وافق مجلس النواب المصري، اليوم الأحد، على مجموع مواد مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن تعديل قانون المحكمة الدستورية رقم 48 لسنة 1979، تمهيداً لأخذ الموافقة النهائية على تعديل القانون في جلسة لاحقة، والهادف إلى منح المحكمة حق الرقابة القضائية على دستورية قرارات المنظمات والهيئات الدولية، وأحكام المحاكم وهيئات التحكيم الأجنبية، المطلوب تنفيذها في مواجهة الدولة المصرية، والحكم بعدم الاعتداد بمثل هذه القرارات، أو بالالتزامات المترتبة على تنفيذها.
وكما حدث مع تعديل قانون شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة، والذي يمنح ضباط الجيش العديد من الامتيازات المالية الجديدة؛ طلب الأمين العام للمجلس أحمد عزت مناع من الصحافيين البرلمانيين عدم نشر خبر الموافقة على قانون المحكمة الدستورية، ما دفع العديد من المواقع الإخبارية الموالية للنظام إلى حذف الأخبار الخاصة بالقانون بعد نشرها.
وقال رئيس لجنة الشؤون التشريعية في البرلمان، النائب المعين إبراهيم الهنيدي، إن قانون المحكمة الدستورية خلا من نص يتضمن اختصاصها إزاء النظر في القرارات الدولية التي يمكن أن تؤثر على الأمن القومي المصري، مستطرداً بأن التعديل منح المحكمة اختصاصاً جديداً حول دستورية قرارات المنظمات والهيئات الدولية وأحكام المحاكم الأجنبية المطلوب تنفيذها في مواجهة الدولة المصرية.
بدوره، زعم وزير شؤون المجالس النيابية علاء الدين فؤاد أن تعديل القانون استهدف حماية الأمن القومي المصري، من خلال التعامل الإيجابي مع قرارات المنظمات والهيئات الدولية في ضوء المصالح الوطنية، مضيفاً أن الجمعية العامة للمحكمة الدستورية هي القائمة على شؤونها، ووافقت على تعديل القانون، بما يمثل دليلاً على أنه لا يحمل مخالفة دستورية.
وتابع فؤاد: "ردد العديد من النواب كلمات عن تشويه القانون سمعة مصر في الخارج، وأؤكد أن الحكومة لن تتقدم بتشريع يشوه من سمعة مصر الدولية"، مستكملاً "التعديل شمل بعض الضمانات ممثلة في قصر طلب وقف تنفيذ الأحكام أو القرارات الدولية، المقدم إلى المحكمة الدستورية للنظر فيه، على رئيس مجلس الوزراء؛ مع العلم أن المحكمة الدستورية هي أعلى سلطة قضائية في البلاد".
من جهتها، أعلنت النائبة أميرة أبو شقة رفضها تعديل القانون بقولها إنه "يمس سمعة مصر في الخارج، بعد 7 سنوات من محاولات عودة دورها الإقليمي، في أعقاب ثورة 30 يونيو (انقلاب 3 يوليو/تموز 2013)، وتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي" متابعة "هذا القانون بمثابة تأميم مستتر، ولن يقتنع به أحد في الخارج".
وزادت أبو شقة: "نحن نتحدث مع بعضنا البعض، والحفاظ على سمعة مصر الدولية يجب أن يكون شاغلنا الأول"، مضيفة "اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها وقعت عليها 196 دولة، ومن بينها مصر، وهي اتفاقية تساوي ميثاق الأمم المتحدة من حيث العدد، وبالتالي لا يمكن القول إننا لن نلتزم بما جاء فيها".
وختمت قائلة: "لدينا أرصدة كثيرة في الخارج، وبمجرد تنفيذ القانون، سيتم الحجز على الممتلكات المصرية خارج البلاد، بسبب التشريع الذي يمنح المحكمة الدستورية الحكم بعدم الاعتداد بقرارات التحكيم الدولية، أو بالالتزامات المترتبة على تنفيذها".
وطرحت الحكومة المصرية التعديل بغرض تمكينها من وقف تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة عن محاكم ومنظمات وهيئات دولية ذات طبيعة سياسية أو قضائية في مواجهة الدولة المصرية، أو التي ترتئي السلطة الحاكمة في مصر أنها تخالف الدستور أو التشريعات المحلية.
واستهدف التعديل قطع الطريق على أي حكم ضد مصر، أو قرار ملزم لها بأداء مستحقات، أو تعويضات مالية، أو أدبية، أو الالتزام بنصوص معينة من معاهدات دولية، أو توقيع عقوبات تتطلب رفع الضرر الواقع على أشخاص، أو أطراف أو جهات، من خلال تقدم رئيس الوزراء بطلب إلى المحكمة الدستورية لوقف تنفيذ تلك الأحكام أو القرارات بذريعة مخالفتها للدستور المصري.
ويعد التعديل مخالفاً بشكل صريح لاتفاقية فيينا، التي وقعت مصر عليها، بشأن المعاهدات الدبلوماسية، والحاكمة لجميع اتفاقيات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، والتي تسمح للدول بالتحفظ على بعض مواد أو بنود الاتفاقيات التي توقع عليها، ليكون تنفيذها مقيداً بالنصوص الدستورية المحلية. لكنها تحظر وقف تنفيذ القرارات والأحكام الخاصة بتلك الاتفاقيات، أو المترتبة عليها بأحكام قضائية محلية.