أعلنت كتل في البرلمان الجزائري، اليوم الاثنين، أنها تحتفظ بكامل حقوق الرد على ما وصفته بـ"تجاوزات" البرلمان الفرنسي، بما في ذلك تحريك الآليات القانونية وإصدار قوانين رادعة للتدخل الفرنسي، فيما تجددت الدعوات إلى التعجيل بإصدار قانون تجريم الاستعمار، الذي ما زال مسودة قيد النقاش بين الكتل النيابية.
ودعا رئيس الكتلة البرلمانية لـ"حركة مجتمع السلم" أحمد صادوق الكتل النيابية الخمس الأخرى، التي تمثل "جبهة التحرير الوطني" و"حركة البناء الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي" و"صوت الشعب" و"جبهة المستقبل"، إلى استغلال التوافق السياسي الحاصل بشأن الموقف من باريس للتعجيل بتمرير قانون تجريم الاستعمار الفرنسي وإصداره.
وقال صادوق، في ندوة نظمها البرلمان بعنوان "البرلمان الفرنسي.. كفى حروبا بالوكالة"، إن "الظرف مناسب جدا لإصدار هذا القانون، الذي يتضمن بنودا تشدد على التمسك بحق الجزائر في مطالبة الدولة الفرنسية بالاعتراف بالجرائم التي ارتكبت في حق الجزائريين خلال حقبة الاحتلال (1830-1962)، وتقديم الاعتذار باسم الدولة الفرنسية وتعويضات مادية، كما يتضمن منع وحظر أية إشادة بالاستعمار، ردا على قانون تمجيد الاستعمار الذي أصدره البرلمان الفرنسي عام 2007".
وأخفق البرلمان الجزائري، في مناسبات سابقة طُرح فيها مشروع قانون تجريم الاستعمار، في إصداره، بسبب رفض السلطة السياسية والرئاسة الجزائرية لذلك في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لكن بعض الكتل النيابية سعت مجددا إلى إعادة طرحه تزامنا مع الأزمة السياسية والدبلوماسية الجديدة بين الجزائر وباريس، على خلفية تصريحات مثيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفى فيها وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار.
وحث رئيس كتلة "حركة مجتمع السلم" الحكومة على "اتخاذ مزيد من الخطوات الشجاعة لتحرير الإدارة والمؤسسات الحكومية من استعمال اللغة الفرنسية"، مشيرا إلى أن "باريس تستغل هيمنة اللغة الفرنسية لصالحها، لكونها لغة تتضمن محمولا أيديولوجيا".
وشدد على ضرورة "إضعاف اللوبي الفرنسي المتغلغل في الإدارة والإعلام والاقتصاد"، ودعا إلى "مراجعة الشراكة الاقتصادية مع فرنسا وتوجيهها نحو دول أخرى تراعي مصالح الجزائر وتتعامل بندية، ودون خلفيات استعمارية".
وقال في هذا الصدد: "يجب الضغط والتضييق على اللوبي الفرنسي الموجود في الجزائر وقلبه معلق بفرنسا، فرنسا اليوم حامية لرؤوس الفتنة في الجزائر وللحركات المصنفة إرهابية".
وتأتي هذه الندوة النيابية على خلفية فتح لجنة في البرلمان الفرنسي حلقة نقاش شارك فيه ناشطون وحقوقيون جزائريون يعارضون السلطة، جرت خلالها مناقشة قضايا حقوق الإنسان والتضييق الحاصل على الحريات وحق التظاهر من قبل السلطة في الجزائر، والاعتقالات والملاحقات القضائية التي تطاول الناشطين المعارضين.
وفي سياق الرد على المواقف الفرنسية الأخيرة بحق الجزائر، قال رئيس الكتلة النيابية لـ"التجمع الوطني الديمقراطي" محمد الطويل إن "الخطوات الأخيرة، التي اتخذتها بعض الوزارات والقطاعات الوزارية لاستبعاد اللغة الفرنسية وتعميم استخدام اللغة العربية لغةً وطنيةً، تأتي في سياق تكريس السيادة الوطنية"، وذلك تعليقا على قرار وزارة الشباب والرياضة والتكوين المهني والعمل حظر استخدام الفرنسية في الوثائق والمراسلات الرسمية.
وحث الطويل على تسليط عقوبات اقتصادية، فيما استغرب رئيس الكتلة النيابية لـ"جبهة المستقبل" فاتح بوطبيق فتح البرلمان الفرنسي نقاشا حول قضايا تخص الداخل الجزائري، مشيرا إلى أن "التفسيرات الموضوعية تذهب إلى اعتبار ذلك تعبيرا عن قلق فرنسي من عودة الجزائر إلى المشهد الإقليمي".