التحالف المصري الصومالي الإريتري: عين على إثيوبيا والقرن الأفريقي

13 أكتوبر 2024
السيسي وحسن شيخ محمود في القاهرة، يونيو 2022 (الأناضول)
+ الخط -

عُقدت قمّة ثلاثية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيريه الإريتري أسياس أفورقي، والصومالي حسن شيخ محمود، في العاصمة الإريترية أسمرا، يوم الخميس الماضي، في إطار ما اعتبره مراقبون "تعاوناً استراتيجياً" يهدف إلى مواجهة التحديات الإقليمية والدولية المتصاعدة، لا سيما في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، حيث جاءت هذه القمّة في وقت حسّاس، يشهد فيه الإقليم تنافساً شديداً على النفوذ، خصوصاً مع محاولات إثيوبيا التوسع عبر خططها لإنشاء ميناء في إقليم أرض الصومال، ما يعكس رغبتها في تعزيز مكانتها الإقليمية.

بيان القمة

وفي بيان مشترك بعد انعقاد القمة، أكد رؤساء الدول الثلاث على "ضرورة الالتزام بالمبادئ والركائز الأساسية للقانون الدولي، باعتبارها الأساس الذي لا غنى عنه للاستقرار والتعاون الإقليميين، خصوصاً الاحترام المطلق لسيادة واستقلال ووحدة أراضي بلدان المنطقة، والتصدي للتدخلات في الشؤون الداخلية لدول المنطقة تحت أي ذريعة أو مبرّر، وتنسيق الجهود المشتركة لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وخلق مناخ مواتٍ للتنمية المشتركة والمستدامة". كما أشار البيان إلى "تطوير وتعميق التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث من أجل تعزيز إمكانات مؤسسات الدولة الصومالية لمواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية، وتمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بكافة صوره وحماية حدوده البرية والبحرية وصيانة وحدة أراضيه".

عصام عبد الشافي: يمكن أيضاً لمصر أن تفكر في التنسيق المشترك مع تركيا

وذكر البيان أن القمة "تناولت بعمق أكبر وتوصلت إلى توافق في الآراء بشأن: الأزمة في السودان وتداعياتها الإقليمية، والوضع في الصومال، على ضوء التطورات الإقليمية الأخيرة، وقضايا الأمن والتعاون بين الدول الساحلية للبحر الأحمر ومضيق باب المندب، في سياق أهميته القصوى كممر بحري حيوي، وآليات التنسيق الدبلوماسي والجهود المشتركة بين الدول الثلاث، والترحيب بالجهود التي تقوم بها كل من دولة إريتريا ومصر في دعم الاستقرار في الصومال وتعزيز قدرات الحكومة الفيدرالية، والإشادة بعرض مصر المساهمة بقوات في إطار جهود حفظ السلام في الصومال".

ورأى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية المصري، عصام عبد الشافي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الاتفاق الثلاثي الذي تم، يبقى هشّاً إذا لم يتم وضعه موضع التطبيق، بتنفيذ خطوات عملية من خلال تعزيز عملي للعلاقات الأمنية والعسكرية والاقتصادية بين هذه الدول الثلاث"، مؤكداً أن "الصومال دولة في غاية الأهمية والعمق الاستراتيجي للدولة المصرية، وكذلك إريتريا، لأن هاتين الدولتين تشرفان على مضيق باب المندب، أحد أهم المحاور الاستراتيجية لقناة السويس في مصر، وبالتالي توسيع وتعزيز النفوذ، مهم لبناء وتعزيز الأمن القومي للدولة المصرية". وأضاف أنه "يمكن أيضاً لمصر أن تفكر في التنسيق المشترك مع تركيا في هذا المجال، باعتبار أن تركيا لها علاقات قوية في الصومال".

وتابع عبد الشافي: "لكن من حيث موازين القوى، الأمر هنا لا يرتبط بما تمتلكه هذه الدول الثلاث في مواجهة إثيوبيا، لأن هناك متغيرا في العلاقات الإقليمية والدولية لهذه الأطراف، والتنافس الدولي والإقليمي في منطقة القرن الأفريقي، وكذلك أيضاً إثيوبيا، والتي تعاني الهشاشة والحروب الأهلية والصراعات الحدودية مع كل دول الجوار تقريباً، كما أنها تحتل جزءاً من الأراضي الصومالية، ولذلك أزماتها الداخلية والإقليمية كبيرة".

لكن العامل الأهم، برأي عبد الشافي، "هو كيف تفكر هذه الدول؟ هل تفكر بالفعل في إطار هذه الشراكة الثلاثية من منظور الأمن القومي للدولة، أم من منظور أداء دور وظيفي لصالح بعض الأطراف الإقليمية والدولية مثل الولايات المتحدة وغيرها من دول الإقليم". ولفت إلى أن "كل هذه الأمور تشكل عوامل مهمة في قيمة وجدوى مثل هذا التحالف في هذا التوقيت، خصوصاً في ظل تمدد الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وطبيعة الدور الذي يمكن أن تقوم به مصر، وخصوصاً أن هناك دوائر، من منظور التفكير الاستراتيجي، تشكل أولوية، مثل ما يحدث في غزة، وكيفية استجابة مصر لما يحدث هناك، وكذلك ما حدث في ملف سد النهضة".

حرب الموانئ مع إثيوبيا

من جهتها، قالت الخبيرة المصرية في الشؤون الأفريقية، نجلاء مرعي، لـ"العربي الجديد"، إن "القمة الثلاثية جاءت من أجل نقطة محورية جداً وهي تعزيز مؤسسات الدولة الصومالية وتمكين الجيش الصومالي الفيدرالي من حماية حدوده البرية والبحرية"، مضيفة أنها "جاءت أيضاً وسط تجاذبات في منطقة القرن الأفريقي وسعي إثيوبيا لتوسعة نفوذها عبر نشر قواتها في المنطقة تحت لواء الاتحاد الأفريقي، ورغبتها في الوصول إلى منفذ مستقر على البحر الأحمر بالمخالفة للشرعية الدولية وغياب الاتفاق مع الدول ذات السيادة، بعد اكتمال بناء سد النهضة الذي يشكل تهديداً وجودياً لكل من مصر والسودان". ومن وجهة نظر مرعي، فإن سد النهضة "هو الذي أثر على مجريات التوتر في منطقة القرن الأفريقي ككل، لأن هذا التوتر انعكس على الصومال وجيبوتي وإريتريا والسودان".

نجلاء مرعي: التنسيق بين الدول الثلاث سيكون له دور في استعادة حركة الملاحة الطبيعية في مضيق باب المندب

وأوضحت مرعي أن "الخلاف بين مصر وإثيوبيا، دفع أقاليم انفصالية مثل إقليم أرض الصومال إلى استغلاله، ودخلت جيبوتي على خط هذا التوتر حيث عرضت على إثيوبيا إنشاء قاعدة على البحر الأحمر، ما جعل إريتريا تدخل على خط الأزمة، عندما هددت جيبوتي ورفضت الوجود الإثيوبي على البحر الأحمر".

وحول ما وصفتها بـ"حرب الموانئ"، قالت الخبيرة الأفريقية إن هناك "تخوفاً مصرياً وإريترياً من السلوك الأحادي العدواني الإثيوبي". وشرحت أنه "إذا كان هناك وجود إثيوبي في ميناء بربرة في إقليم أرض الصومال، فسيؤثر ذلك تأثيراً مباشراً على مستقبل العلاقات التجارية بين إثيوبيا وإريتريا، لأن الأخيرة ستفقد أوراقاً مهمة، ومدخلاً من مداخل الاقتصاد المهمة، وسيهدد أمنها ولذلك تمنع إثيوبيا من الوجود على البحر الأحمر". وأضافت أن "هذا التنسيق بين الدول الثلاث سيكون له دور في استعادة حركة الملاحة الطبيعية في مضيق باب المندب".

بدوره، اعتبر الكاتب السوداني، فيصل يوسف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "زيارة  السيسي إلى إريتريا، جاءت في وقت بالغ الأهمية بالنسبة لمنطقة القرن الأفريقي الذي هو على وشك الانفجار والحرب ما بين الأطراف كافة"، مضيفاً أن "الأوضاع المتوترة في السودان وإثيوبيا والصومال وجيبوتي وكل هذه الدول التي باتت على خط النار، كانت نتيجة التصرفات المتنامية من إثيوبيا، ومحاولتها للسيطرة على اتجاهات عدة، وهذا ما لا تقبل به مصر، لأنه يضر بأمنها القومي والمائي". وبالتالي، برأيه، فإن "هذا الحراك المصري يأتي في هذا التوقيت بهدف الحفاظ على الأمن المصري، وكذلك دعم الأشقاء الأفريقيين الذين هم يعطون مصر أهمية كبيرة في هذه المرحلة، وينشدون الدعم في كل النواحي من مصر لتجاوز هذه الأزمة"، وفق تعبيره. وتابع يوسف: "إثيوبيا تعبث في جيبوتي على حدود إريتريا، ومصر وجهت قوات عسكرية في بحر الصومال وفي أرض الصومال، وبالتالي نحن أمام حشد عسكري وأمني من قبل جميع الأطراف، وهذا ما قد يؤهل المنطقة إلى حرب كبيرة".

 

المساهمون