزب الديمقراطي مؤتمره افتراضياً بسبب جائحة كوفيد-19، فإن ولاية أوهايو شهدت ضغطاً شعبياً لوقف تمديد التصويت المبكر في الولاية حين كان الرئيس الأسبق باراك أوباما مرشحاً للرئاسة في 2012، مقابل غضب نشطاء سود وسياسيين وجماعات حقوقية انعكست في ضغط مضاد على خلفية ما اعتُبر حينها قمعاً للناخبين، تبعته سلسلة من الشكاوى، ما دفع الجمهوريين في خلال فترة حكم أوباما إلى تعديل القواعد والسماح بتمديد المهل.

ويتيح قانون الولايات في أميركا تنظيم وتحديد قواعد ومواعيد الانتخابات التمهيدية والموعد النهائي لاختيار المرشحين للانتخابات الرئاسية. وتشهد الانتخابات في بعض الأحيان وجود مرشحين مستقلين أو تابعين لأحزاب بخلاف الحزبين الكبيرين (الديمقراطي والجمهوري)، في بطاقات الاقتراع، في عدد من الولايات دون الأخرى. في موازاة ذلك، يتزامن المؤتمر الديمقراطي الوطني، مع نية الآلاف التوجه للتظاهر في شيكاغو، بالإضافة إلى استمرار الاحتجاجات الواسعة حالياً في أنحاء مختلفة في الولايات المتحدة، بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي أسفر عن أكثر من 35 ألفاً من الضحايا.

ويقارن سياسيون ومراقبون بين الاحتجاجات التي شهدها انعقاد المؤتمر في شيكاغو عام 1968، والتي انتهت باعتداءات الشرطة على متظاهرين ضد الحرب في فيتنام حينها، بُثّت مباشرة على الهواء وتسببت- مع الفوضى التي شابت اختيار المرشح الديمقراطي للرئاسة- في خسارة الديمقراطي هيوبرت همفري الانتخابات وفوز الجمهوري ريتشارد نيكسون، وبين الأوضاع الحالية، في ظل انتفاضة الجامعات الأميركية واستمرار الحراك ضد الإدارة الأميركية في البلاد، خصوصاً أن إسرائيل تستخدم أسلحة أميركية لقتل مدنيين فلسطينيين.

يستعد نحو 40 ألف شخص للتظاهر بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الحزب الديمقراطي في مدينة شيكاغو

من جهتها، أعلنت شرطة شيكاغو، أول من أمس الثلاثاء، في ما يبدو أنه خشية من تكرار الفوضى التي شهدتها منذ أكثر من 55 عاماً، استعدادها التام للتعامل مع حشود المتظاهرين المتوقعة، بما في ذلك تعديل سياسة الاعتقالات الجماعية في المدينة، وأنه سيكون هناك اعتقال جماعي لأي حالات انتهاك للقانون مثل إغلاق الطرق والأماكن، حتى لو لم تكن هناك أعمال عنف. وقال مشرف الشرطة في المدينة، لاري سنيلينغ، في مؤتمر صحافي: "لا تخطئوا، نحن مستعدون"، معتبراً أن "الاعتقال الجماعي هو الملاذ الأخير"، مضيفاً: "احتمالاً للتخريب. هناك احتمال لوقوع أعمال عنف، ونحن مستعدون للتعامل معها". ومن المتوقع أن يجذب المؤتمر الديمقراطي نحو 50 ألفاً من الزوار.

في المقابل، يخطط ائتلاف ما يقرب من 50 منظمة مؤيدة لفلسطين (نحو 40 ألف شخص)، والتي رُفضت تصاريح تسمح لها بالتظاهر في ساحة يونايتد سنتر في شيكاغو، للتظاهر وتقديم مطالبهم للمؤتمر الوطني الديمقراطي، متعهدة بأنها ستكون في المدينة رغم ذلك، ورفعت دعاوى قضائية.

تحديات أخرى

في غضون ذلك، فإن الرئيس الأميركي يواجه تحديات أخرى، إذ يكشف استطلاع رأي حديث لمؤسسة راسموسن ريبورتس الأميركية، أن غالبية الناخبين الديمقراطيين سيوافقون على وجود مرشح ديمقراطي آخر ليحل بدلاً من بايدن. وتقول نتيجة الاستطلاع إنه في الفترة من 20 إلى 22 مايو الماضي، أيّد 54% من أنصار الحزب الديمقراطي استبدال بايدن بآخر. كما تظهر استطلاعات رأي متكررة استمرار تراجع أرقامه مقارنة بأرقام ترامب.

كذلك، شهدت الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي العام الحالي، حالات جدل أخرى، على رأسها إصرار الحزب في ولاية نيوهامشير- طبقاً لتقليد قديم- على إجراء الانتخابات مبكراً تنفيذاً لقانون الولاية الذي ينص على أن تكون الولاية الأولى في الانتخابات التمهيدية. وعقدت انتخاباتها في يناير/كانون الثاني الماضي، متجاوزة قرار اللجنة الديمقراطية التي أوصت بالبدء بولاية كارولاينا الجنوبية، في فبراير/شباط الماضي.

كينيث كاتزمان: يمكن للحزب الديمقراطي تغيير قواعد الاختيار حسبما يتراءى له

وفي السياق، يقول الخبير في مركز الخدمات البحثية للكونغرس،  كينيث كاتزمان، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن لكل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي قواعد مختلفة، و"يمكن للحزب الديمقراطي تغيير قواعد الاختيار حسبما يتراءى له، بما يسمح له باختيار مرشحه بشكل مبكر" وإن عبر ترشيح بايدن للرئاسة افتراضياً. ويضيف أنه يطلب البعض "بعدم ترشيح بايدن خصوصاً بسبب كبر سنه (81 عاماً)، وأن هناك ضغوطاً على عدد من المندوبين (مندوبو الحزب الذين يختارون مرشحه للانتخابات التمهيدية، ورئيس الجمهورية من بين مرشحي الأحزاب المختلفة)، ولكن من المستبعد حدوث أي تغيير". ويستبعد كاتزمان في الوقت ذاته أن تؤثر إدانة الرئيس الحالي على فرص ترشحه في الانتخابات المقبلة، إذ يواجه بايدن محاولات من الجمهوريين لعزله، على خلفية اتهامات باستفادته من معاملات تجارية لنجله هانتر الذي يخضع حالياً للمحاكمة.